في مكان صغير من سيرتي

زهير بردى | العراق

 

في النهار يبدو أنني مجرد عين أنظر وفي الليل أنا أصابعي تنظر وتتنصت إلى أقواس تجي وتذهب في ظلام يثرثر وتثرثر معي الأقواس وتحت قوسي سهم يثرثر في يدي الماء والقوس كتابة مغسولاً أنا بالطين وحرير الكتابة وإلى الآن أنا في النهار ما زلت أخرج من سواد وفي الليل حضني بياض يسيل.

***

أحدهم يطمئن جسدي إني ما زلت على قيد حياة انتاب الموتى ارتباك لأن لا أنثى تحتمل حماقة  أصابعي في الكتابة والحب عن غريب عن أحد رايته ذات طين يغتسل بذنوب لا تحصى لا أذكر اسمه لكنني أتذكر جسده العاري كان يمسك بالغيم بخيط أصابعه ويضعه في نشاب يشبه إبرة.

***

ما زلنا نسمع فيروز في الصباح ونحن نتشبث بحواف أصابعنا بالكرة الأرضية ويسمعها أخي الذي في خيم التهجير كذلك على الجانب الآخر من الكرة الأرضية في المساء بحواف أصابعه المتمتعة بالنور حتى في الليل.

***

أتذكر تمثالاً مائلاً وعلى البحر حنجرته تردد نشيداً عن عصافير لم تعد ذات مساء  ويسلك دروباً كنت سلكتها في مساء ممطر لأول مرة وأقلب نظرتي يطوف الضوء على أشلاء الأرصفة الهاربة المنحنية على أفق بائس فيما أظل أصفن إلى قشور كلام متشرد خلف أيقونة يمسك النواح بها ويضحك

***

أهمس  وترتخين ثم تنكسرين احمراراً وأنت تعبثين تحت إبطي دائماً تتجمعين في مكان مليء برائحة فحولة فمك لم يره أحد يشهق سوى ومضة تلهث في نضوح الرغبة تنعسين ناعمة مبللة بعرق تلعقيه وتنزلين إلى جنوني ينتظرك على أحر من ارتخاء لذيذ.

***

في مكان صغير من قطعة أرض تشبه صندويج ارتعشت سيرتي الذاتية ليس من الجوع ولكن من أشياء غريبة تشبه أخطاء عنكبوت في تاريخ جدار وعلى بعد نصوص مثرثرة لمحت امرأة متوترة مقلوبة بالخطأ أيضاً تسكب الورود تذوب في ثلجي المغلي ببرودة النبيذ.

***

حشود بيضاء تأتي من لوحة سوداء ينهض مني غريب أضعته ذات بحر من نومه المستمر تخرج عتمة الليل أساطيراً يكتبها رواة خرافييون كتابهم افتتاحية نشيد زهرة أفعى تهمس ظلالها العرجاء بأجراس طرس يتمدد في ضريح ميت طري يشعل مصباحا لامرأة تأتي إلى غرفة نومه.

***

أتلمس الطريق إلى الليل يتقطر الضوء كرذاذ جص متكسر أتحلق في دروب الحي قرب أجراس ساعة وأتذكر أني انتظرت كلاماً من مخطوطات أوراق عائدة إلى مكتبة في مقهى المدينة خلفي كانت الأيادي الملوحة تتسلق المنحدرات وتصعد إلى قوس قزح تعبث بغيوم لوحة بيضاء.

***

أقف تحت نغمة لا تتكلم إلاّ بفم وتر وكقطع الخزف الواجمة على الجدران مذعوراً من استراحة قصيرة تحت درجة صفر مدهش أزيل الدبق من نصب الحب المستغرق في احتجاجاته على عري جسده أقف أمامه كمومياء تلعب الشطرنج مبهوراً بنغمة كشها

***

تحت خيمة حياتي كأنها هواء مرة بعد ألفي شعاع شمس أردت أنام فيها نمت مستيقظاً جسدي في طريقه إلى سرير يتقياني أجمع النجوم كل ليلة وقربي أبريق نحاس أشرب منه الدمع غبار مزخرف بأشكال نجوم ميتة على منديلي لا شيء معي أكتب في ورق الظلام وأنا جالس فوق كرسي أحس بوخزة إبر.

***

طفلٌ بيده تجاعيد أمّه كأنّها أفواه عروق عجين ساخن ليلة َشتاء أو مكتبة تشهقُ بالكلمات ثقوبٌ تحملُ أنقاضَ أيّامها تكسرُ كابوسَ الوقت وتسندَ عود َتاريخها على قامة ِالماء فضاءٌ بملايين الورود يشمُّ عطرها ونبضٌ كلّما أحتاجَ إلى موسيقي برقّة ٍفراشات تعزفُ في قلبِه, طفل بيده الحياة كلها

***

أقرأ عين التاريخ وانتحب عذراً هذا غموضي في وضوح الياسمين أقرأ احتياجي على القراءة لأن تاريخ شفتي أمي في الكتابة وأنا أكثر سطوعاً من أشخاص فيّ يطلعون من فم عرافة لا تقرأ إلاّ كلام الغيب.

تعليق عبر الفيس بوك