"فايننشال تايمز": "صفقة القرن" عملية احتيال مكتملة

...
...
...

 

ترجمة- رنا عبد الحكيم

أكد ديفيد جاردنر محرر الشؤون الدولية في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن "صفقة القرن" التي تسعى الولايات المتحدة فرضها على الفلسطينيين بدعوى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ليست سوى "عملية احتيال من البداية إلى النهاية".

وأوضح جاردنر أنه تم تأجيل الإعلان عن "صفقة القرن" التي ظل الرئيس الأمريكي يتباهى مرات عديدة بأنها الحل لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي؛ حتى إن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رفضها بصفتها صفقة القرن القادم. وتوقع آخرون موت الصفقة فور إعلانها. ويرى الكاتب أن تلك الصفقة لم تكن يوما حلا. فلطالما بدا الأمر وكأنه دخان للتغطية على تحركات وأد حل الدولتين المتمثل في دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية المحتلة وغزة مع القدس الشرقية العربية كعاصمة تعيش في سلام، إلى جانب إسرائيل، وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لضم معظم الضفة الغربية.

ولا تزال الخطة التي وضعها جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، من المقرر الكشف عنها خلال شهر يونيو الجاري من خلال تنظيم ورشة عمل اقتصادي ترفع شعار "السلام من أجل الازدهار" والمقررة في البحرين. ومن المنتظر أن تضخ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مليارات الدولارات أمام الفلسطينيين وجيرانهم العرب، بدون تقديم أي حل سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقاطعة المحادثات منذ أن قرر ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واعتراف واشنطن بكل المدينة القدسية- بما فيها الشرق العربي المحتل- عاصمة لإسرائيل. ومنذ ذلك الحين أوقفت إدارة ترامب مساعداتها للسلطة الفلسطينية، وأغلقت مقر وفد منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأنهت كل التمويل الموجه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كما أيدت واشنطن سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

ويرى الكاتب أنه كانت هناك خطة حقيقية، وهي على الأغلب ستكون عبارة عن قائمة أمنيات اليمين الإسرائيلي المتطرف والتي تتضمن أيضا على شروط استسلام الفلسطينيين، وهي شروط "مُحلاة" بدولارات النفط الخليجية من وجهة نظر كوشنر. والسؤال هنا ما الذي يفترض أن يقبله الفلسطينيون مقابل هذه الدولارات؟

في غزة حيث يوجد مليونا فلسطيني يقبعون في قطاع صغير من الأراضي تحاصره إسرائيل من الشمال والجنوب، وحسب التسريبات سيمتد هذا القطاع إلى الجزء الشمالي من شبه جزيرة سيناء في مصر. وفي الضفة الغربية ستضم إسرائيل مستوطناتها وتربطها ببعضها، وذلك يعني منح معظم الأراضي المحتلة إلى 450000 مستوطن يهودي في الضفة الغربية، و200,000 مستوطن يهودي في القدس الشرقية العربية، وبالتالي تشرد حوالي 46% من الفلسطينين أي ما يعادل 3 ملايين فلسطيني. أما بالنسبة للقدس، فيمكن للفلسطينيين أن يتخذوا بلدة أبو ديس الواقعة على أطراف مدينة القدس، عاصمة لهم ويسمونها ما يريدون.

وبحسب كاتب المقال، فقد تجاهل كوشنر في خطته التداعيات الإقليمية، فعلى الرغم من القبضة الحديدية التي يحكم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بلاده، إلا أنه عندما تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير غير المأهولتين في البحر الأحمر، إلى المملكة العربية السعودية- وهي أراض صغيرة على الخريطة مقارنة بتلك الصفقة- واجه معارضة في البرلمان الموالي له، فضلا عن أحكام قضائية مناهضة لاتفاقية التنازل. فكيف سيكون الأمر في تلك الصفقة؟

أما الأردن حيث غالبية السكان فلسطينيون بالفعل، يخشى أن تكون الخطة الحقيقية هي طرد المزيد من الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية. فلطالما تبني اليمين الإسرائيلي الرأي القائل بأن الفلسطينيين دولة بالفعل وهي الأردن.

وأقوى مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة غير مقتنعين بتلك الصفقة؛ إذ قال مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي "أعلم لماذا لن يؤيد تلك الصفقة سوى الإسرائيليين".

وقال ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: "ليس لدينا في الواقع رؤية تخص صفقة القرن، علينا أولا أن نفهم كم من الأرض ستعطى وبأي شروط ولماذا من المنطقي أن نفعل هذا ولماذا هي جيدة لإسرائيل وجيدة للمنطقة ولماذا لا يخلق الوضع المطروح مزيدا من المشاكل".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة