مختصون بعلم النفس: رمضان يمنح الصائم قوة إرادة للتغيير

 

الرؤية – مريم البادية

أوضح مختصون في علم النفس إلى أنّ الدراسات النفسية والطبية أكدت أثر الصيام في علاج الحالة النفسية للصائم، مؤكدين أنّ الصيام يهذب النفس ويرتقي بها مما له تأثير على طريقة التفكير والتدبر في الأمور، وذلك ينعكس إيجابا على النفسية، كما أنّ الصيام يعطي الفرد قوة إرادة للتغير نحو الأفضل.
وقال الدكتور سامر رضوان متخصص بعلم النفس في جامعة نزوى، إنّ الصيام في الأصل من العبادات التي كلف الله بها الإنسان، وهو ثاني أكبر عبادة في الإسلام. والعبادات تعني الخضوع للإله على وجْه التعظيم، وهي من هذه الناحية شعائر روحية ترسخ في نفس الإنسان معاني الإيمان وتجعله يبتعد عما نهى الله عنه وتقربه من الله من خلال الالتزام بما أمر الله سبحانه وتعالى به. ومن المؤكد أن الالتزام بهذه العبادات والشعائر القائم على النية المخلصة والصافية للإنسان والذي ينبع من قناعة قلبية وعقلية ينعكس على الجانب النفسي للإنسان فينمي لديه قيم التسامح والرأفة والرحمة والصدق والتعاون ويكسب حياته معنى إيجابيا، ويجعله أقل قلقاً وأكثر فاعلية في مجتمعه، ويكون مقتنعاً أنّ لديه رسالة إنسانية وحضارية يؤديها كمسلم وكإنسان لمجتمعه وللعالم أجمعين. وتعد هذه الصفات وغيرها من خصائص الصحة النفسية للإنسان السليم المعافي الذي يتمتع بطيب الوجود والهناء.

وأضاف رضوان أنّ الإنسان المؤمن يتقرب إلى الله بالعبادات، وهو سيلمس فوائد ذلك في جميع مظاهر حياته الاجتماعية والنفسية وفي علاقته بنفسه وبالعالم من حوله. إلا أنّ علينا ألا نبرر ممارستنا للعبادات من خلال مظاهرها الجسدية والنفسية أو غيرها وكأننا نصوم لهذه الأسباب فقط وليس لأنها عبادة تغذي الجانب الروحي فينا. والمقصود هنا أنّ آثار الصوم هي آثار إيمانية روحية بالدرجة الأولى، وما ينتج عن ممارسة العبادات من فوائد أخرى جسدية ونفسية ينبع من الإيمان والقناعة بوجود خالق للكون رحيم ورؤوف يدبر شؤوننا ويرعانا وأمرنا بعبادته وطاعته والتقرب إليه بالإيمان والعمل الصالح.

أمّا الدكتور عزيز النعماني أخصائي أول للأمراض النفسية في مركز القمة للاستشارات النفسية فقال:"عند دخول الشهر الكريم ينتابنا شعور بالفرحة والطمأنينة والسر وراء ذلك لأنّ الصوم يساعد على تحسين الحالة المزاجية وقدرة الإنسان على التعامل مع الضغوط حيث إنّ آثاره الإيجابية على الصحة النفسية تعتمد على خوض الإنسان للصيام كتجربة روحانية كاملة وليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب فالصيام يهذب النفس ويرتقي بها".

ويشير النعماني إلى أنّ الصيام يعد دورة تدريبية فعالة وحيوية تتكرر كل سنة يستخلص منها الإنسان كل فوائد الصبر مما يزيد من نضج وتكامل الشخصية. كما أنّ الصيام يساعد على تهذيب النفس وصقلها وتربيتها على الإخلاص في كل شيء وإحياء الضمير والحفاظ على يقظته. ويساعد أيضا على العلاج من حالات التوتر النفسي والجسدي وحالات الأرق واضطرابات النوم المختلفة وحالات التعب والإرهاق وحالات القلق والاكتئاب.
ويؤكد النعماني أنّ الصيام يعود الجسم على الاسترخاء وتقوية الإرادة وزيادة الاستقرار النفسي والعاطفي. ويدرب الإنسان على ضبط النفس عن إيذاء الآخرين من مختلف الجوانب المادية والمعنوية ويساعد على الشعور بالمسؤولية ومعرفة قيمة الآخرين، ويقوي الحس الداخلي وينمي الضمير. ويعمل على ضبط الشهوات ومجاهدة النفس. ويزيد الشعور بالاطمئنان والراحة النفسية الكاملة وذلك لأنه تقرب من الله وأداء فريضة حيث يشعره ذلك بأن الله قد رضي عنه وسيتقبل دعائه بإذن الله، وكذلك يعمل على تنمية القدرة على مواجهة الحالات النفسية المؤلمة. ويساهم في انخفاض حدة الصراع الداخلي بين الشهوات الثائرة والضمير مما يؤدي إلى هدوء النفس واطمئنانها، حيث أن النفس تستريح من الكم الهائل من مشاعر الخوف والطمع والحرص والحقد والرغبة في الإستعلاء والعدوانية والسخط والكراهية.

تعليق عبر الفيس بوك