بين سيزيف وقاضي الرحمة والحرية (مسرحية غنائية)


د. ريم سليمان الخش | باريس

*القاضي
سيزيفُ قلْ : حدّثْ عن التُهمةْ..!؟
*سيزيف
حريتي!
*القاضي
تستوجبُ الغمّة!!؟
تستوجبُ التطواف في أزلٍ
بين الوهاد الصمِّ والقمة!؟
**
*سيزيف
انظر إلى جسمي وقد عبرت
فوق الضلوع وحطّمت عظمه
ياكعبها العالي إذا دعست !!
إبراً تغزُّ ودونما رحمة !!
انظر إلى آثار أظْفُرها
كيف استحلّت عنوة وشمه!!
بحذائها قد هشّمت جسدي
ثم استباحت في الهوى قضمه !!
*القاضي
شبقية الأهواء ثائرة؟!!
*سيزيف
حسيّةٌ تلتذُّ في النقمة !!
أحببتها فاسترخصت ولهي!
ورأتْ برغم تضوّرٍ فطمَه!
وهو الرضيع يروم حلمتها
لم يُعطه تحنانها ضمّة!
القاضي:
ماذا جرى حتى تُعذّبه
حتى يجفّ الدرُّ في الحلمةْ!؟
إمّا أزلتَ الضوء عن أملٍ
أو أنّها عبثيّةٌ جَهْمةْ!
أو كلّما نادى جلالتها
دقتْ حبال الصوت في الرُضْمة!!!
وتُقطعُ الأوصالَ في عجلٍ
دقّا مع الأوتادِ في الخيمة!!
حِكرا على الإعصار تتركه
ليذوقَ طعم الضيم في تخمة!!
نادوا عليها كي أحاججها
من قبل أن يُغتالَ في الظلمة!
فلعلّها للصبّ راحمة
أو قد تلفُّ حبالُها خَصمه
لم يطلب الولهان غير جوى
هل في محبة عاشقٍ وصمة؟!!!
فعلام غرز السيخ في كبد
لم يلحظ التحقيق ما إثمه!!
*
الحرية :
ياقبحه من عاشقٍ ولهٍ
: حَققْ ونفّذْ مسرعا رجمه !
لا..لا أظنُ الغيمَ راحمه
لم يدرِ ماالتهطالُ ماالنعمة!!
واترك على الأشواك موطنه
حتى يرى دون الهوا حجمه!!
القاضي :
أولم تكوني في العروق لظى!!؟
حتى غدا كنيازكٍ ضخمة!
حتى الثمالة قد مُلئتِ به
فاخضوضر التاريخُ في الأمة !!
**
عجبا أراك اليوم ناقمة!
تُلقي به في حفرة دَهْمة!
بل قد منعت الرُكْب حين أتوا
-من أن يروه- بردمك الثُلمةْ
ماسرّ هذا الغيظ سيدتي؟
هلّا أضأتِ تفضّلا جُرمَه !!
**
الحرية:
لا لم يكن في العشق محترفا!
لم نبلغ الإحراق للقمة!
طالبته الإدمان في شغفٍ
متفجرا بالحب بالحكمة !
متعرّيا من ثوب طائفة
أو ثلّةٍ بالجهل ملتمّة
طالبته الإمضاء في جسدي
بتلذذ وتفرّد البصمة
من دونما الإقلال من زخمٍ
من دونما الإبطاء في الهمّة
سيزيف: أقبلْ قد بسطت يدي
فلتشبع الأشواق للتخمة!!
سيزيف: فلتكمل بلا كللٍ!
حتى انبثاق البرق في الغيمة !
لا تأتني للعشق متسخا!
لاتترك الأوباء مؤتمّة !!
لكنما الأغراب قد عهروا
هم راودوني دونما حشمة!!
قد لطخوا الآفاق في عبثٍ
هم شوّهوا الألوان في الرسمة!!
أقدامهم في الزبل عالقة !
وقلوبهم كانت كما الجزمة !!
*
سيزيف:
هي لعنةٌ قد قيّدت أفقي!
هي صخرة الآلام والنقمة!
أوكلّما صارت على قممٍ
عادت إلى قاعٍ من الغمّة !!
ماكنتُ إلا عاشقا دنفا
لكنّ درب السعد في عصمة
سدٌّ من الغوغاء يعصمه
لم استطع متأسفا هدمه!!
لم استطعْ منع الذي (...) فعلوا
الحرية :
أوبعتني لنخاسة الضغمة!؟
في حفنة (الدولار) تهدرني
يابائعا للحلْم في رزمة !
هل غير هذا العهر تعرفه
تبا لعربيدٍ بلا ذمّة !!
الحرية للقاضي:
ياقاضيا في الحق لاترحمْ!
من ضاعفت أهواؤه سَهمه
لو كان في الإخلاص مبدؤه
لم يستطع ناب الوغى هزمه!
*
سيزيف:
لاتظلمي صقرا بسقطته
بين الضباع مكسّرا عظمه!
في ألسن النيران حين هوى
كان الرصاص مطرّزا لحمه!
ناداك حين الموت : ياولهي!
ياضوئيَ الأخاذ في العتمة
لكنّ حبل الليل مشنقة
وصراخه قد أحكمت كتمه !!
مالي أراك اليوم قاهرة
بالذبح بالتعذيب مهتمّة
إنّي وحق العشق سيدتي
شمشون قد قصّوا له عزمه !!
أوكلّما عاندتُ صخرتنا
حملا لها لنعانقَ النجمة
عادت إلى القيعان ثانية
ليعيدني الإحباط للغمّة !!
*
الحرية :
سيزيفُ لاتقتل صبابتنا
أحتاجُ عزمَ الربّ لا عقمه!
أحتاج أنْ تبقى على ولهٍ
وتعيدني للعرش في ضمّة !
أحتاج غسل حشاشتي بدمٍ
يهمي بلا وقْفٍ بلا عصمة !
أحتاج تقبيلا بلا عددٍ
ومضاعفا حتى مع القسمة!!
أحتاج بعثا لاضفاف له
لم يستطعْ منظاره فهمه !
حبٌ من الأضواء معبده
لايأسَ لا إحباط لا سُحمة !!
//
أخلصْ كضوء الشمس منتشرا
تسقطْ قيودَ الليل والتُهمة!!...
التوقيع: الحرية ....
هامش:
أسطورة سيزيف: عاقبت آلهة الإغريق سيزيف فأرغمته على دحرجة صخرة ضخمة على تل منحدر، ولكن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى.و كانت العقوبة ذات السمة العبثية والمثيرة للجنون التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف كبشر بأن ذكاءه يمكن أن يغلب ويفوق ذكاء الآلهة .

 

تعليق عبر الفيس بوك