حق المواطن في المعلومة

 

 

فايزة الكلبانية

 

شهد مجتمعنا خلال الأشهر الأخيرة الماضية عددًا من القضايا والأحداث التي أوقعت الصدمة في نفوس الكثيرين؛ ومنها على سبيل المثال وليس الحصر القضية التي عرفت إعلاميا بـ"اختلاسات وزارة التربية والتعليم"، وأيضا ما يُتداول حول قضية التخابر المسماة بـ"الخلية الثانية"، علاوة على الجدل الذي صاحب تصريحات معالي الوزيرالمسؤول عن الشؤون الخارجية مؤخرا حول العلاقات العربية مع إسرائيل، وغيرها من القضايا، التي أثارت الجدل والنقاش في المجتمع.

في مثل هذه الحالات، نلاحظ أنّ كل شخص يفسر الأحداث حسب فهمه الخاص، بين مؤيد ومعارض، وقد كثرت وجهات النظر وتعددت الآراء والتحليلات والتي قد يكون لها مبررات إيجابية كفيلة بأن تهدئ كل هذه الاعتراضات من خلال شرح وتفسير خلفياتها؛ والتي نعي جميعا أنّ مثل هذا النقاش يحمل بكل تأكيد إيجابيات أكثر مما قد يراه البعض سلبيات، فحالة النقاش تعني الحيوية في المجتمع، وتيقظ الرأي العام للكثير مما يدور من حوله. لكن ينقصنا من يوضح لنا خلفيات الأحداث بصورة كاملة، بما يضمن وأد الشائعات في مهدها، وإبعاد المغرضين الراغبين في نشر الفتن وإثارة البلبلة.

ومن الدروس المستفادة في الأحداث الأخيرة، أننا كمواطنين نملك الحق في الحصول على المعلومات ومناقشة مختلف القضايا بمزيد من الشفافية، وهنا ينبغي أن تحصل وسائل الإعلام والصحفيون على حقوقهم في الوصول للمعلومة ونشرها، إذ أنّ المجتمع يعول على الإعلام الكثير من الآمال والتطلعات، من أجل توصيل الصورة الحقيقية والواقعية عن هذه الأحداث وتأكيد الصحيح من الخطأ، لأنّ غياب الناطق الرسمي أو المصدر الرسمي قد يترك المواقف للشائعات، تتحكم في الرأي العام، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام من يتفنن ويبالغ بطريقته الخاصة في نقل "الأخبار" ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت بيئة خصبة لنمو وتناسل الشائعات واحدة تلو الأخرى.

لقد بات المواطن يعاني من حالة عدم اليقين، حائرا وتائها لا يعرف مدى صحة المعلومات المتداولة، مما قد يؤثر سلبا على علاقة المواطنين مع مؤسسات الدولة، التي لا تريد أن تخبره بما يريد أن يعرف. ففي الوقت الحالي وفي ظل ثورة الاتصالات باتت الأوضاع تتطلب المزيد من المراجعة، ولنكون صفًا واحدًا لمواجهة الفساد والممارسات التي تسيئ لمجتمعنا، وأن تعمل المؤسسات على زيادة ثقة المواطن فيها، في ظل ما يزخر به الوطن من كفاءات مخلصة تعمل ليل نهار من أجل الصالح العام، وصيانة المنجز العماني الحضاري. أمّا غياب الشفافية، وترك الأحداث للشائعات تتلاعب بها وبالرأي العام، سيربك المجتمع ويضر بالسلم الاجتماعي. لذا أرى أنّه كان من الأفضل والمرتقب من وزارة التربية والتعليم وبحضور ممثلين الجهات المختصة أن يتم طرح تفاصيل قضية الاختلاس في مؤتمر صحفي من أجل توضيح الصورة على الأقل بشكل مبدئي، والإفصاح عمّا تمّ التوصل إليه من معلومات ووقائع حقيقية حتى تتضح الصورة كاملة لاحقا في مراحل التقاضي المختلفة. ففي دول العالم المتقدم، يتابع المجتمع مختلف القضايا ويسهم الإعلام في ذلك بدور رئيس، ومن ثم تقضي المحاكم بحكمها العادل.

إنّ من حق المواطن اليوم الحصول على المعلومة الصحيحة والدقيقة من مصادرها الموثوقة، وليس عن طريق التغريدات عبر مختلف الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، فلست أدري أي دقة يمكن أن تنقلها تغريدة ما أو "بوست" على وسيلة تواصل اجتماعي؟!!

إنني أؤكد لكل مسؤول في بلادي الغالية أنّه لا يجب أن تظل الحقائق محبوسة في خنادق الشك ووديان الريبة بين احتمالية صحتها ودقتها أو خطئها وكذبها، كما أنّه من حق الأعلام أن يكون شريكا أساسيا في كشف الحقائق، فمتى تعي الجهات المعنية ضرورة وجود ناطق رسمي لكل مؤسسة حكومية نستطيع نحن كصحفيين أن نتواصل معه بكل شفافية ووضوح ويزودنا بتوضيحات مهمة حول خلفية أي قضية تتعلق بالمؤسسة التي ينتمي إليها، لقطع الشك باليقين كما يقال، ووقف مسلسل الشائعات التي قد لا تنتهي وتفتح أبوابا تكون تلك المؤسسة في غنى عنها.