الاستعداد للدورة التاسعة لمجلس الشورى!

عبدالله العليان

بدأتْ الاستعدادات منذ عدة أشهر للترشح لمجلس الشورى في دورته التاسعة 2020ـ 2024، وقد تقدَّم من تَقدم بأسمائهم للترشح، ولا تزال الإجراءات مستمرة فيمن يحقُّ له الدخول في العملية الانتخابية، ومن لا يحق له، وفق القوانين واللوائح التي وُضِعت منذ تأسيس هذا المجلس، والتعديلات التي تلتْ ذلك.. وهذه من الإجراءات المتبعة في مسألة الترشح للعضوية والتصويت عليها، وقد أسعدَني الكتاب الذي أصدرته الكاتبة الصحفية الأستاذة عزيزة الحبسي هذا العام مع دورة معرض الكتاب هذا العام، وكان بعنوان "عين على الشورى"، وقدَّم له الأستاذ حمود بن سالم السيابي، وكذلك الباحث الدكتور عبدالحميد الموافي، وهذا الكتاب جاء في توقيته المناسب، مع الاستعدادات لانتخابات مجلس الشورى، وهو بالأساس في مضامينه يركز على أهمية الدور الذي من المهم أن يضطلع به الأعضاء المنتخبون، فيما يهم الوطن وقضاياه، ومتطلبات المواطن واحتياجاته؛ لذلك كان الجانب الأوسع من الكتاب متركزًا على الحوارات واللقاءات، مع النخب الثقافية والفكرية العمانية، ورأيهم فيما يتطلعون إليه، وبينهم من ترشحوا لمجلس الشورى في الدورات الماضية، ومنهم من ترشح للدورة الثامنة الماضية، وكان عضواً بالمجلس التي تنتهي دورته أواخر هذا العام، كما طرحت المؤلفة في هذا الكتاب، العديد من المقالات التي تتلمَّس ما يدور من تساؤلات وملاحظات حول قوانين المجلس، وضعف التصويت في بعض مراكز الانتخاب، وعدم حضور المرأة الحضور المناسب، وغيرها من الاهتمامات التي تتعلق بالشورى، وكيف يحقق أهدافه المنشودة من تأسيسه.

ومن خلال استقراء الدور الذي ينشده المواطن من مجلس الشورى، نلاحظ أن الحماس بدأ يقل عند الكثيرين، والأسباب قد تختلف بين فرد وآخر؛ فالبعض يلقي باللوم على الأعضاء في غالبيتهم، أنهم لم يُؤدوا ذلك الدور الذي يمكن أن يؤدوه من خلال الصلاحيات التي منحت للمجلس؛ ومنها الصلاحيات التي تمت إضافتها بالمراسيم السامية في 2012، وهذا الآراء قد يختلف حولها البعض، وقد يتفق معها؛ فالمسألة قد تكون توقعات من خلال الأسئلة والردود التي تُطرح في الجلسات، لكنَّ البعض يخالف هذا الرأي تماما، وقد سمعتها من غير أعضاء مجلس الشورى، من أنَّ الأعضاء يلعبون أدواراً جيدة ومهمة بالمجلس، من خلال اللجان، ومن الزيارات واللقاءات مع المسؤولين في كل المؤسسات المعنية بهموم الوطن ومتطلبات المواطنين، لكن الأمور قد لا تكون ميسَّرة بالصورة التي نريدها أن تتحقق، وأسبابها كثيرة كما يراها البعض، والبعض الآخر يرى أنَّ الاستجابة للكثير من المطالب من الأعضاء من الحكومة قد لا تجد الاستجابة، ونحن نحمِّل الأعضاء أكثر مما يحتَملون؛ فهم يسألون ويطرحون الكثير، وهذه أيضاً لها ردود يقولها بعض المسؤولين، إنَّ الإمكانيات قد لا تكون المتاحة لظروف تقدرها الجهات المعنية، ومنها الظروف الاقتصادية الراهنة، لكن تظل مسألة انخفاض الحماس مُؤشِّر واضح لعدم تأثير المجلس على مطلب المواطنين، خاصة قضية القضايا (التوظيف)، ووفق التقديرات العامة من خلال الأحاديث والحوارات، وكذلك في وسائل التواصل الاجتماعي، والمواطن يتطلع مع كل دورة انتخابية إلى أن يجد ما هو ملموس مما تقدم به الأعضاء من برامج انتخابية، وإذا لم يجد الاستجابة التي يتوقعها، فإنَّ روح الحماس للعملية الانتخابية تتراجع وهذه مسألة نفسية ووجدانية، فربما يقل الإقبال على التصويت، ونأمل أن يكون الإقبال كما كان؛ لأنَّ جهود الأعضاء قد تتفاوت بين عضو وآخر؛ لذلك من المهم أن يستمر الحماس في إعطاء الأصوات للمرشحين، ممن يتوخون فيهم الإخلاص لهذا الوطن ومتطلبات المواطن.

ومن الموضوعات التي طُرِحت في هذا الكتاب، وكنت ضمن النخب التي شاركت في الحديث عن بعض القضايا المتعلقة بالشورى، مسألة استقالة العضو بعد فوزه في الانتخاب، وقد كتبت في أحد المقالات السابقة عن اللائحة التي وضعت منذ تأسيس مجلس الشورى، عن استقالة العضو من وظيفته بالقطاع الحكومي، وأرى أن هذه المادة تحتاج إلى المراجعة، من الجهات المعنية؛ لأنها قد لا تعطي الاستجابة للكثير من الكفاءات، وخسارة للقطاع الحكومي، لو جاءت الاستقالة، ولم تتح له العودة مع كفاءتهم وخبرتهم، ومما قلته عن قضية استقالة العضو أن "أغلب الكفاءات العمانية تعمل في جهاز الدولة الأكاديمي، والإداري، والفني، وهؤلاء هم النخبة في المجتمع العماني، حقيقة كأغلبية بالمقارنة مع القطاعات الأخرى. فلماذا يقدم الذي نجح في الانتخابات استقالته؟ وماذا سيفعل بعد انتهاء فترة العضوية؟!.. فهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة، والذي أعرفه وأنا دارس للقانون، أنَّ الكثير من برلمانات دول العالم عندما يتم انتخاب الشخص تتجمد وظيفته إلى فترة انتهاء الدورة البرلمانية، بعد ذلك يعود مرة أخرى إلى وظيفته سواء كان مسؤولاً أو مستشارا، أو أستاذاً جامعيًّا، أو محاميًا، أو مهندسًا... إلخ؛ فتقديم الاستقالة هذه لا تُسهم في تشجيع الكفاءات العمانية على ترشيح أنفسهم للمجلس، والتي نعّول على دورها في إثراء المجلس، وتعزيز قدراته الرقابية". لذلك؛ نأمل أن يُعاد النظر في بعض المواد المتعلقة بالترشيح لمجلس الشورى؛ منها: قضية الاستقالة بعد نجاح العضو في الانتخاب، وهذه العودة للوظيفة العامة، يُعمل بها في أغلب المجالس النيابية في العالم كما أشرت، ومجلس الشورى، كما عبر عنه جلالته منذ بداية تأسيسه أنه "وجد ليبقى ويتطور"، وهذه من سمات سياسته الحكيمة، في التدرج، وليس التجميد الذي يخالف سُنن الحياة في التجدد والتنوع.