"منبرشات".. "جهاز مخابرات" الثورة في السودان

الرؤية  - محمد علي العوض

قبل سنوات قلائل، أسست شابات سودانيات مجموعة نسوية مغلقة على "فيسبوك" أسمينها "منبرشات"؛ وذلك لمساعدة بعضهن في جمع معلومات مُفصَّلة عن أحبابهنّ أو حتى الرجال الذين يُفكرن بالارتباط بهم؛ فما إن تضع إحداهن صورة للرجل -الحبيب أو الزوج المحتمل- وتكتب "جيبوا لي زيته" -أي: "اعطوني خلاصة الشخصية"- حتى تنهال المعلومات عنه بصورة سريعة.. وإن تعذرت المعلومة في وقتها أو لم تتوافر فلا مشكلة إذ إنّها ستأتي لاحقا بعد ساعات قلائل؛ فليس هناك مجال لكلمة "تعذَّرت المعلومة" ولكلِّ سؤال جواب.

تقول "س. خ" إحدى عضوات الجروب -الذي يضم الآلاف منهن- إنّ نوع المعلومات التي تُجمع عن الرجل تتمحور حول مسكنه وأسرته وحياته الاجتماعية، وما إذا كان زير نساء أو صاحب علاقات متعددة أو مشبوهة أو متزوجًا لمن يدّعون العزوبية، وتوضح أن كثيرا من الفتيات المنتسبات للمجموعة اكتشفن أنّ بعضهم أخفى معلومة أنّه متزوج ولديه أولاد.

ومؤخرًا، وبعد تسارع حراك الشارع السوداني، وتأثرا بـ"ثورة ديسمبر" ضد حكم الرئيس المعزول عمر البشير، وكاحتجاج على ما تمرُّ به البلاد من غلاء ونقص في الوقود والتضييق على المتظاهرين، تماهت المجموعة مع خط الثورة، وغيَّرت الشابات نوع التحريات التي يُجرينها؛ حيث طوَّعن مهارة البحث والتقصي في التحري عن من اعتبروهم "عناصر أمن" مشتبه بتورطهم في قمع المتظاهرين، أو جلب معلومات عن فساد مسؤولين ومتنفذين حكوميين كانت لهم مواقف مناهضة للانتفاضة في السودان، ومن ثم مدّ هؤلاء المتظاهرين بتلك المعلومات؛ من أجل محاصرة عناصر الأمن ودفعهم للتخفي وراء لثام، تفاديا للتعرف عليهم أو مقاطعتهم اجتماعياًّ. وترى إحدى العضوات أن "منبرشات" أضحى "قوة ناعمة وسلاحا إلكترونيًّا" ساعد كثيرًا في كشف العنف الممارس ضد المتظاهرين، والتقليل من حالات القتل بالرصاص.

وتُقابل كلمة "منبرشات" في الإنجليزية crash أي "كسر"؛ فـ"التكسير" يعني بلغة الشارع الشبابي في السودان الوقوع في الحب، بينما يرى آخرون أنّها تعني "منبهرات" بالرجل أو "مُسلِّمات" بالأمر، لاسيما أنّ أمر الحب كالقدر النافذ لا فِكاك منه، ولا تملك إزاءه إلا التسليم.

تعليق عبر الفيس بوك