أزمة الرسوم الجمركية بين الصين وأمريكا تصيب الأسواق بالذعر

الاقتصاد العالمي في مهب رياح "الحرب التجارية"

...
...
...

الرؤية - نجلاء عبدالعال

لفترة طويلة سادت مقولة "إذا عطس الاقتصاد الأمريكي أصيب اقتصاد العالم بالزكام"، وفعليًا كان أي اهتزاز في الاقتصاد الأمريكي من شأنه أن يتسبب في أزمة اقتصادية أو مالية عالمية وآخر مثال كان أزمة 2008، والآن ومنذ أن دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض، صارت إصابة الاقتصاد العالمي أسرع وأصبحت كل تغريدة لترامب على تويتر قادرة على زلزلة بورصات العالم واقتصاده.

تغريدة ترامب الأخيرة وتهديده بفرض رسوم تجارية على الواردات الصينية، رغم المفاوضات التجارية بين البلدين، جاءت بنتائج فورية؛ لتشتعل مجددا شرارات الحرب التجارية. وفي التغريدة قال ترامب إنه سيرفع الحد الأدنى لمجموعة من الواردات الصينية إلى بلاده من 10% إلى 25% بدءا من الجمعة المقبل، وبعد ساعات قليلة من التغريدة وفي أول تداول لبورصة طوكيو اليابانية بعد إجازة لمدة أسبوعين نزل المؤشر نيكي بأكثر من 5% بسبب مخاوف المستثمرين من تعرض مفاوضات التجارة الأمريكية الصينية لخطر الانهيار. اليابان الجار اللدود للصين وحليف الولايات المتحدة يبدو أنها تدرك مدى التأثر التجاري وليس فقط العسكري مع الصين، ولعل ذلك كان أحد أسباب المحادثة الهاتفية التي جاءت في تغريدة ترامب أمس قائلا: "تحدث للتو إلى رئيس وزراء اليابان آبي بشأن كوريا الشمالية والتجارة. محادثة جيدة جدا!".

وكان أسرع رد واضح وسريع في تصريحات كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي؛ حيث قالت "إنه يتحتم على الصين والولايات المتحدة حل توتراتهما التجارية لأنها تهدد الاقتصاد العالمي". وأشارت على هامش مؤتمر بوزارة المالية الفرنسية إلى أنه بالنسبة لصندوق النقد، من الضروري حل التوترات التجارية بطريقة مرضية للجميع لأن التوترات بين الولايات المتحدة والصين هي تهديد واضح للاقتصاد العالمي.

ترامب ذكر أرقاما كثيرة في تغريداته بخصوص التجارة مع الصين والتي أعلن فيها أن رفع الجمارك على بضائع صينية بقيمة 325 مليار دولار، تصدر إلى الولايات المتحدة كانت غير خاضعة للضريبة، مؤكدا أنها ستكون في وقت قريب، وقال: "بمعدل 25% لم يكن للتعريفات المدفوعة للولايات المتحدة تأثير يذكر على تكلفة المنتج، ومعظمها تتحمله الصين. يستمر اتفاق التجارة مع الصين، ولكن ببطء شديد، حيث يحاولون إعادة التفاوض. لا!" وأضاف أن "الولايات المتحدة تخسر، ولسنوات عديدة، ما بين 600 إلى 800 مليار دولار في التجارة، ومع الصين نخسر 500 مليار دولار.. عفوا، لن نقوم بذلك بعد الآن!".

التأثير الأقوى إن استمر تصاعد ما أطلقت عليه لاجارد "التوترات" بين قطبي اقتصاد العالم فإن التأثير سيطال أسعار النفط التي ما لبثت تتعافى بعد تراجع لثلاث سنوات؛ فالصين أكبر مستورد للنفط في العالم، وهو الإكسير الذي يغذي شهية مصانعها المتنامية، لكن إن وضعت أكبر دولة مستوردة لمنتجات تلك المصانع رسوما إضافية فلن يكون هناك بد من بعض الإبطاء في عجلة الإنتاج ولو كان ذلك لبعض الوقت، وإن حدث هذا الإبطاء أو التريث فسيكون الطلب على النفط العالمي أقل من المعتاد من جانب الصين، وبالتالي قد تتأثر الأسعار سلبا، وعمليا كان أول رد فعل لأسعار النفط أمس -الثلاثاء- هو التراجع قليلا على وقع المخاوف من تصاعد النزاع والذي سيطال تأثيره الاقتصاد العالمي، هذا إلى جانب تأثير عقوبات أمريكية أخرى لكن تجاه إيران وفنزويلا مصدري الخام.

وحتى الآن فإن رد فعل الصين كان هادئا وبدا أكثر تماسكا من المتوقع حيث أعلنت وزارة التجارة الصينية أمس أن ليو هو، نائب رئيس مجلس الدولة، سيزور الولايات المتحدة يومي 9 و10 مايو المقبل، لإجراء محادثات تجارية ثنائية بدعوة من مسؤولين أمريكيين كبار، لإجراء "الجولة الـ11 من المشاورات حول المسائل الاقتصادية والتجارية، لكن الوزارة لم توضح تفاصيل المحادثات أو الموضوعات التي ستكون مطروحة للنقاش.

وينتظر العالم رد فعل من الرئيس الصيني شي جين بينغ والذي دائماً ما يكرر أن التعاون هو الخيار الأفضل لكل من الصين والولايات المتحدة. لكن لأن بينغ ليس من المغردين كما ترامب، فإنَّ الرد قد يأتي متأخرا بعض الشيء.

تعليق عبر الفيس بوك