"فايننشال تايمز": اقتصاد فيتنام يزدهر مع تفاقم "الحرب التجارية"

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قال تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز الاقتصادية البريطانية إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعود بالفائدة على فيتنام، أكثر من أي دولة أخرى في آسيا؛ حيث يلجأ المصنعون والمشترون والمستثمرون إلى تغيير مسار سلاسل الإمداد بعيدا عن الصين.

وقال فوك لو وهو صاحب مصنع كبير للملابس: "إن الحرب التجارية يمكن أن تجعل الأمور أفضل بالنسبة لفيتنام، وليس فقط فيتنام ولكن تايوان وكوريا وميانمار ولاوس وكمبوديا وبنجلاديش، الذين يجيدون  صناعة المنسوجات أيضًا". وأضاف "لهذا السبب نستثمر الكثير".

وارتفعت واردات الولايات المتحدة من فيتنام بنحو 40 % في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لتحليل صحيفة فايننشال تايمز للبيانات الصادرة عن لجنة التجارة الدولية بالولايات المتحدة، كان هذا أعلى ارتفاع بين أكبر 40 مستوردًا للولايات المتحدة. وخلال نفس الفترة، انخفضت الواردات الأمريكية من الصين بنسبة 13%، وهو ثاني أكبر انكماش منذ عام 2009.

وترى الصحيفة أن هذا التحول يرفع المبيعات لدى المصنعين والموردين الفيتناميين، ليس فقط في مجال المنسوجات، ولكن في مجموعة من القطاعات الأخرى التي تتراوح من المأكولات البحرية إلى الموصلات الكهربائية؛ حققت القطاعات التي فرضت فيها الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على نظرائهم الصينيين أكبر المكاسب.

وفي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، زادت واردات الولايات المتحدة من الهواتف المحمولة من فيتنام بأكثر من الضعف على أساس سنوي، في حين تقلصت الواردات من الصين بنسبة 27%، وفقا لبيانات من لجنة التجارة الدولية للولايات المتحدة USITC. وخلال نفس الفترة، ارتفعت واردات صناعة الكمبيوتر الأمريكي من فيتنام بنسبة 79 %، مقابل انخفاض بنسبة 13% في الواردات الصينية.

وقال فو نجوك خيم المدير القطري في فيتنام لجلوبال سورسز Global Sources، وهي شركة تهدف إلى ربط الموردين العالميين بالمشترين: "أرى في الوقت الحاضر الكثير من المشترين من الصين ومن بقية العالم يبحثون عن مصادر بديلة من فيتنام ودول أخرى مثل كمبوديا". وأضاف أن تجار التجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا الذين يكثفون مشترياتهم في فيتنام هم Zara ،OBI ،Target ، Home Depot ، ومجموعة المنتجات التي يشترونها تشمل الحقائب والملابس والأحذية ومنتجات الصلب والألمنيوم.

وبالنسبة إلى الشركات الفيتنامية مثل Minh Phu Seafood، أكبر منتج للروبيان في فيتنام، فإن "الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستخلق العديد من الفرص لنا لتوسيع أعمالنا"، حسبما قال لي فان كيانج مؤسسها ورئيسها التنفيذي. وأضاف أن المنافسين الصينيين للشركة اعتادوا على استيراد المنتجات الخام من فيتنام والهند لمعالجتها محليًا وتصديرها إلى الولايات المتحدة، لكنهم توقفوا عن القيام بذلك منذ أن قضت الرسوم الجديدة على هوامش أرباحهم. وارتفعت واردات الولايات المتحدة من الأسماك من فيتنام بأكثر من 40% في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، في حين انخفضت الواردات من الصين.

وتستفيد فيتنام بشكل خاص لأنها تبيع العديد من المنتجات التي تضررت من الرسوم الجمركية.

وقال ياسويوكي ساوادا كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الآسيوي: "إن فيتنام دولة تحلق بعيدا، والسبب في ذلك هو أنها تصادف بيع الكثير من نفس السلع التي تخضع للرسوم الجمركية في الصين".

وقدّر بنك التنمية الآسيوي أن فيتنام ستحقق مكاسب تراكمية تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي على مدار ثلاث سنوات إذا زاد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وتسارعت وتيرة الحرب التجارية في اتجاه طويل الأمد؛ حيث أنشأت بعض الشركات - الصينية والأمريكية وغيرها - مصانع في فيتنام للهروب من ارتفاع الأجور ونقص العمالة والأنظمة البيئية المشددة في أماكن أخرى. وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في فيتنام رقماً قياسياً يقدر بـ18 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة تقارب 20 نقطة مئوية لتصل إلى 58% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزةً معظم دول جنوب شرق آسيا.

ومع ذلك، فإن المصنّعين وصانعي السياسات الفيتناميين لا يرون أن الحرب التجارية كانت بمثابة فوز غير محسوب. فقد ارتفع الفائض التجاري بنسبة 43% الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، بعد الصين والمكسيك واليابان وألمانيا فقط.

وسعى بعض المصدرين إلى الاستفادة من مكانة فيتنام كملاذ آمن نسبي من خلال إعادة تسمية البضائع الصينية باسم "صنع في فيتنام"، وهي ممارسة تعهدت إدارة الجمارك في فيتنام في وقت سابق من هذا الشهر باتخاذ إجراءات صارمة ضدها.

وتقول الصحيفة إن تحقيق التوازن بين العلاقات مع القوتين العظميين بات الشغل الشاغل للمُصنعين الفيتناميين، الذين يشعرون بالقلق من عدم القدرة على التنبؤ بالحرب التجارية وتصرفات ترامب.

وتستثمر الشركات التجارية الفيتنامية في المصانع أو الأسهم دون معرفة كيف أو ما إذا كان سيتم حل النزاع. فقد تنتهي الحرب التجارية بين الصين وأمريكا في نهاية هذا العام أو قد تستمر. وإذا انتهت ماذا سيحدث لفيتنام؟ لا يوجد اتفاق تجاري بين فيتنام والولايات المتحدة، والكل يخشى من تلك الحرب التجارية حتى من يستفيد منها أيضا.

تعليق عبر الفيس بوك