العــــربيّ


يوسف شرقاوي | سوريا

أيّها الإله الساكن فوقنا
أيّها الحنون الكريم
إنّنا متعبون، جائعون، وتائهون
منذ قرون نشرب الدمع
منذ قرون نأكل الجرح
وغيرُنا ممتلئٌ حدّ التخمة
أيّها الإله الكريم
يا واحد، يا أحد
نثرتنا في البلاد
وقلتَ: "جعلناكم شعوباً وقبائل"
ولم نسمع بعدها
فظننّا النصرَ لمن يبقى
وحاولنا، كثيراً حاولنا
أن تبقى قبيلةٌ واحدة
ويسيلُ الدم من الأخريات
وبذلنا، جهدَ المستطاع
أن يظلَّ شعبٌ واحد
ليفنى الآخرون، ليُبادوا.
يا واحد يا أحد
إننا متعبون، جائعون، عطشى، وتائهون
أنزلتَ المطر
فتقاتلنا من يعبّئ منه كوباً
خلقتَ الأرض
وتذابحنا على الحدود
من يملك قدراً أكبر
رفعتَ السنابل
فسفكنا الدماء
من يأخذ أكبرَ سنبلة ليصنعَ منها رغيفه
وليقضي الآخرون جوعاً نحبهم.
يا واحد، يا أحد
مددتَ الأرضَ واحدةً
فقسّمناها
والسماءَ واحدةً
فقطّعناها.
أيّها الإله الحنون الكريم
كلّ عامٍ، كلّ عام
نبكي، ونندب
دموعُنا مطر
أكبادُنا قمح
لنأكل بعضنا بعضاً
لنبكي بعضنا بعضاً
لنقتل بعضنا بعضاً
ما مرَّ يومٌ بلا دمع
ما مرَّ يومٌ بلا دمع
أصرخ، فيردُّ العراق
أبكي، فتمسح فلسطين على رأسي
يافا مقتولةٌ
"ما مرَّ يومٌ والعراق ليس فيه جوع!"
ودمشقُ تتآكل باكيةً نفسها
اليمنُ تحتَ الثرى يُوارى.
أيّها الإله الكريم الحنون
إنني متعبٌ بعروبتي
مقتولٌ بعروبتي
مذبوحٌ بعروبتي
فهل من يومٍ يأتي نشبعُ فيه؟
هل من يومٍ يأتي بلا دمع؟
يا سميع، يا بصير
صرخات الثكالى والخنساوات يرتدّ صداها
والعبراتُ تنهمرُ طوفاناً
فأيُّ تيهٍ، أيُّ تيهٍ
نحنُ فيه؟
أيُّ دمعٍ نشتهيه؟
أيُّ جرحٍ ينكوي
ليصيرَ أكبر؟
أنتَ أكبر
أنتَ أكبر
فاجمعنا تحتَ ظلّك
لنعرفَ أنّ أكرمَنا عندك
أتقانا فينا
ولنجتمع، تحتَ رغيفٍ نأكله
ولن نقول، لن نقول:
"ما مرَّ يومٌ ويوجد بيننا جائعٌ!"
كلُّ المفاتيح التي كانتْ
ضاعتْ
فأيُّ بابٍ نبتغيه
لنفتحه؟
كلُّ المفاتيح التي كانتْ
ما تزال
تفتحُ بابَ القلب
لتزرعَ فيه ألماً ودماً
وبابَ العين
لتصبَّ فيه دمعاً يفيض
فهل نرانا سالمين؟
هل نرانا سالمين؟
أيّها الإله الكريم
إنني متعبٌ بعروبتي
فهل يصيرُ الملحُ ماء؟
هل ينفدُ الهواء؟
يا واحد، يا أحد
لنا نصيبٌ منك، فاجمعنا
تحتَ رغيفٍ واحد
ولن نقول، لن نقول سوى:
"ما مرَّ يومٌ وفينا جائع!"

 

تعليق عبر الفيس بوك