"واشنطن بوست": نجاح الثورة السودانية إحياء للربيع العربي

...
...
...

ترجمة- رنا عبد الحكيم

اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن نجاح الثورة الشعبية في السودان تفتح باب الأمل أمام تجربة ديمقراطية تعيد إحياء الربيع العربي، بعد سنوات من الاضطرابات في بلدان أخرى لم تستطع أن تصل إلى ما تطمح إليه من تطلعات ديمقراطية.

وخطت المعارضة السودانية خطوة أمل إلى الأمام، بعدما نجحت في إجبار الجيش على إجراء مفاوضات مع قادة الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس عمر البشير الديكتاتور الذي قبع في السلطة لثلاثة عقود من الحكم الاستبدادي؛ حيث يتباحث هؤلاء القادة حول تشكيل حكومة مدنية جديدة لتحل محل المجلس العسكري القائم حاليا.

وتوقعت افتتاحية الصحيفة أن تتعرض الثورة في السودان لانتكاسات، وهو ما تحقق في حادث إطلاق النار الذي وقع الأسبوع الماضي وقُتل فيه 4 أشخاص فيا جرح عشرات آخرين. لكن الإعلان عن اتفاق أساسي بشأن عملية انتقالية تستمر لمدة 3 سنوات، ينبغي الترحيب به بعد سنوات عديدة من اليأس وسوء الحكم.

وعندما قرر الجيش التخلص من البشير بعد مظاهرات حاشدة ضده، ساور الجميع قلق شديد من أن جنرالات الجيش سيحتفظون بأدوات القوة، وهو خوف عززه ضخ 500 مليون دولار من جانب السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولذلك إذا لم يتخل المجلس العسكري الانتقالي، وهو مجموعة من القوات العسكرية والأمنية التي عينها البشير إبان فترة حكمه، عن السلطة وتشكيل حكومة مدنية، فستتعرض الثورة السودانية لأسوأ انتكاسة.

وتفجرت الثورة السودانية في أعقاب احتجاجات على ارتفاع أسعار الخبز وغيرها من الضروريات في ديسمبر من العام الماضي، وامتدت إلى 2019، وحاول البشير إخماد هذه الاحتجاجات بإعلان حالة الطوارئ في البلاد، لكن المتظاهرين خرجوا في مظاهرات حاشدة وتجمعوا أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، ولم يستطع أحد حتى الآن إسكاتهم. وفي 11 أبريل، أعلن الجيش عزل، ثم احتجازه في سجن كوبر شديد الحراسة، كما وُجهت له اتهامات بالتحريض والمشاركة في قتل المتظاهرين.

وأعربت الصحيفة عن أملها في أن تتاح للسودان الشجاعة لمقاضاة البشير بسبب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في حملة الإبادة الجماعية ضد سكان دارفور، أو تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية التي وجهت اتهامات له منذ سنوات طويلة.

ويطالب قادة الاحتجاج بتولي حكومة مدنية جديدة الحكم في البلاد على أسس ديمقراطية. وقالت الصحيفة إن الإصرار الشديد للمتظاهرين دفع الجيش إلى إجراء محادثات، يبدو أنها تؤتي ثمارها، بما في ذلك الاتفاق بشأن عملية انتقال سياسي مدته ثلاث سنوات. وأبدى قادة الجيش موافقة مبدئية على منح تحالف المعارضة ثلثي المقاعد في المجلس التشريعي الانتقالي المؤلف من 300 مقعد، وستذهب المقاعد المتبقية إلى أحزاب المعارضة الأخرى. لكن ما لم يتضح بعد هو هيكلية المجلس السيادي المزمع تأسيسه وسيتكون من 11 عضوًا، والذي سيكون أعلى سلطة في البلاد. ويطالب المتظاهرون والجيش بالأغلبية في هذا المقعد.

وتؤكد "واشنطن بوست" أنه يتعين على المدنيين التمسك بالسيطرة على هذا المجلس لضمان حدوث التغيير الحقيقي، وتحقيق الديمقراطية المنشودة.

واختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن آمال الحرية التي تفجرت في ربيع 2011 لا تزال غير متحققة إلى حد كبير، ففي بلدان مثل مصر والسعودية، تزايد الاستبداد أسوأ من أي وقت مضى، فيما تمثل حركة الاحتجاج في السودان حقبة جديدة في مسارات الربيع العربي. وإذا استطاع السودانيون أن يقضوا على الإرث الاستبدادي الذي خلفه البشير وراءه، فسيحققون دعما هائلا للديمقراطية في السودان أولا ثم العالم العربي من بعدهم، وخاصة أولئك الذين يعانون في ظل أنظمة تحاول مساعدة السودان من أجل الديكتاتورية وليس الديمقراطية.

تعليق عبر الفيس بوك