لعلّي أَسُوقُ الغَمَامَ !


د. موسى رَحُوم عَبَّاس | الرياض

أنا البَدَويُّ الذي يَحْدُو المَطَايا مُدْلِجًا
إلى الجُبِّ ؛ لعلِّي أسُوقُ الغَمَامَ إلى جَوْفِهَا
فأكبادُهُا صَخْرٌ شَظَاياهُ من ظَمَأٍ أو سَرَابْ!
انتظرْتُ حتَّى صُدُورِ الرِّعَاءِ ، وقلتُ:
هذا هو النَّوْءُ الذي يَغْسِلُ الأرْضَ مِنْ دَمِنَا، وهَذِي
تَرَانِيمُ صُبْحٍ شَدَتْهُ أسْرَابُ نَحْلٍ ، تَجُوبُ الجِبَالَ مِنَ البَحْرِ للبَحْرِ
فَطَالَ عَليَّ الأمَدُ المُشْتَهَى، فَقَالتْ:
لَعَلَّكَ لَمْ تَكُنْ ذاكَ القَويَّ الأمِينَ!
فَقُلْتُ: لَعَلِّي !
نَهَضْتُ، تَعَثَّرْتُ بِظِلِّي، نَهَضْتُ، سِرْتُ والرِّيحَ
تلَفَتُّ، ألفَيْتَنِي عَارِيًا
رَكَضَتُ، رَكَضْتُ، وكَانَتِ الأرْضُ تَرْكُضُ خَلْفِي
والجِبَالُ
وكانتِ الرِّيحُ تُعْوِلُ مِثْلَ سَعْلاةٍ بوسْطِ المَفَازَةِ
لا الظِلُّ يَصْمِتُ، ولا القَلْبُ يُدْمِنُ هذا العَوِيلَ
وكُلُّ أغاني الرُّعَاةِ في جَبَلِ الشَّيْخِ  مَلْغُومَةٌ بالخَدِيعَةِ
هَذَا تقولُهُ الأرْضُ للنَّهْرِ
وهذا مَا خَبَّأتْهُ اليَمَامَةُ في أعْشَاشِها البِكْرِ
وما خَبَأْتُهُ الحَرَائِقُ
لِقَلْبِي المُدَجَّجِ بالحُلُمِ والأمْنِياتِ الثِّقَالِ
حَتَّى غَدا مِثْلَ عِيرِ إخْوةِ " يُوسُفَ" مُحَمَّلةً بالصِّبر والجُوعِ
وما حَمَلتْ صَبَا رِيحَهُ؛ فيرتَدَّ لِي بَصَري كَرَّةً ثَانِيَة
فقلتُ:  سَأعْبُرُ نَهْرَ أحْلامي طَلْقَةً من رَصَاصٍ
شَظَايَاهُ نَطْعٌ وسَيْفٌ وعُنْقِي
ولَمَّا أَزَلْ أدْفَعُ بالرِّيحِ ، لَعَلِّي أسُوقُ الغَمَامَ
لَعَلِّي!

 

تعليق عبر الفيس بوك