كيف تخطِّط وتدير ميزانية الأسرة؟


ياسر بن سعيد الحنيني | سلطنة عمان
          بشكل شبه يومي نسمع حوارات ونقاشات كثيرة عن التكاليف المادية والمصاريف الزائدة التي يعاني منها الشباب، أو يكاد يعاني منها أغلب الناس والكثير منهم تتعمق مشكلتهم وتزيد ديونهم، ولكن هل الحل أن نزيد الجراح؟ أم نبحث عن حلول تخفف عنا بعض الأعباء؟ والسؤال هنا كيف نستطيع أن نخطط لحياتنا المالية ؟
        قبل البدء في وضع خططنا لا بد من أن نضع لأنفسنا هدفا نحققه خلال مدة معينة، أو خطة منظمة ترتب الفوضى وتسد الخلل، إلا أنه لايمكن أن يكون التخطيط بشكل فردي ذاتي؛ وإنما بمشاركة كل الأفراد الذين يدخلون  ضمن المصروفات المرتبطة بالشخص، وأقصد هنا الزوجة والأبناء ومن يكون على مسؤوليته. وهذا التخطيط لابد أن يشمل جميع الجوانب المالية والأسرية والتعليمية و الاجتماعية و الدينية والصحية، بحيث لا نركز على جانب معين ونهمل جانب آخر. كما أن الخطة يجب أن تكون مكتوبة ليسهل متابعتها والاستفادة منها.
       ومثال ذلك عرفت عن شخص خطط لأن يحصل على مليون دولار خلال عام، واهتم بالجانب المالي فقط، وأهمل بقية الجوانب، وفي نهاية المطاف استطاع أن يحقق هدفه، ولكن على حساب العلاقات الأسرية، فانفصل عن زوجته، وأدمن أحد أبنائه المخدرات، وذلك بسبب اهتمامه بجانب واحد دون النظر إلى الجوانب الأخرى. ولكن حديثنا في هذا المقال سيتطرق فقط إلى جانب التخطيط المالي الأسرى لأننا بحاجه ملحة إليه في هذا الوقت، لارتباطه بشكل وثيق بكثير من مشكلات الأسر لنصل في النهاية  إلى أن نتجنب الأزمات المالية. ولتكن خطتنا لمدة عام واحد. ولذلك لابد أن نقسمها إلى أشهر وإذا دعت الحاجه إلى أسابيع،ولكن كون أغلبنا يعتمد على الراتب الشهري فيمكن أن نكتفي بالتخطيط الشهري.

      ومن أهم طرق التخطيط المالي: أن يكون هناك أولويات في التخطيط، فهناك الأساسيات مثل الدين ونقصد به (الجمعيات أو القروض البنكية أو الأقساط  أو الإيجار) والمصروف الشهري الذي لا غنى عنه وهو مرتبط بالمستلزمات الأساسية الشهرية وكذلك فواتير الكهرباء والماء والإنترنت والهاتف والبترول وتعتبر هذه مصاريف شهرية أساسية لابد أن يكون هناك مصروف شهري يغطيها كل حسب استطاعته فعند وضع الخطة السنوية لابد أن نضع في الحسبان خصم الدين من الراتب أولا، ومن ثم وضع متوسط للفواتير الأساسية، وكذلك وضع ميزانية للمستلزمات الشهرية ، ونجد أن كثيرا من الناس لا يعانون من هذه النقاط مثل معاناتهم من المناسبات السنوية، العيدين وشهر رمضان والمدارس وفحص وتأمين السيارة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل الأعياد والمدارس أتت فجأة أم أننا قادرون على التخطيط لها من خلال الخطة السنوية، بحيث نوفر مبلغا شهريا لتغطية مصاريف الأعياد والمدارس وتعليم الأطفال وفحص وتأمين السيارة، ولا ننتظر وقوع الحدث وكأنه يحدث لأول مرة في حياتنا. فالتخطيط المسبق للأحداث يجعل الإنسان يتجنب الكثير من الأزمات ويتجاوز أهم المشكلات. ولذا وجب علينا أن نضعها ضمن خطتنا السنوية بحيث نحسب كم متوسط تكاليفها ومن ثم نضع لها قسطا شهريا لتغطيتها لأننا في النهاية سنتكفل بدفعها وكلا حسب استطاعته.
         وإذا عرجنا إلى الجوانب الأخرى الترفيهية والكمالية فيجب أن تكون الأولوية فيها للأساسيات ومن ثم الكماليات. وكذلك من المهم أن نضبط أنفسنا عندما ندخل الأسواق، فلا ننبهر بكل شيء نراه فالإنسان يرغب أن يكون معه كل شيء، ولكن عندما يدخل السوق ومعه قائمة احتياجاته ويركز عليها سيعوّد نفسه على أن ليس كل ما يراه يشتريه، فتعويد النفس مهم، وقد تطرقت في بداية حديثي عن التخطيط إلى مشاركة الأسرة لأنها أحد أسرار النجاح في التخطيط فمشاركتهم تزيد دافعيتهم للتطبيق وبالإحساس بالمسؤولية الأسرية، ولربما في العام الأول ستواجه بعض الصعوبات  في التخطيط، ولكن طبيعة كل نجاح يوجد فيه تحديات تعلمك مع الأيام تجاوزها، وستجد أن كثيرا منها أصبح سهلا تجاوزه من خلال المتابعه الشهرية للخطة مع التخطيط الجيد والتنفيذ الأمين.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك