هل نمتلك أرشيفا رياضيا؟

أحمد السلماني

شاءت الأقدار في العام 2013 أن أسافر خلف منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم إلى المملكة الأردنية الهاشمية، المباراة التي خسرها الأحمر أمام شقيقه الأردني بهدف من فرصة ميتة، كلفنتا الخروج من التصفيات النهائية لكأس العالم، بعد أن كُنا قاب فوز أو  تعادل من التأهُّل التاريخي، صبيحة يوم المباراة توجهنا إلى اتحاد الكرة الأردني لاستخراج التصاريح الإعلامية.. النشامى -وكعادتهم- كانوا غاية في الكرم والنبل في استقبال ضيوفهم، أخذونا إلى قاعة كبيرة عبارة عن مكتبة؛ إذ إنَّ الزحام كان شديدا، ويومها تحول نصف سكان مدينة عمَّان إلى إعلاميين بقُدرة قادر، المكتبة هذه كانت تحوي كمًّا هائلا من الأشرطة المرئية والملفات، اقتربت كثيرا منها لأكتشف أنها تسجيلات لمباريات وفعاليات الكرة الأردنية منذ ثمانينيات القرن الفائت، وقبل ذلك؟ أجابوني نعترف بأننا تأخرنا كثيرا، وهذا فقط ما تمكنا من توثيقه.

تخيَّل عزيزي القارئ، في بداية ثمانينيات القرن الفائت ويقول تأخرنا!! "عجب إحنا مو نقول معنا؟"، أعتقد جازما أن المؤسسات الرياضية لدينا تعتمد على الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون وبعض المؤسسات الإعلامية الخاصة في التزود بأرشيف الفعاليات والمسابقات والبطولات والمباريات في حال احتاجت ذلك، ولكم أن تتخيلوا جميعا أنهم في الإذاعة والتليفزيون عليهم أن يؤرشفوا ويوثقوا 48 عاما من هذه الفعاليات لكافة مؤسسات وقطاعات الدولة والرياضة جزء بسيط منها.

اليوم أعتقد أننا بِتنا في حاجة ماسة وضرورة ملحَّة لوجود أرشيف رياضي وطني، وهذا يتطلب إطلاق مشروع وطني كبير تتعاون معه كل الجهات الرياضية الرسمية والخاصة للبحث والتحري والتقصي عن أرشيفنا المهدور والمتبعثر، ووضعه ضمن قالب منظم تختزله منظومة إليكترونية تسهل عملية الوصول إلى المعلومة وتضمن توثيقها.

إنَّ هذه الحقبة التاريخية التي تُلامس 5 عقود من عُمر نهضتنا الرياضية تعتبر كنزًا يُدرك قيمته وجماليته وأهميته زمرة المهتمين بالشأن الرياضي، كما أنه يعتبر قاعدة أساسية تربط الماضي بالحاضر من الأجيال الحالية والمستقبلية وتدفعهم نحو مزيد من الألق.

السنوات الأخيرة شهدنا طفرة كبيرة في توثيق وأرشفة الكثير من الوثائق والكنوز التاريخية التي تمثل إرث حضاري وتاريخي؛ وذلك عن طريق الهيئة العمانية للوثائق والمخطوطات لاستدراك ما تبقى من الإرث التاريخي الضخم والمهدور من تاريخ عمان الموغل في القدم والضارب في جذور التاريخ الإنساني على هذه البسيطة؛ وبالتالي يُمكن الاستفادة من إمكانيات وقدرات وخبرات الهيئة في مجال التوثيق والأرشفة بعد أن سخرت لها إمكانيات كبيرة وإن الموسوعة العمانية التي صدرت قبل سنوات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك قدرتنا على أن نوثق ونؤرشف تاريخنا بشكل عام ورياضتنا بشكل خاص.

رسالة لوزارة الشؤون الرياضية الموقرة بضرورة تبني وجود أرشيف رياضي وطني نقرأ منه الماضي لنستقرئ المستقبل، أبطال الماضي نبراس المستقبل.

تعليق عبر الفيس بوك