"مفهوم العامة عند الغزالي" أحدث إصدارات "بيت الغشام"

مسقط - الرؤية

يقدم الباحث خالد بن سعيد بن موسى الكندي في كتابه الجديد، الصادر عن مؤسسة بيت الغشام، "مفهوم العامة عند الغزالي" دراسة مقارنة بين منهجي الفلسفة وعلم الكلام لمفهوم العامة عند الغزالي.

ويُعَدّ الغزالي أحد أبرز الشخصيات التاريخية التي تَزَاحَمَ حولها الكتاب والناقدون قديمًا وحديثًا، فما أكثر ما كتب عنه وعن فكره، وذلك لأثره التجديدي العميق، وإحيائه لعلوم الدين، وامتداد حضوره في الذهنية الثقافية العربية والإسلامية حضورًا لا يزال مستمرًا حتى وقتنا المعاصر رغم مضي ما يقارب ألف عام.

ويعزو الباحث الظاهرة الجدلية حول شخصية الغزالي في الثقافة الإسلامية، إلى عدة أسباب، منها إنكار بعض علماء الإسلام عليه إشاعته لعقائد الباطنية والفلاسفة، بتصنيفه جملة من المؤلفات والرسائل الشارحة لتلك العقائد، تصنيفًا فاق فيه أصحاب تلك العقائد نفسها، فقد برع الغزالي بأساليب عرض ونقد متقدمة لم يسبقه إليها أحد، وتبنيه لبعض أفكار الفلاسفة وعلومهم كعلوم وقواعد المنطق، في وقت كان فيه الخطاب الديني آنذاك خصمًا مباشرًا للفلسفة وأقسامها وعلومها، وجرأته على الفقهاء والمتكلمين وتعرضه لمناهج علوم الكلام بالهجوم وتفكيك القضايا ونقدها والحط من أقدارها، وتصنيف درجاتها ومستوياتها من حيث الأهمية، واعتماده في كتابه الشهير "إحياء علوم الدين" على أحاديث ومرويات ضعيفة وموضوعة، فضلًا عن أنّه قد ألف هذا الكتاب بمنهج المتصوفة، وهو منهج يعده البعض معيبًا باعتباره قائمًا على التجارب الذوقية الشخصية دون أدلة علمية يُحتكم إليها.

ويسعى الباحث خالد بن سعيد الكندي عبر هذه الدراسة النقدية أن تحمل إلى القارئ الكريم نظرة تحليلية جديدة حول موقف الغزالي تجاه مصطلح العوام.

ويوضح المؤلف أنّ ظهور الغزالي كان ضمن عصر تنازعته الكثير من الاضطرابات الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية، كما كانت تتدافعه أمواج المذهبيات والنزاعات الفكرية والصدامات الطائفية على خلفية حركة التيارات الباطنية، وقد بلغت تلك الاضطرابات مبلغًا عظيمًا إلى حد وصولها للاغتيالات والتصفيات الجسدية كما سيظهر ذلك لاحقًا، لذلك لا يمكن أن تُفهم صرامة الغزالي على بعض الفرق والتيارات الإسلامية والظواهر الإنسانية -إلى جانب إعادة صياغته لبعض الألفاظ والمصطلحات والمفاهيم- إلا في ضوء تلك المخاطر الجمة والتحديات الكبيرة والمشكلات العصية.

تعليق عبر الفيس بوك