أكدوا ضرورة إتاحة المجال أمام "الأسهم الحرة" وتعميق المؤشر

الخبراء في "أمسية الغرفة": ضغوط اقتصادية محلية وعالمية فاقمت "أزمة" سوق مسقط

...
...
...
...
...
...

 

 

◄ المرهون: السوق في "قمة الجاذبية" حاليا.. ولا نتدخل في قرارات المستثمرين

◄ مصطفى سلمان: ضرورة وضع حلول جذرية.. ونحتاج لمزيد من التسويق الخارجي

◄ الطالب: تعميق السوق ضروري.. والضرائب وأسعار الكهرباء تزيد خسائر الشركات

◄ مقترح بتنظيم مؤتمر عالمي للترويج للاستثمار في سوق مسقط

◄ ظواهر عالمية تطلق "جرس إنذار" مبكر من وجود خلل في الاقتصاد الدولي

◄ مطالب بإعادة هيكلة قطاع الوساطة المالية لرفع كفاءته

 

 

اتفق المسؤولون وخبراء البورصات في أولى الأمسيات الرمضانية التي تنظمها غرفة تجارة وصناعة عمان، على أن سوق مسقط للأوراق المالية يتعرض لضغوط اقتصادية محلية وعالمية.

واستهلت الغرفة أولى أمسياتها الرمضانية الاقتصادية بأمسية تحت عنوان "أداء الأسواق المالية العالمية وتأثيرها على سوق مسقط للأوراق المالية"؛ وذلك تحت رعاية معالي سلطان بن سالم الحبسي نائب رئيس مجلس محافظي البنك المركزي، وبحضور سعادة قيس بن محمد اليوسف رئيس مجلس إدارة الغرفة، وبمشاركة عدد من المسؤولين وصناع القرار في المؤسسات الحكومية والخاصة. وضمت منصة النقاش كلا من: أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق مسقط للأوراق المالية، ومصطفى بن أحمد بن سلمان الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية، والدكتور صلاح عبدالرحمن الطالب خبير اقتصادي بسوق مسقط للأوراق المالية، فيما أدار النقاش أحمد بن عبد الكريم الهوتي عضو مجلس إدارة.

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

 

 

وخلال الأمسية، ألقى المتحدثون الضوء على بعض أسباب التراجعات التي يشهدها سوق مسقط للأوراق المالية؛ سواء في المؤشر العام أو أحجام وقيم التداولات، كما استعرضوا عددا من المقترحات للخروج من الحالة التي اتفقوا على توصيفها بأنها "أزمة"، وأنها تستحق تشكيل ما يمكن أن يكون "خلية لإدارة الأزمة". وعقب اللقاء، قال أحمد بن صالح المرهون في تصريحات لـ"الرؤية": إنَّ السوق في وضع لا يمكن أن نخفيه، وخلال العامين الماضيين انخفض بنسبة 37% وهو أمر مقلق للمستثمر ويؤثر على نفسيته، لكن هناك جوانب إيجابية في وضع السوق الآن حيث أصبحت الأسعار حاليا الأقل في الأسوق الخليجية، وبات المعدل 8% مقابل ما يصل إلى 16% في أسواق أخرى. وأضاف أنه على الرغم من ذلك، إلا أن الإقبال لا يزال دون المأمول، بسبب عوامل بعضها يتعلق على سبيل المثال بعدم استقرار أسعار النفط وتخفيض التصنيف الائتماني للسلطنة لأكثر من مرة، إضافة لغياب العمق الكافي في السوق؛ حيث ليس لدينا شركات كبيرة توفر أسهمًا حرة قابلة للتداول بما يوفر عرضا يخلق طلبا؛ لأنَّ أغلب الأسهم متمركزة في أيدي إما صناديق التقاعد أو كبار المستثمرين، فيما يحتاج السوق إلى أسهم متاحة للعرض والطلب بشكل أكبر.

وأكَّد أن قيم التداول الحالية لا تعكس إطلاقا حجم الاقتصاد أو القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المدرجة في السوق، مؤكدا أن السوق في وضع جاذب الاستثمار، مُبديا استفهامه مما وصفه بـ"تلكؤ" المستثمرين، مشيرا إلى أن إدارة السوق لا تعلم السبب الحقيقي وراء ذلك. وشدد المرهون على أنَّ إدارة السوق تقوم بما يلزم لتوفير العدالة لكافة المستثمرين والشفافية للمساهمين والإجراءات والضوابط اللازمة للحوكمة والإفصاح، لكن السوق بالنهاية هي منصة، ولا يُمكن لها التدخل في التداولات أو ملكية الشركات أو تصرفات حملة الأسهم أو مجالس الإدارة إذا كانت بموافقة غالبية المساهمين. وضَرَب المرهون مثالا سهم عمانتل، قائلا: إنَّ القرار الاستثماري الذي اتخذته شركة عمانتل ليس من حق السوق التدخل فيه؛ لأنه اتخذ من قبل مجلس إدارة يمثل ملاك الشركة، ومما هو معلوم فإنَّ النسبة الأكبر من المستثمرين في الشركة تعود ملكيتها للحكومة بأكثر من 90%، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر صناديق التقاعد وغيرها؛ وبالتالي الأمر متروك لمجلس الإدارة، في حين أن سوق مسقط والهيئة العامة لسوق المال لا يمكن لهما التدخل في قرار استثماري اتخذه مجلس إدارة الشركة.

وفيما يتعلق بطبيعة تداولات صناديق التقاعد في السوق والتي تميل لتجميد الأسهم، أكد المرهون أن الهيئة العامة لسوق المال وإدارة سوق مسقط اجتمعت أكثر من مرة مع ممثلين لصناديق التقاعد في محاولة لإقناع هذه الصناديق أن تسيّل جزءا من أسهمها أو تحريكها في السوق، لكن إدارة هذه الصناديق لها فلسفتها وسياستها المالية الخاصة بها، وليس بيد سوق مسقط التدخل أو إجبارهم على أي إجراء، وليس أمام السوق سوى تحفيزهم أو إقناعهم.

 

القرارات الاستثمارية

من جانبه، كشف مصطفى بن أحمد سلمان أنَّ الجمعية العمانية للأوراق المالية قامت بأكثر من محاولة لإقناع الشركات الكبيرة المطروحة أسهمها في السوق بالمزيد من التواصل مع شركات الوساطة المالية، خاصة فيما يتعلق بالخطط المستقبلية، وبما يجعل القرارات الاستثمارية أكثر وضوحا أمام المستثمرين. وأكد سلمان أنَّ جهود الجمعية لم تصل إلى ما تبتغيه لذلك، فإنه يجري العمل على أن يكون ذلك عبر غرفة التجارة والصناعة من خلال لجنة الوساطة المالية. وحول الحلول التي يمكن أن تكون مجدية، أكد سلمان أنَّ الحل لابد أن يكون جذريا وليس عبر معالجات مؤقتة أو آنية؛ فهناك قرارات يجب مراجعتها؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: ضرورة مراجعة قرار فرض ضريبة على توزيعات أرباح المساهمين الأجانب، مشيرا إلى أن الأسواق تتعرض جميعها لضغوط اقتصادية عالمية، لكن لا ينبغي أن نزيد من هذه الضغوط عبر قرارات تؤثر على السوق المحلية وتضعف من تنافسيتها مع غيرها. ونوه إلى أهمية فتح المجال للشركات للتسويق لنفسها عالميا لجذب المزيد من المستثمرين، مقترحا إقامة مؤتمر عالمي يستعرض الفرص المتاحة ويجتذب استثمارات، مؤكدا أن تراجع أحجام التداولات أكثر سوءا من تراجع المؤشر العام؛ لأنه ينعكس في شكل عدم ثقة في السوق وإحجام على الاستثمار فيه تخوفا من عدم القدرة على تسييل الأسهم وقت الاحتياج لذلك.

وقدم الدكتور صلاح الطالب ورقة العمل الرئيسية في الأمسية من خلال عرض تناول فيه واقع الاقتصاد العالمي وانعكاسه على الأسواق المالية بصورة عامة وسوق مسقط بصفة خاصة، مشيرا إلى تباطؤ مؤشرات الإنتاج الصناعي والتجارة العالميين في مطلع عام 2018، وما تعرض له الاقتصاد العالمي من تحديات تمثلت في الحروب التجارية بين القوى الاقتصادية الكبيرة في العالم، خاصة بين الصين والولايات المتحدة، والتراجعات الكبيرة في مؤشرات البورصات العالمية وأسواق العملات والأسواق الرقمية، والتقلبات الحادة في أسعار السلع الأولية خاصة النفط، وتشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفدرالي وتوجهه لرفع سعر الفائدة أربع مرات خلال العام.

وأبرز الطالب مجموعة من الظواهر التي أعدها "مؤشرات إنذار مبكر" على وجود خلل في الاقتصاد العالمي؛ منها تراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي عام 2018 من 3.6% إلى 3% والتوقع بتباطؤه إلى 2.9% في 2019، وتضخم المديونية العالمية لتصل إلى ما نسبته 224% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي وانخفاض أسعار صرف عملات العديد من الدول خاصة النامية منها وانعكاس ذلك على ارتفاع نسب التضخم والفوائد وانخفاض نسب النمو والآثار السلبية على قدرة هذه الدول على تمويل استثماراتها، بالإضافة إلى انحسار حركة التجارة العالمية وتراجع معدلات الطلب العالمي على السلع والخدمات، وتباطؤ الاقتصادات الأوروبية.

وخلص الطالب إلى القول بأنَّ إلقاء نظرة ثاقبة على المشهد الاقتصادي العالمي تُظهر أن العالم كاد يستهلك محركات نموه، وأنه في حال عدم التمكن من حل الأزمات الناشئة عن الحروب التجارية وتباطؤ الاقتصاد الأوربي وتضخم المديونية العالمية، وما ينشأ عنها من تبعات اقتصادية وسياسية، فإن الاقتصاد العالمي سيكون معرّضا للبقاء في بيئة منخفضة النمو لفترة ليست بالقصيرة.

وأوضح العرض الذي قدمه الطالب أن سوق مسقط تأثر سلبا بأداء الاقتصاد العالمي كالغالبية العظمى من الأسواق المالية العالمية خلال عام 2018؛ حيث شهدت البورصة الصينية أعلى نسبة تراجع بلغت -25.31%، وبلغ متوسط تراجع الأسواق المالية العالمية خلال العام ما نسبته 8.7%، وفقدت البورصات العالمية 63 ترليون دولار من قيمتها السوقية.

واستدرك بالقول إنه مع الوضع الصعب لمعظم الأسواق المالية العالمية، إلا أن الأسواق الخليجية خلال عام 2018 حققت ارتفاعات متباينة بلغ متوسطها 0.90%، وهو ما أرجعه الطالب إلى محاولة الدول تقوية أسواقها لاثبات وجهات نظر سياسية، حيث ضخت كل من قطر والسعودية مثلا أسهم واستثمارات في الأسواق لديها، ولكن مع ارتفاع المؤشرات إلا أن أحجام التداول تراجعت بقوة في غالبيتها، وانتقالا إلى أداء سوق مسقط للأوراق المالية أوضح أنه خلال العامين 2017 و2018 تراجع مؤشر السوق بنسبة 11.08% و15.21% على التوالي، تراجعت أحجام التداول فيه بنسبة 23% في العام 2018 قياسا بالعام 2017.

وتابع أنه وعند دراسة تحركات أسعار أسهم الشركات المدرجة في سوق مسقط للعامين 2017 و2018 تلاحظ أن العامل الرئيسي لحركة المؤشر السلبية كانت بسبب تراجع أسعار اسهم قطاع البنوك وقطاع الاتصالات، وقطاع الأسمنت وقطاع الصناعات الإنشائية، وقطاع شركات الطاقة؛ حيث تراجع متوسط أسعار أسهم هذه القطاعات خلال الفترة بنسبة 21% و27% و55% و59% و38% على التوالي. وزاد قائلا إنه رغم أن عدد شركات هذه القطاعات 23 شركة من أصل 108 شركة مدرجة، إلا أنَّ وزن هذه الشركات في مؤشر السوق MSM30 تبلغ 81%، وتشكل القيمة السوقية لها ما نسبته 66% من إجمالي القيمة السوقية للشركات المساهمة العامة المدرجة. وسلط الطالب الضوء على تراجعات أثرت بقوة على السوق؛ ومنها التراجعات القوية التي شهدها سهم عمانتل بعد قرار الاستثمار في زين، والتي قال إنَّها تسببت في تحميل الشركة أعباء مالية قد لا يمكنها مستقبلا تحملها، وأيضا شركات إنتاج الطاقة التي ظلت دائما ينظر إليها على أنها الاستثمار الآمن طويل المدى، مع ضمان شراء الإنتاج من قبل الحكومة لفترات طويلة، لكن ارتفاع أسعار الوقود وزيادة الضرائب عليها رفع من كلفتها التشغيلية وبالتالي لم تعد جاذبة.

 

أسباب التراجع

وتطرق الطالب إلى الأسباب التي دفعت إلى تراجع سوق مسقط وأسهمه القيادية، مؤكدا ارتباط مؤشر السوق بعوامل عديدة منها ما يتعلق بأداء الاقتصاد الكلي للسلطنة الناجم عن تراجع أسعار النفط، والتراجعات المستمرة للتصنيف الائتماني للسلطنة، وتراجع التصنيف الائتماني لقطاع البنوك لأكثر من مرة، إضافة لتبدل الهيكل الضريبي على أرباح الشركات المدرجة، بجانب فرض ضريبة على الأرباح السنوية للمستثمرين الأجانب مما كان له أثر سلبي على خروج الاستثمار الأجنبي وانعكس سلبا على مؤشر السوق، موضحا أن هناك عوامل أخرى ضغطت على الأسهم المتراجعة؛ منها: ارتفاع الكلف التشغيلية للشركات المدرجة خاصة شركات القطاع الصناعي بسبب رفع أسعار الطاقة.

وبيَّن الطالب أن هناك أسبابًا تتعلق بهيكلية التداولات في سوق مسقط وترتبط بالسياسة الاستثمارية للصناديق التي تمسك بالجزء الأعظم من الأسهم المدرجة، وهي تتبع في غالبيتها سياسة الاحتفاظ والاستثمار طويل المدى، بجانب الأطر التي تعمل عبرها شركات الوساطة المالية، والتي لا تقدم تحليلات معمقة للسوق، إضافة إلى عامل شدد على أهميته، وهو تغيير إستراتيجية عمل صندوق التوازن وتحويله إلى صندوق للنمو من مايو الماضي مما أفرغ مكان ودور موازنة السوق.

واستعرضَ الدكتور صلاح الطالب بعضا من نقاط طرحها لمعالجة ظاهرة تراجع مؤشر السوق وانخفاض أحجام التداول عبر تدخل لدعم السوق من خلال تفعيل عملية الخصخصة وتشجيع شركات القطاع الخاص للتحول إلى مساهمة عامة، وإعادة تفعيل دور صندوق التوازن الذي أسس بعد حصول الأزمة المالية العالمية عام 2008، إضافة لإعادة النظر في السياسة الاستثمارية للصناديق؛ بما يعزز من أداء السوق وربحية الصناديق، مطالبا أيضا بإلغاء الضريبة على توزيعات الأرباح للمستثمرين الأجانب تعزيزا للاستثمار الأجنبي في السوق، وإعادة هيكلة قطاع الوساطة المالية لرفع كفاءته كونه يشكل الركيزة الأساسية المحركة للسوق.

تعليق عبر الفيس بوك