"التايم شير" بين التطوير والتغرير (2-2)

 

د. طه زهران

محامي بالمحكمة العليا

مكتب/ سعيد المعشني للمحاماة

tahazhran@gmail.com

 

 

ثانياً: «التايم شير» من الناحية الشرعية:

نظام التايم شير، كما بينا، هو نظام جديد وغريب على ثقافتنا القانونية والشرعية فهو يجمع بين نظام عقدي البيع والإيجار من ناحية وبين عقود الغرر المحرمة شرعاً من ناحية أخرى، الأمر الذي أدى إلى انقسام علماء الإسلام وشراح القوانين في الدول الإسلامية إلى مؤيد ومعارض.

فقد أجازت أول دراسة سعودية شرعية نوقشت من قبل عدد من القضاة وعلماء الدين، تعامل المشاركة في الوقت «التايم شير» وخلصت تلك الدراسة إلى إجازة هذا العقد شرعاً، إلا أنهم قالوا بعدم جواز البيع في حال ارتباط عقد البيع بجهالة أو غرر والمتمثلة في صورة واحدة، وهي بيع حصة مشاعة غير مُحددة الزمان والمكان. وأشارت الدراسة إلى جواز نظام التبادل، بحسبان أن أصله يرجع إلى مسألة إجازة منفعة بمنفعة من جنسها. وبذلك تكون باقي صور التعاقد بهذا النظام وهي الغالبية غير شرعية من منظور أصحاب تلك الدراسة.

ثالثاً: نظام «التايم شير» من الناحية القانونية:

معظم التشريعات والقوانين في الدول العربية قد خلت تماماً من أي تنظيم قانوني واضح لنظام «التايم شير» واكتفى رجال القضاء وشراح القانون في تلك الدول بالاعتماد على الأحكام القانونية العامة لعقدي البيع والإيجار، وفي حالة عجز تلك العقود أو خلوها تطبق أحكام النظرية العامة للعقود المدنية باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين.

وفي الحقيقة أن هناك العديد من الجوانب القانونية التي يُثيرها عقد الانتفاع بالوحدات السكنية بنظام المشاركة بالوقت «التايم شير» وذلك لكونه عقد جديد، ومن ثم يجب أن تؤخذ هذه الجوانب القانونية في الاعتبار عند وضع تنظيم قانوني له. فيتعين مراعاة مدى اتفاق هذا النظام مع أحكام الشريعة الإسلامية، بوصفها المرجعية لكل المعاملات، لاسيما في مسألة بيع حق التملك لمدة زمنية محددة وليس على وجه التأبيد من ناحية، ومن ناحية أخرى ما يتعلق بمدى جواز بيع حصة شائعة في عقار مع الاتفاق بين المالكين على استخدام المنفعة بطريقة المهايأة (وهي قسمة المنافع زمنياً أو مكانياً) .

ويجب أن يتضمن هذا التنظيم القانوني قواعد تكفل تحقيق الحماية الكافية للمستهلك أو المنتفع بالوحدة السكنية؛ بحيث يضمن عدم وجود حالات من الغش والتغرير به، ولاسيما أنه الطرف الضعيف أو المذعن في هذا العقد؛ نظراً لأنَّ الشركات القائمة على استغلال أو إدارة الوحدات السكنية هي التي تُحدد مقدماً شروط العقد، وتقوم بطبعها في صورة عقود نمطية معدة سلفاً، ثم تعرضها على الراغبين في التعامل بنظام «التايم شير» من خلال مكاتب للترويج السياحي ولا يكون أمام هؤلاء سوى القبول بها كما هي أو رفضها والحرمان من تلك الخدمة المميزة.

كما يجب أن يتناول التنظيم المقترح أحكاماً للصورتين الأساسيتين لهذا العقد وهما:

الأولى: هي عقد ملكية مشتركة أو ملكية شائعة، فيها يمتلك شخصان أو أكثر وحدة سكنية سياحية على المشاع فيما بينهم، وتكون حصة كل منهم عبارة عن مدة زمنية مقدرة من كل عام كشهر أو أسبوع مثلاً. ويكون كل منهم مالكاً لحصته الزمنية ملكية تامة؛ بحيث يكون له أن يتصرف فيها أو يستغلها أو يستعملها، في حدود المدة الزمنية المقررة له من كل عام.

والثانية: هي عقد شراء أو الانتفاع بوحدة سكنية لفترة محددة في العام أقلها أسبوع، مع إمكانية تغيير محل حق الانتفاع مكاناً ومدة وزماناً، بحيث يستطيع المنتفع ممارسة حقه في السكنى على وحدة أخرى، في الوقت الذي يختاره من السنة.

وأخيراً يجب أن يتناول هذا التنظيم القانوني العلاقات الناشئة عن نظام «التايم شير» سواء العلاقة القائمة بين المنتفع (المشتري للوحدة العقارية) والمنتجع السياحي. أو بين الشركات القائمة بعملية التسويق والمنتجع السياحي. أو بين المنتفع (المشتري للوحدة العقارية) والشركة القائمة بعملية التسويق. بحيث يتم تحديد حقوق كل طرف والتزاماته تجاه الطرف الآخر.

ومما لا شك فيه أنَّ وجود هذا التنظيم القانوني سيُسهم في تشجيع السياحة الداخلية، ويدعمها باعتبارها رافداً من روافد الاقتصاد الوطني. ولكن فاعليته تتطلب عمليات ترويج محلياً وخارجياً لإظهار ميزاته، بحيث يُصبح العاملون في النشاط السياحي على دراية تامة بالبرامج والمنتجعات السياحية المتوافرة لدى السلطنة على مدار العام، مع توفير الكوادر الوطنية المؤهلة والمدربة في مجال العمل السياحي.

  

تعليق عبر الفيس بوك