للعطاء لذة

 

 

جابر بن حسين العماني

 

من أهم الموارد التي ينبغي على الإنسان أن يهتم بها في حياته الأسرية والاجتماعية هو العطاء للآخرين، سواء كان ذلك العطاء ماديا أو معنويا أوفكريا.

العطاء له لذّة روحية وإيمانية لا يعلمها إلا من يطبقها في حياته مع من هم حوله ليصل بذلك إلى ذروة السعادة والسرور، ذلك أنّ في قضاء حوائج الناس نكهة لا يعرفها إلا من جرّبها.

العطاء يشيع الخير والسلام والاطمئنان والتعاون بين أفراد المجتمع، وينشر المحبة بين الناس، مما يجعل القوة في العلاقات الإنسانية والاجتماعية، ويمحي بذلك آثار المشاعر السلبية التي من شأنها أن تكون معول هدم للعلاقات الاجتماعية في المجتمع.

 فيتجسّد العطاء في إشباع البطون الجائعة من خلال إعانة الفقراء والمساكين، ونقل الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم والفهم، وكما اهتم الأنبياء بالعطاء المادي والمعنوي والفكري، وعلموه لأقوامهم من أجل صناعة مجتمع متكافل يؤمن بالمحبة والمودة والتآزر بين أفراد المجتمع الواحد.

فلابد للإنسان أن يسأل نفسه على الدوام هل هو من أهل العطاء أم لا؟ يا ترى ماذا أعطيت وقدمت وأضفت لنفسك ومجتمعك ووطنك وأمتك؟ كلما أعطيت وقدمت لمن هم حولك سيكون عطاؤك أفضل وأجمل.

فمن قدم عطاء لأسرته ومجتمعه ووطنه وأمته، فهو بذلك يسير إلى نحو حياة أفضل كلها خير وسعادة واطمئنان، ومن قدّم ذلك العطاء للبشرية جمعاء فعطاؤه سيجعله في مقام الأفضل عطاء وتميزًا وفائدة للناس بل أوصل عطاءه إلى أعلى مراتب العطاء.

ومن أجل أن يتميّز الإنسان بعطائه سواء كان ذلك العطاء ماديا أو معنويا، لابد له من تحقيق أربعة نقاط ضرورية يجب الاهتمام بها في حياته من أجل تقديم عطاء أفضل وأكمل:

  1. اختر مجالا واحدا في حياتك وركز عليه جيدا وحاول أن تبدع في عطائك فيه، واعلم أنّ من يحاول أن يفعل كل شيء فلن ينجح في كل شي ومن يختار شيئا واحدا فسيتقنه حتما.
  2. حاول دائما أن تحدد أهدافك بشكل جيّد فعلى سبيل المثال اكتب ماذا تريد أن تعطي لأسرتك ومجتمعك وأمتك واجعل مدة زمنية لذلك الهدف، وأكتب ماذا تريد أن يتحقق لك ولمن حولك من عطاء خلال تلك الفترة الزمنية. فالإنسان عندما يكون بعيدا عن تحديد أهدافه من الطبيعي عدم النجاح في كل حياته وسيبقى يحتاج إلى من يعينه ويرشده للخروج مما هو فيه من نقص في شخصيته.
  3. ينبغي لمن يريد أن يكون من أهل العطاء أن يجعل له خطة واضحة بحيث يستطيع من خلالها معرفة كيف ينتقل من واقعه البعيد عن العطاء  إلى حياة أجمل كلها خير وعطاء لمن هم حوله.
  4. ينبغي لم يريد أن يكون من أهل العطاء أن يتوكل دائما على الله وأن يجعل من كل خطوة يخطوها خالصة لله وحده لاشريك له.

أخيرا بالعطاء يستطيع الإنسان أن يرضي ربه ونفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه ويكون في مصاف السعداء قال الله تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى*. وقال نبي الرحمة صلى الله عليه واله وسلم" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".