رصيف الغربة


رشيدة المراسي | تونس

على رصيف الغربة، أطلقتُ سراح النص اليتيم
لعينيّ مقل الغيب ونزعتُ عنه الإطار الفاخر،
الغربة كائن عتيق ديدنه الوفاء بلا احتراف، كائن
لا يعترف باستئصال النصوص اللقيطة على تخوم اللغة.
عند حدود النص تقف الغربة. تلوّح بمنديلها القاني
المزركش المشغول من الحرير الهندي،
في إطار صفقة تطبيع هائلة، تلمّ شمائل كل الألوان الغريبة
لتحشرها في مشهد النص العظيم.
جميع النبلاء يلقون حتفهم في خضم النصوص العاشقة،
نصوص لا تستثني جمرة من جحيمها.
كل المعلقات سُجّلت بأسماء مركّبة، وأخرى نكرة،
حفاظا على النوع السردي من التلاشي والضياع…
نصٌّ واحدٌ عبر الصراط في غفلة من أمر الفاصلة،
كان نص المتوحّد في حضرة ذات المريد،
في أقبية الذّكر المنشود، ورايات الأولياء،
وقباب الصالحين، وأنوار الصلاة النارية.
اللغة غريبة حين تفيض دمعة الشوق،
لتحيلها على رصيف هارب وحين تغدو
فاجعة للنص في رحم الأسئلة المبتورة
بين الحدّ والحدّ..
وحدها الغربة تخيط مئزر المتاهة، ترقّع الخروقات،
لتقرّب الشقوق المتنافرة في معطف البرد
وتمنح الرصيف عباءة السكينة والأمان لبعض الوقت،
دون أن تفتّش في جيوب الغرباء عن بطاقات هوية
تحمل أسماء لقيطة بلا عنوان، وبلا أكمام..
الغربة فاجعة وهوية، وكذلك المتاهة
ما بين اللغة والنصوص المتكلّمة بضمائر
وأسماء لا تعترف بارتكاب الخطيئة
على مشارف القرن الأبجديّ المعصوم..

 

تعليق عبر الفيس بوك