أخجلت خديه إذ ينهمرُ

هلال الشيادي | سلطنة عمان

 

(1)

في مُحيا الصبح سال المطرُ

ملء عينيه رضا منتظَرُ

//

تعزف القطرة في وجنته

أخجلت خديه إذ ينهمرُ

//

فرحة تجري وتسري بهجة

سعد الناس بها والشجرُ

//

والنفاف العذب روح في المدى

نفحها بين الزوايا عطِرُ

//

يا صباحا بللته غيمة

ومحياه حييٌّ نضِرُ

//

المزاريب صحت أغنيةً

صاغها في الليل رعدٌ وترُ

 

(2)

تساءل الغيمُ لما انهلّ في الحارةْ

عن بيتنا وأبي والجار والجارةْ

 

عن قارب كان جد الغيم يعشقه

لما يُظِل بعرض البحر بحّارهْ

 

عن سدرة بشمال البيت باكية

تحكي مع الموج تستجليه أسرارهْ

 

يشتاق صوتا من المزراب يعزفه

لما يلقّن سطح البيت أمطارهْ

 

تسربت قطرات شفها لهَفٌ

للبيت تعرف في الجدران أخبارهْ

 

وإذ يزور حويَّ البيت في ولهٍ

كأنما حل يقضي فيه أوطارهْ

 

وإذ يرش دهاديش الحياة به

من عطره لتكون الأرض معطارة

 

لما يسيل بروح السعد في سكك

بين البيوت دموعُ الغيم خطارة

 

وكل شيء يغني فرحةً جذلا

إذ دوّن الغيم فوق الرمل أشعاره

 

وحين تعبر تصغي نحو صوت أبي

لما يردد بين الماء أذكاره

 

تجيء ليلا على أحلى مسامرة

والبرق نادَمَ في الأرجاء سُمّاره

 

ويهبط الصبح أنفاسا مبللة

وقد أعد أبي للصبح إفطاره

 

وإذ يقول لجاريه على فرحٍ

يا نعمة بادة مرت على الحارة

 

لما وقفت أمام الغيم أخبرني

عن شوقه لأبي عن حبه داره

 

ودمعتي مازجت في الأرض أدمعه

وهامت الغيمة الوطفاء محتارة

 

فمن لرائحة الغيمات تبعثها

لمن يوزع قلب الغيم أعطاره

 

ومن سيرسم فوق الرمل قلعته

حتى يخبئ في الأبراج أفكاره

 

ومن لدندنة المزراب في شجن

غنى وحيدا يحث الدمعُ مزماره

 

هُنَا تنبهت الغيمات أن أبي

أتى إليه سحاب الغيب فاختاره

 

يا غيمتي إنما أسبلتِ فيّ صدى

من ذكرياتي؛ وقلبي قلب محارة

تعليق عبر الفيس بوك