الكاتب العماني يخجل من تسويق كتابه


د. فوزية البدواوي روائية عُمانية وطبيبة أسنان

للتواصل مع الكاتبة على الانستجرام وتويتر @foz_bd93

عند البحث عن معنى كلمة الخجل سواء في محرك البحث أو عند سؤال أيّا كان فإنه يعتبر مُشكلة اجتماعية وقد تتطور لتصبح مشكلة نفسية، فالشخص الخجول يواجه مشكلة في تكوين علاقات مع الآخرين، ومشاكل أخرى في الاندماج معهم، وعندما نبحث عن أسباب المشكلة فنجد أن أصولها يعود إما لردّة الفعل السلبية للمجتمع، أو قصور في ثقة الشخص بنفسه، وعلى هذا النهج نقيس خجل الكاتب، أن يظن الكاتب العماني بأن عمله الأدبي لا يرقى لأن يحصل على الترويج والتسويق فهذا تواضع منه، ورغبة منه بتحقيق الأفضل والمزيد، أمّا أن يظن بأن العملية التسويقية هي قصر على دار النشر فقط، فهنا تكمن المشكلة بل الكارثة، وأنا أسألك أيها الكاتب الذي تظنّ بأن مهنتك تقتصر على الكتابة والتأليف فقط، وبأن دورك ينتهي عند تسليمك الكتاب لدار النشر، وبأنه لا يليق بك أن تخبر القارئ عن كتابك ولو القليل، لأن هذا سيسقط من (هيبتك) وسيهين (كرامتك)، سأسألك الآن: هل عندما جئت لدار النشر بكتابك لطباعته وتسويقه جئتها متسوّلا، أم طالبا المساعدة؟ حتى وإن كان على حسابك الخاص، فأنت بحاجة لخدمة منهم، وسأسألك سؤالا آخر: هل ستعرف دار النشر بأنك كاتب ولديك عمل أدبي لتقدّمة للقارئ ما لم تأتِ إليها بكتابك؟ هل أسقط هذا شيئا من هيبتك، هل أهان كرامتك؟
أنت لديك ثروة علمية/ أدبية تريد تقديمها للقارئ، والكاتب برسالته معلّم، والمعلم بدوره رسول. لذا فمحاولة وصولك لعقل القارئ، وتسويقك لكتابك لا ينتقص من كرامتك ولا يقلل من أهمية كتابك، بل أنك ستخسر كثيرا إن ظل كتابك مهملا منسيا على إحدى الرفوف، وستجد يوما أنه كان مشروعا فاشلا، مجرد إضاعة وقت وورق، وهدر طاقة وجهد إن لم  يحقق الانتشار الذي ترجوه، ولكن إن حدث العكس فهذا سيكون دافعا لك للمزيد، لكتابة المزيد، وأنت ككاتب إن وصل كتابك لأكبر شريحة ممكنة فهذا يعني تلقّي المزيد من النقد البنّاء والآراء من أجل تطوير أعمالك المستقبلية، أنت مُختار كونك تمتلك ملكة الكتابة، أنت تملك شيئا إضافيا عن البقية، شيئا مميزا، فلا تترك المجال لأقوال الآخرين ونظراتهم المستبّدة بمن يسوّق كتابه على أنه كبائع آخر يبتغي من بيع بضاعته الربح وحسب، لا تجعل نظراتهم إليك تثنيك عن ذلك، لأنك في عالم تشتدّ فيه المنافسة، والناس تنظر لكل لامع وبرّاق، إذن أنت تحتاج أن يكون كتابك مصدر حوار ونقاش، وموضع أهمية، تحتاج لأضواء الشهرة ومواقع التواصل الاجتماعي حتى يصل كتابك لأكبر شريحة ممكنة، فالشهرة هي وسيلة لا غاية، وأنا لا أخصّ اللوم لك وحدك، بل للقارئ أيضا الذي يفتقد للذائقة الانتقائية فيما يقرأ، وهذا شأنه فكما تتعدد أهداف الكتّاب من رغبة في إيصال الرسالة أو تحقيق الشهرة أو طمعا في المال، فكذلك تتعدد أهداف القارئ من شراءه للكتاب، فليس كل من يشتري كتابا فهو يعدّ قارئا، هناك من يشتريه مجاملة للكاتب، وهناك من يشتريه حتى يلتقط صورة (سيلفي) مع الكتاب أو الكاتب وهذه مجاملة أيضا، ولكن من نوع فاخر لأن الكاتب هنا أو الكتاب مشهور جدا وقد تصدّر قائمة الأكثر مبيعا، والقارئ بتصويره للكتاب يكون قد ساهم في النجاح الذي لا ناقة له فيه ولا جمل.
وفي نهاية المقال أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت لزملائي/ زميلاتي، وقد استثني منهم البعض، فما ذكرته سابقا لا ينطبق على الجميع، وعلى الرغم من أني سأواجه هجوما لا بأس به حول ما كتبت، فهذا تأويل رؤياي، ولكن لأكن واضحة وأعطيكم إيّاها (من الآخر) فأنا لم اكتب المقال استنقاصا من قدرة الكاتب العماني، ولكن رغبة في شحذ الهمم، والوصول إلى درجات أعلى، وهذا ليس إلا غيرة على الكتاب العماني، والكاتب العماني، أما بالنسبة للتساؤلات التي ستطرح نفسها كمثل: لماذا جاء مقالي/ رسالتي أيّا كانت للكاتب العماني على وجه الخصوص؟ وإن كانت بهدف شحذ الهمم فالأفضل أن لا يأتي ناقدا لفئة معينة، فستكون إجابتي أنه حتى تتحرك مشاعر الغيرة قليلا، وأنا أقصد بالغيرة على الوطن وعلى ثرواته الأدبية، وحتى تتحرك مشاعر الغبطة أيضا ويبدأ الكاتب العماني حينها بالتخطيط  والتنفيذ، فمقالي هذا ما هو إلا شعلة أو ربما نقطة بداية لمشوار صعود الكاتب/ الكتاب العماني.

 

تعليق عبر الفيس بوك