تربويون: رمضان أجواء مناسبة لتقوية العلاقات الأسرية

الرؤية - مريم البادية

يتميَّز شهر رمضان المبارك عن باقي الشهور بوجود حالة روحية إيمانية تُغلِّف أجواءه، وتعطِّر أوقاته؛ فهو شهر عبادة وتقارب اجتماعي من مواسم الخير؛ حيث ينتهز الناس هذا الشهر للتقرب إلى الله عز وجل، كما أنه شهر تتجدد فيه العلاقات ويقوى الترابط وتصفو النفوس من كل ما يكدرها، لإصلاح جميع العلاقات التي انقطعت بسبب الأحقاد الدفينة التي تأصلت في النفوس نتيجة المشاحنات وغيرها، كما أنه وسيلة لتقوية العلاقات الأسرية.

وتقول نادية المكتومية متخصصة في المجال التربوي والأسري، إن شهر رمضان المبارك الوقت الأنسب  لتوطيد العلاقات الاجتماعية، خاصة الأسرية بين أفراد الأسرة، ومن الأهمية بمكان أن تضع الأسرة جدولا جماعيا متوازنا يهدف لاستغلال الوقت بشكل فعال، وترتيب الأولويات، ويأتي وضعه بالتشاور مع جميع أفراد الأسرة، ويعدُّ شهر رمضان شهرا روحانيا يُكثر فيه الفرد من عمل الخير والعبادة؛ لذلك هو فرصة جميلة  لتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة عن طريق ممارسة العبادات بشكل جماعي تشاركي؛ فمثلا أن يأم الأب أفراد أسرته ذكورا وإناثاً في بعض الصلوات، وكذلك الجلوس معا لمناقشة بعض القضايا الدينية والاجتماعية والثقافية بعد صلاة التراويح، وتشجيع الحوار في مثل هذه الجلسات والشفافية وتشجيع الحوار الهادف، وتأصيل مهارات الحوار والاستماع الفعّال، كما أنه من الجيد اصطحاب الأب أبناءه إلى المسجد وحضور بعض المحاضرات معهم ومناقشتهم فيها لاحقا، أيضا من طرق توطيد العلاقات الأسرية في هذا الشهر الفضيل ممارسة الرياضة بشكل جماعي كالمشي أو غيره، ومن الجميل أن يزور الوالدين الأقارب برفقة أبنائهم من باب غرس قيمة صلة الأرحام وأجرها المضاعف في شهر رمضان المبارك، كذلك يعد تشجيع الأبناء على الصدقة وابتكار طرق مختلفة للعمل بها بشكل يشارك فيها الصغار والكبار.

وقال الدكتور صالح الفهدي رئيس مركز قيم وباحث في مجال القيم الإنسانية: إن شهر رمضان هو مدرسة قيم للمسلمين، يتعلم الإنسان فيها القيم العالية والمفاهيم السامية، خاصة فيما يتعلق الأمر منها بأسلوب قيمة التعامل مع الآخر، وتهذيب النفس على الأعمال الصالحة، والأقوال اللائقة، وإذا جئنا إلى الأسرة نرى أن أثر رمضان على الجميع هو أثر جميل حيث يعمل على تقريب الأسرة الواحدة ببعضها البعض، خصوصا على مائدة الإفطار، هذه المائدة التي قلما يجتمع عليها الجميع في الأيام العادية. ففي رمضان يشيع الود والحب بين أفردها. وفيه يتجنب الزوجان الخلافات ولحظات الغضب؛ وذلك لأن مفاهيم الصوم لا تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل عن التلفظ بالألفاظ غير الحسنة أيضا، والغيبة والنميمة...وغيرها من الأخلاقيات غير المحبَّبة، وفي الوقت نفسه يسكن الجميع الروحانية والطمأنينة، وبذلك تقترب القلوب من بعضها البعض، وتسمو علاقاتها من أجل وجود أسرة متماسكة لها أهداف نبيلة في هذه الحياة.

أمَّا داليا عوض إخصائية اجتماعية في مدرسة الوطية، فقالت: إنَّ رمضان هو شهر عبادات ويتجلَّى الهدف منه في الاستشعار بالفقراء والمحتاجين، ومن لا يجدون قوت يومهم، والنظر في حاجاتهم ومساعدتهم. وهذا الشهر فرصة أمام الوالدين في تفعيل دورهم تجاه أبنائهم من خلال تعليمهم أهمية الصوم وكذلك تأدية العبادات كالصلاة في وقتها، وقراءة القرآن ولو جزء بسيط منه، وتعليمهم أن المصحف ليس زينة يوضع في رفوف المكتبة، بل عليهم أن يقرؤوه ويتدبروا آياته. وهو فرصة لتجديد العبد عهده مع القرآن الكريم في رمضان، وذلك بعدّة طرقٍ؛ منها: استشعار العبد أن شهر رمضان هو الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم، ومنها معرفة أن جبريل كان يتدارس القرآن مع النبي عليه السلام في شهر رمضان، وأيضا هو فرصة لتعليم الأبناء الأدعية المأثورة قبل الإفطار التي ستغير حياتهم للأفضل.

أمَّا فيما يخص علاقة الزوجين ببعضهم البعض في هذا الشهر، فتقول داليا: إنَّ شهر رمضان هو شهر التسامح؛ فهو وسيلة لتصفية القلوب، وينعش النفوس ويوقظها من سباتها، لتعود إلى الطريق الصحيح، تاركة خلفها تراكمات من الأحقاد والضغائن التي باتت عاجزة عن حملها بسبب ثقلها وما تحدثه في دواخل الإنسان من تخريب وتشويه لطبيعته. كما أنه يُسهم في تعزيز حالة التواصل باستمرار دون أن يكون لهذا التواصل مناسبة اجتماعية معينة أو سبب مهم يجبر الإنسان على القيام بذلك، وهو فرصة لتوطيد أغلب العلاقات الأسرية، التي باتت شبه منقطعة في كثير من المجتمعات. ويجعل الإنسان ميالا أكثر للاهتمام بأعمال الخير؛ فيجعله يتطوع بالوقت والمجهود للمساعدة في شهر رمضان كنوع من الاهتمام بالتطوير الديني لأنفسهم.

تعليق عبر الفيس بوك