الإعلان عن اكتشافات أثرية جديدة بمتنزه حصن سلُّوت الأثري

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

الرؤية - محمد قنات

كَشَف مكتب مَعَالي المستشار عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، خلال مؤتمر صحفي، عن اكتشافات جديدة بموقع حصن سَلُّوت الأثري بولاية بهلا؛ حيث بدأت أعمال الحفريات والتنقيب في مُتنزه حصن سلّوت الأثري منذ العام 2004م، تحت إشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، بالتعاون مع البعثة الأثرية الإيطالية من جامعة بيزا.

وأوضح أنَّ الحفريات الأثرية الأخيرة تدلُّ على عراقة سلُّوت وأصالتها؛ كونها قلب حضارة مجان التاريخية. كما أكدت على وجود تواصل حضاري بين سلّوت وحضارات العالم القديم في الألفية الثالثة قبل الميلاد؛ حيث تمَّ العثور على أدلة للتواصل الحضاري مع حضارات العالم القديم مثل حضارة وادي الأندوس، وبلاد فارس، وبلاد الرافدين.

وقالت البروفسيورة أليسندرا إفنزيني رئيسة البعثة الإيطالية العاملة في السلطنة، إنَّه وبنهاية العام 2015م، تمَّ الكشف عن جدار صخري ضخم يرجع لفترة العصر الحديدي كان جزءاً من مستوطنة ضخمة: "مدينة سلوت القديمة". وبفضل أعمال الحفريات اتضحت معالم المدينة بشكل أكبر؛ فقد عُثر على عدد من المباني؛ منها ما يزيد على غرفتين تفصل بينها الشوارع الضيقة، كما تم بناء مصاطب صخرية في محيط الهضبة بأسرها. وهذه هي أهم الاكتشافات التي تمت خلال الحفريات الأخيرة.

وأضافت أنَّ المدينة بُنِيت على الهضبة الصخرية، والسهل المحيط بها، مُشكلةً مجموعة من المصاطب الحجرية الضخمة والمنازل ونظام تصريف مياه الأمطار، الذي تم تخطيطه على نمط معماري يدلل على عبقرية الإنسان العماني القديم. وتابعت بقولها: كشفت إحدى الحفر الاختبارية في أكبر المصاطب في المدينة عن وجود تربة محفورة؛ وبالتالي ربما كانت مؤشرًا على زراعة الأراضي؛ حيث قام العمانيون القدماء بتشكيلها عن طريق بناء الجدران المحيطة، ثم إعادة حشوها بالتربة للوصول إلى سطح مستوٍ، ولا تزال الحفريات مستمرة في مصطبة ضخمة بنيت على السفح، وعثر فيها على ما يمكن تسميته بالصهريج الكبير أو البئر، ووصلت الحفريات حتى الآن إلى عمق أكثر من 8 أمتار؛ حيث توجَد عِدة عناصر كالتخطيط الواسع للمستوطنة، وانتظام المباني، والشبكة الداخلية للممرات والشوارع، ونظام تصريف مياه الأمطار، ووجود الأماكن المحصنة، واحتمالية وجود المباني التخصصية، تؤشر على وجود مشروع تخطيط متطور في قاعدة بناء المستوطنات. وهذا النظام الرائع للتخطيط، يدل على أن سلّوت كانت مركزًا متحضرًا.

وقالت إنَّ الأدلة والمعثورات الأثرية في مدينة سلّوت كشفت وجود مبانٍ ومناطق تخصصية ارتبطت بالحرف والممارسات اليومية لسكان المدينة؛ منها: منطقة تحتوي على حفر الأفران التي كانت على الأرجح تستخدم في صناعة النحاس، واكتشاف جرتين فخاريتين تحتويان على ما مجموعُه 36 كيلوجرامًا من بقايا النحاس والسبائك (سبائك، وقطع مكسورة، وقطع ذائبة) في إحدى الغرف؛ مما دل على أهمية هذه الأنشطة في الموقع. كما يشير العثور على جرتين ضخمتين في إحدى الغرف على أنَّ الغرفة كانت تستخدم للتخزين، كما تدلُّ الأعداد الكبيرة للفخار أن الموقع لابد أن يحتوي على مكان مخصص لصناعة الفخار؛ حيث تمَّ تأريخ عينة الكربون المشع (C14) وأظهرت نتائج التحاليل دليلاً على التاريخ العريق لمدينة سلوت؛ فهي تعود إلى النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد (العصر البرونزي الوسيط). وذكرت أنَّ الحفريات الأخيرة في محيط المدينة إلى اكتشاف مجمع للمدافن؛ حيث تمَّ التنقيب في 30 مدفناً تعرضت جميعها إلى أعمال النهب والتخريب، وقد تمَّ بناء أحد المدافن على أساسات حجرية تعود إلى فترات أقدم. واحتوت هذه المدافن على معثورات أثرية ارتبطت بمظاهر الترف والبذخ كأواني الشرب البرونزية؛ أهمها: الإناء ذو المصب على شكل الحصان، وإناء آخر على شكل حيوان هجين بوجه بشري، إضافة للزمزميات وجرار التخزين، والأواني النحاسية، والأواني الزجاجية الرومانية، ومجموعة كبيرة من السيوف ورؤوس السهام والحراب الحديدية والبرونزية، وهو ما يدل على أنها مدافن مخصصة للمحاربين ارتبطت بمعركة حربية قامت في سلّوت. كما تؤكد المعثورات في هذه المدافن الجديدة على وجود تواصل حضاري بين سلّوت وحضارات العالم القديم، كحضارة بلاد الرافدين، وبلاد فارس، واليمن، والإمبراطورية الرومانية، إلى جانب الكشف عن مجموعة من المدافن البرجية على المرتفعات المحيطة بمدينة سلّوت الأثرية وبأشكال مختلفة، كما تم الانتهاء من ترميم عدد منها للحصول على فهم أكبر حول أصول المواد التي تحتويها وعرضها للمختصين وغير المختصين.

وأشارت إلى أنَّ استمرار الاكتشافات الأثرية في سلّوت يؤكد ثراء تراثها الثقافي الذي يعود لعصور مبكرة من الحضارة الإنسانية، كما يوحي الموقع الأثري في سلّوت إلى بُعد الزمان وقوة وطاقة وإرادة الإنسان العماني منذ تلك العصور في بناء الأنظمة الحضارية.

تعليق عبر الفيس بوك