"QNB": اقتصاد إندونيسيا "لم يخرج بالكامل من دائرة الخطر" رغم انتعاش الروبية أمام الدولار

الرؤية - خاص

يَرَى التقريرُ الأسبوعيُّ لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB"، أنه ورغم التدابير القوية في مجال السياسات الاقتصادية والتطورات الخارجية الإيجابية، إلا أن إندونيسيا لم تخرج بالكامل من دائرة الخطر بعد، فهي لا تزال معرضة لهروب رؤوس الأموال بسبب العجز في كل من الحساب الجاري والميزان المالي، وارتفاع حصة غير المقيمين في التزامات الدين قصيرة الأجل، ونسب كفاية احتياطي العملات الأجنبية التي تتراوح بين معتدلة إلى منخفضة.

وأوضح التقرير أن هذه العوامل مجتمعة تجعل الروبية الإندونيسية عرضة لبعض أكبر المخاطر المحتملة في عام 2019، بما في ذلك تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد ضعف الطلب الصيني، وتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.

وانتعشتْ الروبية الإندونيسية بقوة خلال الأشهر الأخيرة. وعند قياسها مقابل الدولار الأمريكي، نجد أنها ارتفعت بما يقارب 3.0% حتى الآن في العام 2019، و8.4% منذ أن سجلت أدنى مستوى لها في عدة أعوام في شهر أكتوبر 2018. وبهذا المعنى، تفوقت الروبية الإندونيسية على كل من عملات الاقتصادات المتقدمة الرئيسية (سلة مؤشر الدولار الأمريكي) وعملات الأسواق الناشئة. ويعد ارتفاع قيمة العملة تطوراً إيجابياً بالنسبة لإندونيسيا، حيث واجهت الروبية الإندونيسية انخفاضاً بنسبة 5.7% مقابل الدولار الأمريكي في عام 2018، مما اضطر بنك إندونيسيا المركزي إلى تشديد سياسته النقدية على الرغم من أن الفجوة بين الإنتاج الفعلي والممكن كانت سلبية وعدم تعرض الاقتصاد للإنهاك. وفي ظل وجود عجز في كل من الحساب الجاري والميزان المالي، واعتماد الدولة على استثمارات المحافظ الأجنبية لسد الفجوة التمويلية، تتعرض إندونيسيا لضغوظ مستمرة للحفاظ على علاوة مخاطرة وأسعار أصول مغرية. وبسبب هذه الصعوبات، فإن الروبية حساسة بشكل خاص لعوامل "الدفع" العالمية مثل أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة أو الصاعدة، وقوة الدولار الأمريكي بشكل عام، ونوبات تجنب المخاطرة لدى المستثمرين، وانخفاض أسعار السلع.

وأوضح التقرير أن ارتفاع الروبية مدعوم بثلاثة إجراءات تم اتخاذها في نطاق السياسة النقدية وبتطورين خارجيين إيجابيين. وفيما يتعلق بإجراءات السياسة النقدية، أولاً: أجرى بنك إندونيسيا المركزي سلسلة من زيادات أسعار الفائدة في العام الماضي بلغت في مجموعها 175 نقطة أساس، وأدت إلى زيادة الفجوة مقابل أسعار الفائدة الخارجية الرئيسية الأخرى. ثانياً: اعتمد بنك إندونيسيا المركزي سياسة مبتكرة وداعمة من خلال إطلاق عقود آجلة محلية (DNDF) مقومة بالروبية الإندونيسية. وتزيد هذه الوسيلة من خيارات التحوط للمشاركين في السوق وتقلل من تأثير العقود الآجلة الخارجية على سعر الصرف الفوري للدولار الأمريكي مقابل الروبية الإندونيسية؛ من خلال تعزيز السيولة والكفاءة في سوق الصرف المحلي، وأيضا زيادة إمداد الصرف الأجنبي بشكل عام لأغراض التحوط. وتكمن أهمية ذلك في أن الارتفاع الدوري الذي يطرأ على أسعار العقود الآجلة الخارجية يزيد من تكاليف التحوط الخاص بالصرف الأجنبي ويشكل ضغوطاً على غير المقيمين والمقيمين للخروج من الأصول المحلية. وتشير التجارب الدولية مع العقود الآجلة المحلية، من أسواق ناشئة أخرى عالية العائدات كالبرازيل، إلى فعاليتها خلال المدى القصير؛ حيث يمكن تأجيل الطلب الفوري على الصرف الأجنبي مؤقتاً. وفي حين لا تزال هذه الآلية تحتاج إلى مزيد من الاختبار تحت أوضاع ضغوط سوقية أشدّ على إندونيسيا، فإن توقعات السوق للحد الاحترازي الأقصى لمركز بنك إندونيسيا المركزي للعقود الآجلة المحلية في المدى القصير تتراوح ما بين 25 إلى 35 مليار دولار أمريكي، وهو ما يصل إلى 81-113% من عجز الحساب الجاري في 2018. ثالثاً: قامت الحكومة بتنفيذ العديد من الإجراءات لجذب إيرادات خارجية والحد من الواردات، وهو ما يُتوقع له أن يوقف التوسع الأخير في عجز الحساب الجاري.

وفيما يتعلق بالتطورات الخارجية؛ أولاً: غيرت الأسواق توقعاتها بشأن أسعار الفائدة الأمريكية. وفي الواقع، اتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) موقفاً متساهلاً في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي قاد إلى انخفاض العائدات عبر المنحنى مع تفضيل المستثمرين للأصول غير الأمريكية. واتسع فارق العائد الاسمي للروبية الإندونيسية مقابل الدولار الأمريكي وهو حالياً أعلى بواقع 155 نقطة أساس من المستوى المنخفض لعام 2018. ثانياً، تراجعت جزئياً الموجة الأخيرة من عمليات تجنب المخاطر وذلك على خلفية التطورات الإيجابية في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والموقف الأكثر تساهلاً من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وهذا يؤثر بشكل إيجابي على عملات الأسواق الناشئة بشكل عام وعلى عملات الأسواق الناشئة ذات العائدات المرتفعة، مثل إندونيسيا، بشكل خاص. فارتفاع شهية المخاطرة يعمل على إطلاق موجة عالمية من البحث عن العائدات.

تعليق عبر الفيس بوك