مشهد نام قليلا

 زهير بردى | العراق

 

 ذكرى كانت وحيدة

فوق الرف

نزلت تبحث لها

عن عريس في الشوارع

***

 

المشهد كان

كما حدث

أعرضه لكم

دون رتوش ومقبلات

على حافة شوارع

خالية من ضجيج المركبات

ولافتات العزاء والمتظاهرين

الذين ناموا قيلولة امس

والناس في أخر الليل

يمرون تباعا

يقطفون الزهور من الأرصفة

والنوافذ نزلت

تجمع عيون النيام

على الأرصفة

لاتهتم

الحرب لا تندلع اليوم

لأن منضدة الرمل مسحتها الريح

والنياشين تأخرت في مصنع الاوسمة

لكن ستصادفها

في سطر

سقط سهوا

من حافظة مؤلف

في أرقام سيارة

عبرت جسد امرأة

ولم تكرث لطفلها الباكي

إلى الآن فوق ذراعيها

في معجون أسنان لبني المنشا

لا تهتم

الحرب دائما تندلع

وتحيط بك

من كل الجهات

***

 

يا الشاعر أجل مت قبل حرب

وبعد غد مت إنك لست فقيدا كما تتصور

فقط فقدتك الأرصفة والحانات

والمارشات العسكرية والنساء الأرامل

وأعداد المجلات وصورتك القديمة الجانبية

وأنت دون رتوش سوداء تعلو فمك

في الصحف الرولة

التي ماتت قبل يوم غد

***

 

خذ هذا المفيد

لا تطلع إلى الشوارع

ولا تؤجل غفوة اليوم إلى الغد

قل وداعا للحياة واحتم بجنونك

ولا تؤجل حب اليوم إلى الغد

***

 

أردت أن أتظاهر ضد نفسي

قطعت الطرق المؤدية اليها

هدوء تام عدا سيارات الشرطة

الساعة تتكتك بعد نصف الليل

والأواني فارغة من الخس واللبن

ما زلت فارضا حظر تجوال تام

على نفسي بعد قليل

استطاعت القصيدة

بمكيدتها وتكتكتها على أصابعي

أن تكسر حظر تجوال

لم يستمر سوى لحظات

***

 

الأوراق

ترتطم ببلاطات الأرصفة

الاشجار في عويل

الريح تلطم خد الأغصان المتيبس

العصافير في مكانها

على الأغصان العارية

تصفن

ويتطاير بعض ريشها الأبيض

في الفضاء

***

 

وصية مجهولة

لتمثال فاته قطار العمر

ما أخذ

سوى غبار كثيف

يشبه امرأة سترت عريها بين فخذيه

وغادرت بعربة نقل كبيرة

إلى مجهول

***

 

عنكبوت في غرفة نومي

يلتقط خطوط يدي

عنكبوت هرم

ترك في يدي

خيطا واحدا

لأنثى كانت ترقد جنبي

في المنام ليلة أمس

***

 

غادر الناس

قبل مائة عام غادروني

ما كنت في يأس كما كنت وقتها

كنت دائما أرسمهم

كل يوم على راحتي

وكانت البلاد

يأتي إليها مردوخ وآشور كما الآن

***

 

قرب شجرة زيتون وحيدة

في باحة الدير

دائما أعيش على سعادة ألوانها

بكيت لأنني وصلت متاخرا

إلى خط صغير

ينتظر قربي

وكانت الحرب ما زالت

بأجمل هندام

التقطت المزيد من الصور مع أمي

أتذكر أنها غسلت الطين بزخات دموع

وأبي أرهقه وجه الوطن

نام برقاد بعيدا

عن شجرة زيتون مار يوحنان

بعيدا عن عيون ورداته الست

وقريبا من ايقونة مار يعقوب

وينحت باصابعه أجمل البحار

***

 

حين فتحت صندوق بريدي

كان الكناسون مروا قبل قليل

وأخذني الغبار

الى السماء

***

 

في ركن أعزل استأجرت قطعة مكان

كان المطر باذخا ليلتها

وكانت فيروز

تبني لي بيتا

من القصائد

قرب رصيف

مبلل بخد دجلة.

تعليق عبر الفيس بوك