مشروع البطل الأولمبي!

المعتصم البوسعيدي

لقد جاء خبر تشكيل اللجنة الأولمبية العُمانية للجنة الرئيسية لمشروع البطل الأولمبي كأي خبر ليس له قيمة كبيرة في الوسط الرياضي؛ حيثُ بات الأمر مُملا وأشبه بقراءة البيانات المسوَّفة التي لا تستوجب الوقوف معها حتى يظهر آخرها وتصبح واقعا ملموسا ذا نتائج حقيقية ترضي الطموحات.

المشروع ليس وليد اللحظة، والخبر متسلسل ضمن عدة أخبار منذ سنوات مضت، وسيعقبها -بلا شك- أخبارٌ أخرى تحتاج -في اعتقادي- سنوات متعددة، وليس العيب في الانتظار؛ فالخطط ونتائجها لا تتحقق بلمح البصر، ولا أظن أن اللجنة تملك العصا السحرية للتغيير وإحداث النقلة النوعية الآنية لواقعٍ رياضي صعب للغاية؛ إنما الانتظار معنا يتغذى حتى التخمة المميتة على الاعتماد والتشكيل والتأكيد والتسويف.. وهكذا دواليك، وهو الأمر الذي نجده -تماما- في خبر تشكيل اللجنة الرئيسية من أوله وحتى آخره.

ولا ريب أن الأمر ليس سيئا بالمطلق، ولا يمكن النظر إليه بسلبية أحادية، والإعلام يجب أن يكون شريكا بالدفع بهذا المشروع إلى أرض الواقع، رغم أن الحديث عن دور الإعلام في المشروع ليس محورا رئيسيا على ما يبدو. وعلى العموم فبوارق الأمل موجودة وإن كانت خجولة؛ فهي تشع من اختيار الرياضات النواة لهذا المشروع البعيدة عن الرياضات الجماعية الشعبية المكلفة، علاوة على التركيز في بناء الرياضي الأولمبي من خلال البناء الفكري والمعرفي داخل وخارج منظومة الرياضة، مع وجود تجربة وليدة متمثلة في السباح عيسى العدوي الذي يحظى وينشط حاليا في منحةٍ دراسيةٍ كاملة مقترنة بالتدريب والاعداد في اليابان نحو أمل تنافسه على الميداليات في أولمبياد طوكيو 2020م.

... إنَّ صناعة البطل الأولمبي ليس بالأمر السهل ولا بالمستحيل، لكنه في كل الأحوال يحتاج لإيمانٍ حقيقي بقدرة الإنسان العماني على تحقيق الإنجازات العالمية وقبل ذلك الإيمان بوجود الخامات التي تحتاج الصقل ورفع درجة الكفاءة وتوفير كل الدعم اللازم لها، وكم تمنينا أن تكون اللجنة أكثر شبابا وخارجة من الإطار الذي يحكم الرياضة العمانية منذ عهد، وكم تمنينا وجود لغةٌ رقمية واضحة بعيدة عن مصطلحات "ستقوم وستشرف وستعمل وستقدم وسيحدد لها... ألخ"، كما كنا نرجو أن تكون البينة التحتية المحلية فعلا هي بنية تخدم هذا المشروع الطموح الذي تأخر كثيرا ولا زال "يمشي الهوينى"!

يقال: "إذا أردت أن تقتل موضوعا فشكّل له لجنة"، والهاجس في الشأن المحلي قائم على ذلك في كل المجالات وفي المجال الرياضي على وجه الخصوص، وبالتالي على اللجنة الأولمبية وغيرها أن تعي وعي المجتمع حول طرح مستجدات أي مشروع ينظر إليه من باب التطوير والرؤية المستقبلية والخطط النوعية التي يجب  أيضا أن تدعم بأفعالٍ تنفيذية سريعة، وأن تكون لغة الاستثمار لغة مادية واضحة وشفافة بعيدة -مرة أخرى- عن الكلمات الفضفاضة "ستدعم وستعمل آلية وستكون هناك شراكة" فهذه كلمات وبصراحة كبيرة باتت مقصلة حسن الظن والنوايا الحميدة.

 لدينا ثقة بالجميع ولسنا نزكي أحدًا؛ فالأعمال والنتائج هي البرهان الحقيقي المؤكد على أنَّ الشخص المناسب في المكان المناسب وحتى في التوقيت المناسب، ونحسب أن مشروع البطل الأولمبي واضح منذ زمن، لكن العمل من أجله أخذ يحرق السنوات فالسنوات، وكانت ضريبته كبيرة وكبيرة جدا، وحتى ننجح يجب أن نعيد حرق السنوات مجددا عكسيا هذه المرة؛ بالتسارع نحو التنفيذ والانجاز وتعويض ما فات، ولعلّنا نستفيد من التجارب ونرمم الأساس المليء بالعيوب، علما بأن الترميم في كل الأحوال أصعب من البناء ذاته.