اليمن.. الحرب وطول الأمد

علي بن بدر البوسعيدي

مؤكد أنّ ما تعرض له مطار مدينة أبّها السعودية من قصف على يد الحوثيين في اليمن يجد الشجب والإدانة من كل دعاة السلام في المنطقة والعالم، فالفعل يزيد من الشقاق بين الأطراف المتحاربة ولا يخدم عملية السلام في شيء؛ بل يؤجج النزاع، ويزيد من حدته، وبالتالي تتضاءل أمامه فرص الوصول لسلام شامل قريب في اليمن السعيد.

قد يجد البعض تبريرا للقصف بحسبان أنّ طيران التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن والمساند لحكومة الرئيس هادي أقدم مسبقا على قصف المدنيين العزل أو المدارس والمستشفيات اليمنية.. لكن ماذا بعد كل هذا؟ هل سيستمر القصف المتبادل طويلا؟ ومتى توضع عملية السلام في مسارها السليم وينزع فتيل الحرب المستعرة منذ نحو 5 سنوات؛ عانى فيها الشعب اليمني ويلات التشرد والقتل والأوبئة والفاقة.

القاصي قبل الداني يعلم أنّ خيار الحسم العسكري على أرض المعركة لم يعد الخيار المثالي؛ فعمليا لم يحرز جيش التحالف تقدما عسكريا على الميدان أو نصرًا حاسما لصالحه، وكذلك الحوثيون؛ فموقفهم لا يختلف كثيرا عن موقف الطرف الآخر؛ لذا أصبح الخيار المنطقي الوحيد أن يحتكم الطرفان لصوت العقل والجنوح للسلم ووقف الحرب نهائيا بلا رجعة؛ وحتى يتحقق ذلك لابد للأطراف التحلي بالإرادة السياسية والوطنية، وخلع رداء الحرب ووضع السلاح جانبا، والجلوس على مائدة واحدة يكون بندها الأول مراعاة مصلحة تراب اليمن وبنيها الكرام، فاليمن أرومة العرب ومهدها الأول وأرض الحضارات القديمة تكابد وتئن الآن تحت قصف القنابل وآلات الحرب الغاشمة.. فالعالم المحب للسلام كله يدرك أنّ الوقت قد حان لإنهاء الصراع وفتح صفحة جديدة في أرض سد مأرب

لا يفوتني ختامًا أن أذكّر اليمنيين بالانتباه لدعوة الرئيس الأمريكي ترامب للكونغرس الأمريكي - بعد ساعات من إطلاق الصاروخ على مطار أبها- بإرسال قوة عسكرية لمحاربة تنظيم القاعدة في جنوب اليمن، فهذا القرار يمكن أن يكون ذريعة لمزيد من الدمار والصراع؛ لذا على اليمنيين التحلّي بالذكاء وتفويت الفرصة على المتربصين الذين يسعون لإطالة أمد الحرب طمعاً في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.