القلق آثاره ومعالمه

 

 

جابر حسين العماني

 

مر عالمنا الإسلامي بقلق عظيم، باتت معالمه واضحة للجميع، فهناك قلق على الرزق، وقلق على الثروة، وقلق على الأمن، وقلق على الاطمئنان، والقلق كما قيل كالملح في الطعام، إذا زاد عن حدّه انقلب ضده.

إذا كان القلق في حياتنا اليومية بحد معقول فهو حتماً ضروري، ويحتاج إليه الإنسان، ولكن إذا زاد عن حدّه الطبيعي فلن يعود على الإنسان إلا بالخيبة والفشل والشقاء، وهذا ما لا ينبغي أن يكون في حياة الإنسان.

على الإنسان أن يواجه القلق ليشعر بطعم السعادة الاجتماعية والأسرية، فهناك من لا يقلق، فهو ساذج، وهناك من يقلق، وهو مبالغ في قلقه، والمبالغة في القلق هي من إحدى معاول تدمير النفس والأسرة والمجتمع.

فلا بد للإنسان أن يتعرّف كيف يواجه القلق المبالغ فيه في حياته الأسرية والاجتماعية.

كيف نعالج القلق؟

هناك مجموعة من الطرق والسبل لمعالجة القلق فمن أهم تلك الطرق المجدية التالي:

1 - عليك أن تنظر إلى واقعك بعين الرضا، سواء كان ذلك الرضا عن الأسرة أو المجتمع أو العمل أو المال أو كل شيء وهبه الله لك، والأهم من كل ذلك هو الرضا عن الله تعالى، قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه) فلا بد من الرضا عن كل شيء حباك الله به، سواء كان ذلك الشيء نقمة وابتلاء عليك، أو نعمة ورخاء لك، واعلم أن إحدى السبل التي توفر لك السعادة الإنسانية هو رضاك بما قدره الله لك، ذلك الرضا الذي من شأنه إبعاد القلق من واقعك الاجتماعي.

2 - كن طموحاً بقدر ما تستطيع، وثابر للوصول إلى أهدافك المرسومة بدقة وحنكة وعلم، واعلم أنّ كل ما ستصل إليه من إنجازات ونجاحات في حياتك الأسرية والاجتماعية تتطلب منك الشكر العظيم لخالقك، وهو الله سبحانه وتعالى، واعلم أنّ ما من أحد يصل إلى النجاح والتوفيق ويشكر الله تعالى على ما حباه إلاّ وابتعد عنه القلق، وكان أقرب إلى السعادة والسرور.

3 - لا تحقد على أحد من الناس مهما كانت الظروف التي تمر بها، فالإنسان الحاقد لا يشعر بطعم السعادة والسرور، بل يعيش القلق المبالغ فيه على الدوام، ذلك أنّ الله عز وجل جعل الحقد من علامات ضعف الإيمان.

4 – لا تتذكر الماضي ولا تعيشه مهما كانت أيامه ولياليه، بل عش الحاضر، وكن مخططاً للمستقبل، واعلم أن استذكار الماضي وما فاتك فيه من توفيق وفرص لن تغير من واقعك شيئاً، فما مضى فات، والمؤمل غيب، ولك الساعة التي أنت فيها.

قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.

 

وقال أحد الشعراء الحكماء:

دع المقاديرَ تجري في أعَنّتها

ولا تبيتنّ إلا خاليَ البالِ

ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها

يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ

 

وأخيراً علينا أن نعلم أنّ القلق ليس بالضرورة يكون مرضاً، فمقياس القلق هو ما يؤثر على حياة الفرد في المجتمع، فإذا كان القلق يؤثر في الإنسان ويدفعه لحياة العطاء، فهو عطاء وجمال وسكينة على الفرد، وإن كان يؤثر سلباً على الإنسان، فهو مرض وعلة، وإن كان تأثيره بين هذا وهذا، فهو حتماً سمة من سمات الشخصية الإنسانية التي قد تدفع بصاحبها إلى العطاء أو قد تقوده إلى المرض، فعليه ينبغي للإنسان أن يكون قريباً من ذكر الله تعالى، ليكون قلبه مطمئناً، بعيداً عن  القلق المبالغ فيه، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) صدق الله العلي العظيم.