كيف تُعمِّن الوظائف في مؤسستك؟

جمال النوفلي

يبلُغ عدد الوافدين في السلطنة مليونين وستة وثلاثين ألف شخص، وليس كل هؤلاء الوافدين عاملين؛ فجزء من هذا العدد يُمثله الأطفال والعجزة، إلا أننا من جهة أخرى نكاد نجزم بأن أغلب هؤلاء العاملين الوافدين هم عاملون في القطاع الخاص وليس الحكومة، ومعظم ملاك مؤسسات وشركات القطاع الخاص أو أعضاء مجالس إداراتها هم من العمانيين، إذن يمكننا أن نستنتج شيئا هنا وهو أن من يملك أمر إحلال كل الباحثين عن العمل الذين لا يتجاوز عددهم 50 ألف شخص مكان بعض العمال الأجانب الذين يتجاوز عددهم المليونين هم العمانيون أنفسهم وليس أحدا آخر، لكنهم لا يقدمون على هذه الخطوة البسيطة بالرغم من أهميتها لحل الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلد، فما السبب الكامن خلف هذا الإحجام المريب يا تُرى؟

هناك عدة تفسيرات لهذا المشكل؛ منها:

- أن صاحب العمل قد بنى علاقة وطيدة مع عماله منذ عشرات السنين، وبنى معهم الشركة من الصفر وحتى أصبحت كبيرة تُدر له الثروات، فمن غير اللائق ولا المنطقي أن يستغني عن هؤلاء العمال الذين عرفوا العمل جيدا، ولديهم خبرة طويلة في إدارة الشركة، وعلاقات وطيدة مع زبائنها، من أجل توظيف عمانيين ليس لديهم أي علاقة بعائلة المؤسسة ولا أعمالها، فمثل هذا القرار قد يعرضه للخسارة.

- أن الإمكانيات المهنية للعماني وولاءه للمؤسسة أقل من إمكانيات وولاء الأجنبي، فالصفة الغالبة على العماني هي أنه دائما ما تشغله أمور شخصية واجتماعية كثيرة عن العمل بشكل مفرط في المؤسسة، وحتى إن رضي أن يعمل هكذا فإنه سرعان ما يبدأ يماحك مسؤوليه ليحصل على امتيازات أفضل أو يترك المؤسسة من أول فرصة عمل يجدها، بينما الصفة الغالبة على الأجانب أنهم يعملون مثل الماكينة بغير توقف وقلما يخرجون في إجازاتهم أو يعترضون على ساعات العمل الليلية، فعند المفاضلة نجد أن الأجنبي أكثر إنتاجا من العماني، صحيح أن كلفة تشغيل الأجنبي قد تكون أعلى من تكلفة تشغيل العماني، لكن الأجنبي يضمن لصاحب العمل كفاءة وإنتاجا أعلى من العماني.

- أن المُلَّاك الحقيقيين للشركات والمؤسسات في عُمان هم الأجانب بأسلوب التجارة المستترة أو اللوبيات التجارية، وليس صاحب العمل العماني إلا واجهة رسمية للمؤسسة لأجل تخليص وتمرير المعاملات، وهذا أمرٌ شائعٌ لا يُمكننا إنكاره، وقصة الرئيس التنفيذي العماني الذي أنهى خدمات الأجانب لأجل إحلال وظائفهم بعمانيين ثم تفاجأ بأن مجلس إدارة الشركة ينهي خدماته ويعيد الأجانب إلى وظائفهم هو أحد الشواهد على ذلك. حين تكون نسبة الأجانب في القطاع الخاص أعلى 82% من نسبة العمانيين، فمن الطبيعي أن تكون لديهم سلطة.

إلا أننا وبالرغم من كل تلك الأسباب التي قد تبدو لك أنها أسباب معقولة، نقول إن إحلال 50 ألف شخص عماني مكان 50 ألف وافد من إجمالي عددهم الذي يتجاوز المليونين هو أمر في غاية السهولة، ويمكنك كصاحب عمل أن تعالج تلك الأسباب عن طريق عدة وسائل؛ منها:

- لا تقم بإنهاء عمل جميع الوافدين في مؤسستك جملة واحدة، فتعرض نفسك للخسائر، وإنما ضع لنفسك خطة سنوية لمدة عشر سنوات على الأكثر، بحيث تُعمِّن ما نسبته 10% سنويا من المؤسسة.

- ابدأ التعمين من الوظائف الصغيرة ثم المتوسطة ثم العليا، حتى لا تقع في صدام مع كبار المسؤولين في المؤسسة فيسببون لك الخسائر.

- ضع لنفسك قاعدة وهي إن خرج من مؤسستك عامل أجنبي فلا يحل محله إلا عماني حتى لو كان أقل منه كفاءة وخبرة.

- أدخل متدربا أو متدربة بجوار كل موظف أجنبي في مؤسستك، وضع شرطا على الأجنبي أن يعطي العماني كل أسرار العمل وخبراته خلال سنتين من التدريب، ثم بعد السنتين يحل العماني محل الأجنبي وينقل الأجنبي إلى وظيفة أخرى كمكافأة له على إخلاصه، أما إن تملص من المهمة يتم إنهاء خدمته فورا.

- احرص على أن يكون لديك قسم للموارد البشرية يعرف القانون جيدا ويطبقه بصرامة على الجميع؛ وبذلك تتجنب ترهل وإهمال الموظفين وتضمن استمرارية العمل بكفاءة.

- حاول أن تساوي في المزايا والحوافز بين العمانيين وغير العمانيين أو تجعل مزايا العمانيين الأفضل، إياك وأن تجعل العماني يشعر بأنه أضعف من أن يحصل على ما يحصل عليه زميله الأجنبي، فإن كانت هناك أسباب تميز الأجنبي على العماني فأخبره بها صراحة ومكنه من تطبيقها والتدرب عليها.

- إن كنت مُديرا نافذا في مؤسستك فبادر إلى ترقية العمانيين وتحفزيهم وتطويرهم مهنيا حتى يكونوا في مستويات عالية تمكنهم من المنافسة على العمل في أي بيئة أو دولة، وضع ثقتك بهم وبإمكانياتهم في التعلم والتطور، وأنهم قادرون على تولي وظيفة ومسؤوليات الأجنبي بالرغم من التحديات التي سيواجهونها، وتذكر أنك وصلت إلى منصبك هذا لأن شخصا أعطاك ثقته ورفعك لمنصبك، فلا تجعل الأمر يقف معك.

وفي الختام، أذكر الباحثين عن العمل بأن عليهم تطوير مهاراتهم اللغوية والمهنية وتنويعها وعدم الاكتفاء بما تم تدريسهم إياه في المؤسسات التعليمية المحلية؛ لأن هذا التعليم هو أحد أسباب هذه المشكلة.