غارقون في الخطيئة


د. فوزية البدواوي | سلطنة عُمان

"لجميع المبتزين في هذا العالم...
ألا تملكون عملا آخر؟
متى ماتت ضمائركم؟"
هكذا بدأت الكاتبة فوزية البدواوية كتابها "غارقون في الخطيئة" والذي يشمل على خمسة عشر قصة واقعية خفيّة الأسماء ولكن شخوصها تكاد جليّة نراها في كل مكان، وقد أكدت الكاتبة أن موضوع الابتزاز أشمل وأوسع من مجرد تلقّي تهديدات من وراء شاشة الحاسوب أو الجهاز النقّال، وتحقيق أهداف المبتزّ كالحصول على المال أو الجنس أو أيّ غرض آخر، فالابتزاز أمر نراه كل يوم ونسمع عنه كل ساعة وربما نتعرض له دون أن نشعر، ونمارسه على الآخرين أيضا، كمثل الابتزاز العاطفي الذي يمارسه الآباء على الأبناء، والمعلمين على الطلاب، والإخوة الكبار على الإخوة الصغار، وحتى بين الأزواج وبين الأصدقاء، وهذا ما نسميه بالابتزاز العاطفي، أي تهديد الشخص الآخر بالتوقف عن منحه شعور معين، كالحب أو الرضا أو الاحترام أو المساندة، أما القصص فقد جاءت ضمن نطاق الجريمة الالكترونية "الابتزاز الالكتروني".
وقد أشارت الكاتبة أن الابتزاز الالكتروني هو قضية العصر، وقد أشغلت بال الكثيرين، وقد وقع ضحية لذلك الكثير من الشباب والفتيات والأطفال كذلك، وحتى أصحاب المناصب الكبيرة، وأصحاب الشهادات التعليمية العالية، وقد شعرت بمسؤولية التثقيف حول هذا الموضوع كونها كاتبه، فإن لم تكتب هي وزملائها حول هذا الموضوع، من عساه يفعل؟!
"غارقون في الخطيئة" هو اسم مُلفت للانتباه، وفي نفس الوقت معبّر لمضمون الكتاب حيث أن الشخص الذي يتعرض للابتزاز يشعر بالخزي والعار وكأنه غارق من رأسه لأخمص قدميه في الخطيئة _هذا بالطبع نظرة المجتمع له_ مما يجعله يواصل الصمت والرضوخ للمبتزّ وربما اللجوء لطرق محرّمة وتكرار الخطأ حدّ الغرق في القاع.
القصص شملت انتحال شخصيات من أجل اقناع الضحية بإرسال الصور، وقد جاء الانتحال إمّا على هيئة شخص مقرّب لديك أو على هيئة صاحب مهنة كالطبيب مثلا لإقناع الضحية بإرسال المعلومات والبيانات الشخصية وتصوير أجزاء مكشوفة من الجسم، وقد جاءت بعض القصص إما وقائع ابتزاز مقصودة بمعنى أنها مستهدفة للإطاحة بشخص معيّن، وبعضها بصفة عشوائية من أجل كسب المال، الكتاب تطرّق للكشف عن حيّل المبتزين وألاعيبهم، واستغلالهم لمواقع التواصل الاجتماعي من أجل استغلال الضحايا، وقد كان من ضمن هذه البرامج، (اختراق الواتساب واستخدام برامج الإيمو والسكايب، والسناب شات وغيرها الكثير.
ومن ضمن مقتطفات الكتاب "نحن لا نكتب بسلبية، نحاول ترجمة الواقع فحسب" وقد اختتمت الكاتبة كتابها ببعض الكلمات المعبّرة التي تحث على تقبّل الآخرين بعيوبهم ومحاسنهم، ومحاولة انتشالهم من مستنقع الابتزاز والخطيئة "في داخل كل منّا جانب نقي صالح لأن يراه الآخرون، وجانب آخر سوداوي، وشيطاني يفضّل أن يحتفظ به لنفسه، ولكن صوت الضمير يفضحنا، يلومنا، يجلدنا، يتهمنا بالتقصير والعقوق والبخل والكسل والاهمال، وكل ما يؤثر على كمال أعمالنا وواجباتنا".
 
 

 

تعليق عبر الفيس بوك