إقرار الذمة المالية.. لمن؟!

ناصر بن سلطان العموري

 يعرف إقرار الذمة المالية بناء على الموقع الإلكتروني لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة على أنّه "عبارة عن وسيلة يقر من خلالها المسؤول الحكومي ما له وزوجه وأولاده القصر من أموال نقدية أو عقارية أو منقولة داخل السلطنة أو خارجها بما في ذلك الأسهم والسندات والحصص في الشركات والحسابات البنكية ويدخل في ذلك أيضاً ما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات"

كما نصّ قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح في مادته (12) بأن "يلتزم المسؤول الحكومي بتقديم إقرار بذمته المالية إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وفقا للنموذج الذي يعده لهذا الغرض يتضمن بيانا بجميع الأموال المنقولة والعقارية المملوكة له ولأزواجه وأولاده القصر، ومصدر هذه الملكية".

إذن نستخلص مما سبق أنّ إقرار الذمة المالية تطلب من المسؤول الحكومي بل هي لزام عليه وذلك بناء على قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح ولكن مهلا من المقصود هنا بالمسؤول الحكومي؟ فهل هو كل من تقلد منصبا إشرافيا من رئيس قسم فأعلى وصولا إلى أعلى الهرم في كل مؤسسة حكومية؟!! والعجيب هنا حين علمت أنّ إقرار الذمة المالية تطلب من أسفل الهرم وبشكل إلزامي وإلا سوف يتعرض من يخالف ذلك للمساءلة القانونية حتى ولو كان رصيده بالسالب جراء تأخر الترقيات وغياب العلاوات وغلاء المعيشة في المقابل نجد أنها لا تطلب من أصحاب المعالي والسعادة إلا من خلال توجيه من قبل رئيس الرقابة المالية نفسه؛ هذا إن حصل طبعا مع العلم أنه لا تمر شاردة ولا واردة من مشروعات كبيرة متخمة بالمصروفات إلا بتوقيع من المسؤول الأعلى للوحدة فهو الوحيد المخول له بالتوقيع  فمن المفروض أن يكون له الأولوية في تعبئة إقرار الذمة المالية هنا..! هل هو الموظف كاتب القرار أم معتمد القرار النهائي؟ أترك لكم حرية التفكير.

وللعلم كنت قبل ثلاث سنوات ونيف كتبت مقالا في إحدى الصحف المحلية بعنوان "من أين لك هذا ؟.. بداية على الطريق الصحيح" تطرقت فيه لضرورة التشديد في تطبيق الإقرار عن الذمة لكل مسؤول في الدولة ابتداء من أعلى الهرم وتحقيق عبارة "من أين لك هذا؟" ومن المؤكد أنّ الحرص على تطبيق مثل هذا القرار سيسهم بلا شك في تحقيق مبدأ الشفافية والمصداقية وحفظ الحقوق ومكافحة الفساد حيث طالب به العديد من أعضاء مجلسي الدولة والشورى.

وبراءة الذمة لمن لا يعلم تساعد على حفظ حقوق الأشخاص والدولة على حد سواء بل وهي دليل دامغ على نزاهته وطهارة كل مسؤول يقدم براءة الذمة، والدين الإسلامي الحنيف حث على تطبيق مبدأ من أين لك؟ هذا قبل أربعة عشر قرناً من الزمن. والقصص الواردة من السيرة النبوية العطرة وخلفائه الراشدين خير دليل على ذلك؛ وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، وكلها تدل على أهمية الأمانة والتفكير بمصلحة البلد قبل أن يغلب هوى النفس وهناك دول أوربية وآسيوية سبّاقة في ذلك بل ونجحت في اجتثاث الفساد من جذوره وتهيئة واستصلاح بيئة مثالية لخدمة البلد دون أدنى استغلال وبعيداً عن المصالح الدنيوية؛ ونتيجة لذلك هي تعتبر الآن من الدول الصفوة على مستوى العالم، وهذا بلا شك ما نأمل أن نراه في بلدنا عمان في القريب العاجل؛ منعاً للقيل والقال وكثرة السؤال. فالمسؤول في أي جهة حكومية كانت أم خاصة يجب أن يكون هو القدوة.

 

 (خارج النص)

عمود نبض قلم هو صوتك ومرآتك وليس حكرًا على كاتبه. فإذا كان لديك ملاحظة أو وجهة نظر معينة أو نقد بناء يخدم الصالح العام فلا تتردد في التواصل عبر البريد الإلكتروني.. فكلنا لخدمة عمان فداء.

 

تعليق عبر الفيس بوك