"QNB": تدابير السياسات المالية والنقدية تفاقم اختلالات الاقتصاد الكلي بالهند

الرؤية - خاص

 

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني إنّ النمو الاقتصادي في الهند لا يزال قويًا، ومن المتوقع أن تحقق البلاد بعضًا من أفضل النتائج للنمو على مستوى العالم، غير أن التقرير يرى أنّه يمكن للمحفزات المفرطة أن تفاقم الاختلالات الاقتصادية الكلية القائمة، وتسهم في تقويض استقرار الاقتصاد الكلي والنمو الطويل الأجل.

وبعد عام كامل من التعافي من الصدمات المزدوجة المتمثلة في إلغاء الفئات النقدية الكبيرة وضريبة السلع والخدمات، بدأ الاقتصاد الهندي يواجه صعوبات كبيرة خلال النصف الثاني من عام 2018. وتظهر أحدث البيانات الصادرة أنّ النمو قد تباطأ من أعلى مستوياته في عامين من 8.2% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2018 إلى 7.1% على أساس سنوي في الربع الثالث. وبالتتابع، كان التباطؤ أكثر وضوحاً مع تراجع النمو السنوي من 7.8% إلى 3.3 % خلال نفس الفترة بالمقارنة  بين الربعين الثاني والثالث من عام 2018. والأهم من ذلك، أنّ متوسط نمو الإنتاج الصناعي لمدة ثلاثة أشهر، وهو مقياس رئيسي للنشاط الاقتصادي في الهند، قد تراجع بشكل كبير في الآونة الأخيرة. وما يثير قلق المسؤولين الاقتصاديين في الهند بشكل خاص هو تضافر عوامل تزايد عدم اليقين في الأسواق المالية الدولية، وتباطؤ نمو الاستهلاك المحلي، وتفاقم الأوضاع في القطاع الزراعي، وتراجع الطلب العالمي.

ولمواجهة هذه الأوضاع، قررت السلطات الهندية تخفيف السياسات النقدية والمالية خلال الأسابيع الأخيرة. ففي آخر اجتماع للجنة السياسات النقدية في بنك الاحتياطي الهندي، تم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وتغير الموقف الرسمي من "التشديد المدروس" إلى "الحياد". وفي الجانب المالي، تشير الموازنة المؤقتة التي سيستمر العمل بها حتى عام 2020 إلى توقف مؤقت عن الضبط المالي حيث من المتوقع أن تصبح عجوزات الحكومة المركزية ثابتة عند 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل التوقع السابق بانخفاض العجز إلى 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المتوقع فعلاً أن تشكل السياسات المخففة حافزاً وعامل دعم للنمو. لكن، هناك سقف للتحفيزات النقدية حيث يمكن لأي تخفيف إضافي أن يفاقم من اختلالات التوازن القائمة، مما يولد التضخم ويوسع من العجز المزدوج، ما من شأنه بنهاية المطاف الإضرار باستقرار الاقتصاد الكلي والنمو على المدى الطويل.

وهناك 3 أسباب تحد من مجال تدخل السياسة النقدية لدعم النمو في الهند خلال الأرباع المقبلة. أولاً، تبدو المخاوف بشأن النمو في الهند مبالغاً فيها حيث لا تزال استبيانات الأعمال الرئيسية قوية، كما أن إجمالي تكوين رأس المال الثابت يحقق نمواً مزدوج الرقم.

ثانياً، تعزز استغلال الطاقة الإنتاجية وقد تلاشت فجوة الإنتاج خلال الأرباع الأخيرة، مما شكل ضغوطاً على التضخم الأساسي (لا يشمل المواد الغذائية والطاقة). وفي حين تستهدف الحكومة التضخم الكليّ، فإن الفرق بين التضخم الكليّ والتضخم الأساسي كبير بشكل استثنائي، حيث يبلغ الأول 2.0% بينما يصل الأخير إلى 5.6%.

 ثالثاً، على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة المركزية لضبط أوضاع المالية العامة، يظل الحيّز المالي محدوداً، فإجمالي اقتراض القطاع العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مرتفع وقد ظل ثابتاً على نطاق واسع عند حوالي 8.2% في السنوات الخمس الماضية.

تعليق عبر الفيس بوك