برشلونة.. ما سرُّ نجاحه المحلي؟

 

 

حسين بن علي الغافري

 

حسم برشلونة مهمته في بطولة الدوري الإسباني بلقب جديد في خزائنه. بطولة رقم ٢٦ على مدار تاريخه أكدت التطور الملحوظ للنادي الكتالوني منذ منتصف العقد الماضي مروراً بالعقد الحاضر، أي ما بعد عام ٢٠٠٤ والنهضة الكبيرة بفترة الرئيس الذهبي خوان لابورتا ومدربهم ريكارد واستقطاب البرازيلي رونالدينهو والكاميروني صامويل إيتو، والمكسيكي ماركيز والفرنسي لودوفيك جولي، إضافة إلى أبناء النادي بويول وإنيستا وتشافي وميسي وبقية الأسماء المعروفة. لقب لا يبدو بأن مشواره كان تنافسياً كما ينبغي ونحن نتحدث عن بطولة حُسمت قبل نهايتها بأربع جولات عن صاحب مركز الوصافة. بطولة لم تحمل الكثير من التفاصيل في ظل النتائج المتباينة للمنافس الأول.

ونحن نلملم بطولة هذا العام، لا نتجاهل شراسة النادي الكتالوني وتفوقه الفني الكبير مقارنة ببقية منافسيه. ولعلّ ملامح اللقب اتضحت شيئاً فشيئاً بمراحل الموسم، فكانت مباراة الكلاسيكو في ديسمبر الماضي والخماسية في أبناء لوبتيغي المدرب السابق لفريق العاصمة أولى إشارات التفوق والتقدم في جدول الترتيب. ثم أكمل برشلونة مهمته بتعادل هام في ملعب أتلتيكو مدريد، قبل أن يعود بانتصار جديد على المرينغي في معقله بهدف وحيد ولكنه هام. ومع وصول الدوري إلى ربعه الأخير فقد كانت القمة الحاسمة على أرضية الكامب نو والتفوق بهدفين على أتلتيكو إعلان غير رسمي بأن الأمور كُتبت باسم ميسي وزملائه. عموماً لا نُفصل الدوري في مباريات الرؤوس الأولى ولكن يمكن القول بأنّ برشلونة صنع جزءا كبيرا من تفوقه على بقية الأندية، وسباق الظفر بأعلى كم من النقاط لم يتركه يمرّ مرور الكرام، بل صارع ودخل منافسة شرسة حتى تحقق له ما أراد.

ومع الوقت ندرك حجم العمل الكبير والتغير الواضح في سياسة النادي الكتالوني، نحن نتحدث عن ثامن لقب في 11 عاما فقط. البطولة باتت تتخذ من برشلونة عنوانا رئيسي لها وإحكام المنافسة لصالحه يقودنا إلى تفسير واحد وهو أنّ برشلونة عرف كيف يصنع مجده الجديد. ولا ننسى بأنّ موسم ٢٠١٠ خسر برشلونة لقبه بفارق المواجهات مع منافسه الدائم ريال مدريد. كما خسر في ٢٠١٤ اللقب بعد أن تعادل على أرضه في المباراة الأخيرة من الموسم أمام أتلتيكو مدريد بفارق نقطة وحيدة. كل ذلك يشيء إلى أفضلية كبيرة للغاية ومنافسة في أوج عطائها على اللقب المحلي. فضلاً عن لقب الكأس الذي يؤكد سيطرته المطلقة عليه. وهو أمام موعد مع لقب آخر في نهائي الكأس نهاية هذا الشهر أمام فالنسيا.

ختاماً، برشلونة لم يكتف بالإنجازات المحلية، بل حقق منذ ٢٠٠٦ أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وهذا العام يبدو بأن تقدمه على ليفربول بثلاثية نظيفة في نصف نهائي البطولة يدفعنا إلى جدية منافسته وبالتالي نتوقع رؤيته في النهائي لو لم تحدث مفاجئة من الفرعون المصري محمد صلاح وبقية كتيبة الريدز. برشلونة صنع سياسية جديدة أهّلته لتربع المجد وتحقيق مكاسب إقتصادية هائلة، فمن نادٍ بالتزامات مقيدة إلى آفاق أرحب. حتى أن جوانب التمويل والكسب كان لها دور جوهري. فبرشلونة ظل لقرابة قرن أو أكثر لا يفضل الإعلان على قميصه حتى كسر هذه القيود وبات اسم برشلونة جاذب كبير لكبرى الشركات. وأصبح تمويل الصفقات لا تشكل عائق بالنسبة له، ومن هنا نرى التعاقدات ذو الأسعار المرتفعة ترتبط به، وديدن تجديد كتيبته موسمياً. برشلونة اسم ذهبي في عالم الجلد المدور، ونموذج حقيقي لثبات المنافسة وتحقيق الألقاب. كل عام يُفاجئك بعطشه للقب آخر ينقض عليه. ولم لا نر موسم "تحويش" على كل الألقاب مثلما حدث في ٢٠٠٩ و٢٠١١.