أكد أن الحل العسكري في اليمن لن يصنع السلام.. و50 مليار دولار تكلفة إعادة الإعمار

مصطفى النعمان لـ"الرؤية": السلطنة محل ثقة من جميع الأطراف في اليمن بفضل "دبلوماسية الحياد"

...
...
...
...
...
...

 

 

◄ تعنُّت الأطراف المنخرطة في الصراع يفاقم الوضع المأساوي للشعب اليمني

◄ هناك من ورط "التحالف" في اليمن.. والتعامل مع الأزمة لم يكن حكيما

◄ الحكومة اليمنية عاجزة عن تقديم الخدمات للمواطن.. والوزراء يعيشون خارج البلاد

◄ اليمن لم يتمزق وحسب.. بل صار "شظايا".. و60 مليون قطعة سلاح بيد الشباب

 

 

 

أشادَ سَعادة السَّفير مُصطفى أحمد النعمان وكيل وزارة الخارجية اليمنية السابق، بالدور العُماني في السعي لتحقيق السلام في اليمن، وقال إنَّ السلطنة محل ثقة من جميع الأطراف بفضل سياسة الحياد التي تتسم بها الدبلوماسية العُمانية الحكيمة، تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

وأكَّد النعمان -في حوار خاص لـ"الرُّؤية"- أنَّ الحل العسكري في اليمن لن يصنع السلام، داعيًا جميع الأطراف المشاركة في الصراع إلى تقديم "تنازلات حقيقية كبيرة". وقال إنَّ سنوات الحرب الخمس التي عصفت باليمن خلَّفت أوضاعاً إنسانية قاسية؛ حيث إنَّ هناك الكثير يعانون من إعاقات جسدية منعتهم من التحرك أو أنهم أصبحوا عاجزين عن العمل بسبب إعاقاتهم، كما أنَّ الحرب فاقمتْ مُعدَّلات الفقر بين أسر كانت في مرحلة ما قبل الحرب تعيش في حالة جيدة.

الرؤية - محمد قنات

 

وقدَّر النعمان تكلفة إعادة الإعمار من حيث البُنى الأساسية والتنمية بنحو 50 مليار دولار على الأقل، لكنه اعتبر أن تكلفة إعادة تأهيل البشر لا يُمكن توقعها. وأضاف أنَّ أعداد المعوقين والفقراء في اليمن لن تستطيع أي دولة أن تقدم لهم المساعدات في ظل هذه الظروف، إضافة لحجم الدمار الذي لحق بالبنية الأساسية التي تحتاج إلى أموال طائلة حتى تتوفر بعض الخدمات الأساسية في مناطق كثيرة من اليمن. وأوضح ضرورة أنْ تتوافر لدى جميع الأطراف إرادة حقيقية من اجل إيقاف الحرب التي دمرت الوطن طيلة السنوات الخمس الماضية، واصفا الأوضاع في اليمن بأنها "متشظية للغاية".

وقال إنَّ "التعنت" الذي تمارسه الأطراف في الاستمرار في الحرب يُفاقم من الوضع المأساوي في اليمن، كما أنَّ الأطراف نفسها ربما تكون قد توصلت إلى حقيقة أن الحرب لن تكون الحل للأزمة في اليمن، خاصة وأن الأطراف المتناحرة أنهكتها الحرب ماديًّا لتكلفتها العالية. واستدرك قائلا: "يبدو أنَّ هناك أطرافًا مستفيدة من استمرار الحرب إلى فترة أطول".

وشدد النعمان على أنَّ الحل العسكري لا يمكن أن يؤدي لسلام واستقرار في اليمن، ولابد من الجلوس على طاولة الحوار لوقف الحرب والاقتتال والدمار المستمر منذ 5 سنوات، خاصة وأن هناك قناعة لدى الجميع بأن الغرض من هذه الحرب والمتمثل في تأمين الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية وتدمير أسلحة جماعة انصار الله لم يتحقق، وأنه لا إنجاز إلى الآن قد تحقق.

وتابع قائلا إنَّه وبعد خمس سنوات من الحرب البعض بدأ يستشعر أنَّ هناك من ورَّط التحالف بقيادة السعودية في أتون هذه المعارك، وأنَّ التعامل مع الأمر منذ بداياته لم يتم بحكمة، خاصة جماعة أنصار الله، مستصحبين في ذلك مدى علاقتهم بإيران، كما أنَّ السعودية لم تتعامل بمبدأ الحوار والأمر الواقع بإنشاء علاقات يمكن أن تؤدي لنتائج جيدة في بدايات الازمة، مشيرا إلى أنَّ أشد المتشائمين لم يتوقع أنْ تدور حرب بين البلدين بهذه القسوة، ولم يتصور أحد أن يصل الأمر إلى هذا الحد، واستدرك بأنَّه ومنذ خمس سنوات لا يزال الحوثيون لا يراوحون مكانهم بذات النهج.

ورأى النعمان أن الشرعية في اليمن لم تُثبت قدرتها على إدارة المناطق التابعة لها، ولم تحقق الحرب الاستقرار والتنمية، بل خلَّفت مشاهد إنسانية مروعة، مشيرا إلى أنَّ أسرًا باعت كل ما تملك من أجل العيش، وأن الذين خرجوا من اليمن الآن مُوزَّعين ما بين مصر والسودان وجيبوتي... وغيرها من الدول الأخرى، في أضخم هجرة قسرية لليمنيين.

وتابع أنَّ قرار الحرب لم يعد قرارا يمنيا خالصا، وإنْ أردنا إيقافها فعلينا أن نذهب ونجلس مع الأطراف التي أعلنتها، كما أنَّه ينبغي على تلك الأطراف أن تبحث عن مخارج لوقف الحرب، مشيرا إلى أنَّ هناك فرصة لوقف الحرب في ظل ما تعانيه الأطراف المتحاربة من إرهاق وعدم قدرة على الاستمرار في هذه الحرب.

ومضى قائلا: إنَّ الحكومة اليمنية حتى الآن لا تزال عاجزة عن تقديم أي شيء؛ حيث بلغ عدد وزرائها 34 وزيرا، فيما تضم وزارة الاعلام وحدها 24 وكيلا وجميعهم مستقرين خارج اليمن.

وأبرز النعمان التحديات الطائفية أيضًا التي نتجت عن الحرب، وقال: إنَّ البُعد الطائفي في الأزمة أصبح يتمدد بصورة واضحة إلى جانب التقسيمات القبلية؛ فاليمن بسبب الحرب لم يتمزق فقط بل صار شظايا، فالآثار لم تتوقف على اليمن وحدها، وهناك 60 مليون قطعة سلاح في أيادي الشباب اليمنيين سيذهبون بها إلى التنظيمات الإرهابية، محذرا من حجم الكارثة التي ستظهر بعد انتهاء الحرب.

وحول مباحثات السلام التي تستضيفها الكويت، قال إنَّ المباحثات هدفت للتوصل إلى وقف إطلاق النار بصورة كاملة وبدء الانسحاب من مدينة وميناء الحديدة، وقد بدأتْ خُطوات بسيطة في هذا الجانب. لكنه أوضح أنَّ المشكلة الرئيسية تتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف، فلا ضمانات للهدنة، وربما بخروج أي طرف من المناطق التي يسيطر عليها، يقوم الطرف الآخر بفرض نفوذه وقوته. واعتبر النعمان أنَّ من إيجابيات هذه الهدنة الهشة أنَّها أوقفت الحرب جزئيا في منطقة الحديدة التي تعد المنطقة الأفقر في اليمن، وسكانها يعانون معاناة شديدة فيما يتعلق بنقص الخدمات، خاصة مع دخول فصل الصيف بدون ماء أو كهرباء.

تعليق عبر الفيس بوك