أيهما أفضل: العماني أم الأجنبي؟

 

 

جمال النوفلي

 

قبل أسبوع نشرت مقالا في هذا العمود بعنوان "كيف تعمن الوظائف في مؤسستك!"، نشرت المقال بحسن نية لأجل تشجيع أصحاب الأعمال لتوظيف أكبر عدد من العمانيين في مؤسساتهم للمساعدة في حل مشكلة البطالة ومساعدة كثير من العائلات العمانية، وقد تلقيت إثر نشري ذاك المقال اتصالات كثيرة من الأصدقاء ورسائل من بعض المتابعين يبدون فيها امتعاضهم مما ذكرته في إحدى فقرات المقال من أنّ العامل غير العماني يعمل بكفاءة وإخلاص أكثر من العامل العماني، ولكون الممتعضين عمانيين فهم يرون بأنني ومن خلال رأيي ذلك قد شجعت على توظيف الأجانب بخلاف ما يبدو عليه العنوان، وقد ضربوا لي أمثلة كثيرة على مؤسسات خاصة نسبة التعمين فيها تفوق 90% وهي ناجحة وتحقق أرباحا عالية مثل البنوك وشركات التمويل والتأمين، وقد طلب إلي بعضهم أن أكتب مقالا لأعتذر عن ذلك، لهذا أعدت البحث والتقصي في الأمر وسألت مجموعة من العمال وأصحاب العمل من مختلف المؤسسات حتى تبين لي الآتي:

  • إننا لا يمكن أن نعمم في الحكم فنقول إنّ العامل الأجنبي هو أفضل من العامل العماني، كما لا يمكننا أن نعمم فنقول إنّ العامل العماني هو أفضل من الأجنبي، فالجودة والكفاءة ليس لها جنسية ولا هوية.
  • هناك جوانب يتميز فيها الأجانب بالكفاءة أكثر من العمانيين، منها على سبيل المثال الالتزام بوقت العمل الرسمي والإجازات، فالملاحظ أنّ الأجنبي لا يترك عمله خلال ساعات العمل الرسمية فهو يكرس كامل وقته اليومي أو زيادة في العمل، ويراه مقدسًا لأنّ العمل بالنسبة له مصدر رزق جيد يحلم به الكثيرون من أبناء وطنه، كما أنّه لا يوجد هناك ما يشغله في هذه البلد عن العمل، وتجده عادة ما يقطن خلف المؤسسة التي يعمل بها وبالتالي لا يوجد ما يمنعه من أن يحرص على الالتزام بأوقات العمل وربما أكثر، بخلاف العماني الذي لديه من الأشغال المنزلية والمجتمعية والأسرية ما يمنعه من الالتزام الأمثل بأوقات العمل، فهناك أطفال يأخذهم إلى المستشفى أو المدرسة وزوجة يعينها على المنزل، وربما أبوان يعيلهما وأصدقاء وأقارب يرتبط بهم اجتماعيا في مناسباتهم، كما أنّ الأداء المترهل في المؤسسات الحكومية الأخرى يجعله يقضي ساعات وأيامًا في التغيب لأجل تخليص معاملة بسيطة. طبعا كل ذلك ليس عذرا فهناك عمانيون لا يتغيبون عن العمل إلا قهرا ولا يتأخرون.
  • هناك مستويات من الوظائف يكثر فيها الإهمال والتسيب وعدم المبالاة، لا سيما أعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو تلك الأعمال المخصصة لحملة الدبلوم العام وما دون، والتي عادة ما يكون الأجر فيها متواضعا، فيجد العامل العماني نفسه غير مقتنع تمام الاقتناع بوظيفته التي أجبرته الظروف على قبولها، لهذا يتعامل بها بغير اكتراث ولا اهتمام بالنتائج السلبية التي قد يسببها سلوكه على المؤسسة. بينما يبقى صاحب العمل في مأزق فلا هو قادر على فصل العامل ولا هو قادر على إرضاء زبائنه، أما الأجنبي فهو يرى أن ذاك الراتب المتواضع هو ثروة ويبذل لأجله عمره وسنواته في خدمة المؤسسة وصاحب المؤسسة، الذي يمكن أن يفصله من العمل بكل سهولة. كما لا ننكر وجود عدد كبير من العمال العمانيين في هذه المهن وهم ملتزمون متفانون بها.
  • أمّا وظائف المؤسسات الكبيرة ووظائف أصحاب الشهادات الجامعية فنجد فيها التزاما مقبولا من العاملين العمانيين، بحكم المرتبات الجيدة الذي يتحصلون عليه، ووجود إدارة قوية وحازمة، وبسبب امتلاكهم لمعرفة ووعي أعلى من العمال غير المتعلمين، مع أنّ هذا لا ينفي وجود بعض المتعلمين هم أيضا مهملون ومتسيبون من أعمالهم لأعذار وأسباب مختلفة، أولها عدم تطبيق نظام صارم من إدارة المؤسسة.
  • أمّا من ناحية الكفاءة المهنية فالجميع سواسية، ولا يمكن أن نقول جنسية أفضل من جنسية أخرى الأداء، فلكل شخصية مهاراتها وخبراتها وإمكانياتها التي اكتسبتها من مصادر المعرفة المختلفة، لهذا لا يمكن أن نقول إن الطبيب الأجنبي أفضل من العماني أو العكس، ولا يمكن أن نقول أيضا إن المهندس العماني أفضل من الأجنبي أو العكس، يجب أن نعامل كل شخص على حدة، وفي العمانيين الكثير من الكفاءات والقدرات التي أثبتت نجاحها وتمكنها في مختلف المجالات حينما حصلت على التشجيع ومُنحت الثقة.

وللحديث بقيّة..