اختتام أعمال منتدى عمان للموارد البشرية بمناقشة "التشريعات المُمَكِّنة لتعزيز الإنتاجية"

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال- مريم البادية- رُبا الشنفرية

 

اختتمت أعمال منتدى عمان للموارد البشرية بمناقشة المحور الرابع الذي حمل عنوان "التشريعات الممكنة لتعزيز الإنتاجية، والذي شهد عقد جلسة نقاشية بمشاركة الدكتور سالم بن سعيد العبري، رئيس قسم الإدارة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، والدكتور معتصم إسماعيل خبير التطوير المؤسسي والاستشارات بمؤسسة إنجاز للتنمية، وصالح البادي رئيس مجلس إدارة إن.آي.إس العالمية، والدكتور ناصر الذهلي مدير عام شركة ركن اليقين العالمية لتنمية المهارات، وفاطمة آل حميد مستشارة تدريب بشركة شل العمانية للتسويق، وأسامة عبدالله الحمزة مدير الموارد البشرية والإدارة بشركة وكالة الخليج؛ فيما أدار الجلسة أحمد بن محمد الغافري الرئيس التنفيذي للدعم بشركة مزون للألبان.

وبدأت النقاشات بسؤال موجه لصالح البادي حول ما إذا يمكن اعتبار أنّ هناك تشريعات ممكنة وأخرى غير ممكنة، وفي إجابته أكد أن المشكلة الكبرى تحدث عند النظر للتشريع على أنه هدف، موضحا أن المفترض أن يكون التشريع وسيلة لتحقيق الهدف لا أن يكون غاية في حد ذاته، وإذا كان التشريع يعطل تحقيق الهدف فهو "لا تشريع".

 

 

وأضاف البادي أنه يجب عندما يصاغ التشريع أن يقرأ الواقع والمطلوب من إيجاد هذا التشريع وكيف سيسهل ما يتعامل معه من أمور -بصرف النظر عن ماهية هذه الأمور- وقال إن تعطيل الإنتاجية بسبب التشريع أو سوء تفسير التشريع يعد أسوأ من الفساد، وأن تأثير ذلك أسوأ على الاقتصاد من أي خلل آخر في البنية وترجمة كل دقيقة في تعطيل إجراء أو عمل هو أموال تهدر بلا سبب.

وأشار إلى أنه يعتقد تماما أنّ­ القانون دوره هو أن يمَكن ويسهل التنفيذ وإذا كان معطلا فلابد من حذفه فورا، موضحا أن التشريع المطلوب يجب أن يكون تشريعا رشيقا وبسيطا يتلاءم مع تبسيط الإجراءات ولا يعقدها.

أما د. ناصر الذهلي فقد سئل عما يحتاجه القائمون على تطبيق التشريعات؟ فأوضح أن التشريعات إمّا أنها تعالج إطار حياة البشر أو إطار معاملاتهم، لذلك لابد لصانع السياسة أو التشريع أن يكون قريبا من المنفذين لهذه السياسات حتى لا يضع قوانين تصعب العمل أو تكون لها تأثيرات تعقيدية على من ينفذها، مشيرا إلى أنّه كلما كان التشريع قريبا من الناس وبيئة العمل وسهل التطبيق والمتابعة والمرونة يصبح أكثر قبولا وقابلية للتطبيق، لذلك فمن السمات المطلوبة في القادة وواضعي السياسات أن يكونوا قريبين من منفذي السياسية ويتّسمون بأقصى قدرة على المرونة في التعامل مع المتغيرات واستيعابها.

وحول أنواع التنظيمات وأفضلها لإحلال المواطنين محل الوافدين ونقل الخبرة إليهم قالت فاطمة آل حميد إنّ أهم عناصر نجاح نقل الخبرة بصفة عامة هو قابلية الشخص نفسه للتطوير وليس وجود تشريع أو قرار، موضحة أنّ هناك مجالات وبيئات عمل تناسبها تنظيمات وتشريعات ولا تناسب مجالات وبيئات أخرى، كما أشارت إلى نموذج لتحفيز الموظف على اكتساب الخبرة وهو نموذج المتابعة والمراقبة ثم المشاركة في العمل ثم القيام بالعمل بشكل مستقل.

د. سالم العبري أجاب عن سؤال مهم حول تماشى التطلعات مع التشريعات، مؤكدا أنّ تكييف التشريعات لتخدم الطموحات وطبيعة الأعمال والمرحلة هو الطبيعي والصحيح، وشرح أنّ على التشريعات أن تتسم بالمرونة وسرعة التفاعل مع المتغيرات، قائلا إنّ لدينا أهداف مستقبلية عديدة طرحت في الرؤية 2040 ولابد من أن نضع التشريعات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، على أن تستوعب هذه التشريعات التغييرات اللازمة بحيث تكون مترابطة ومتكاملة وتستوعب التغييرات سواء في أداء الحكومة أو طبيعة العمل أو الموظف.

وقال: كاقتصاد عماني فإننا بلا شك قادرون على خلق فرص عمل، لكن ذلك يحتاج إلى خطة عمل سليمة وتشريعات تساعد على إحلال العمانيين لا تكون على حساب الإنتاجية أو تعطيل العمل بل لا بد من الحرص على أن يسير العمل بسلاسة خلال هذه العملية.

الدكتور معتصم إسماعيل أجاب عن سؤال يتعلق بمدى كفاية التشريعات للمحاسبة، وما إذا كان المجتمع جاهز لتقبل المحاسبة؟ فقال إنّ الإجابة المباشرة هي أنّ التشريعات ليست كافية لكن المجتمع جاهز، وأوضح أنّه لا توجد تشريعات تشجع الإنتاجية أو تمنعها فهذا دور الإدارة، لذلك ففي بعض الدول يكون دور التشريعات في الاقتصاد منظم فقط للاقتصاد، وفي بعضها يتدخل لكن فقط في جانب تحقيق العدالة أو التوازن بين القطاع الخاص والحكومي مثلا عبر استثناءات أو حوافز أو إعفاءات.

ورأى أنّ المفهوم الأساسي للتشريعات هي أن تكون عامة لا تدخل في التفاصيل، لتترك مرونة لمنفذيها في التطبيق وفق المتغيرات والحالات، أمّا عن دور المساءلة والمحاسبة فرأى أنّها تختلف حتى في الثقافات وطبيعة المجتمع باختلافه عن غيره، وطرح فكرة رأى أنّها الأنجع في سبيل المساءلة والمحاسبة وأيضا في مراقبة الأداء؛ وهي تخفيف التشريعات الجامدة واللجوء إلى القوانين والأطر الناعمة، مؤكدا أنّه أحيانا تكون الأطر والنظم غير المكتوبة أو أفضل من غيرها في زرع ثقافة المحاسبة الذاتية. مثلا يمكن أن يصبح هناك إطار في المؤسسات الحكومية لقياس الأداء بدلا من انتظار صدور تشريعات وبحيث تصاغ وتتوافق مع الموظفين أنفسهم ليراقبوا أداءهم ويصبح لدى طريقة العمل نفسها إطارها الحاكم.

أسامة الحمزة تناول دور قسم الموارد في الشركات والمؤسسات، مؤكدا أنّه يراه الأهم في ضبط العمل، وقال إنّه ينبغي فهم دور أقسام وإدارات الموارد البشرية كأداة تطوير للأداء ومسهل للعمل وليس كأداة عرقلة، مشيرا على أن هذا الفهم ينبغي أن يكون لدى العاملين في هذه الإدارة أنفسهم وكذلك لدى الموظفين في بقية المؤسسة أو الجهة.

وأضاف أنّ التشريعات موجودة في عمان لكن المرونة والتطوير تكون في تنفيذ وتطبيق هذه التشريعات على أرض الواقع، مؤكدا أنّ أكبر تحد يواجه الموارد البشرية حاليا هو التشريعات خاصة على مستوى قانون العمل، الذي لا يوفر المرونة اللازمة في مواجهة حاجة الموارد البشرية على القيام بدورها في جذب أفضل الكفاءات والحفاظ على المواهب الجيدة والخبرات التي تكونت في المؤسسة أو الشركة.

تحدث أسامة عن أبرز التحديات التي قد تواجه موظفي الموارد البشرية وهي القوانيين والتشريعات على مستوى طاقم العمل، فالتحدي يكمن في توظيف الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، فمدير الموارد يمثل القدوة لاستراتيجيات الشركة.

وتناولت فاطمة الجدل حول التعمين في القطاع الخاص والاهتمام بالموظف، وأكّدت أنّ الفرد هو أساس القوة في الشركة، فإذا كان الموظف منجزا فإنّ ذلك سينعكس على إنتاجية الشركة، فالشركات الخاصة تؤمن بهذا، فتوفر لهم القوة والمسؤولية، وبالتالي فإنّ الموظف يشعر بأريحية في أداء عمله ومن ثم يبدع فيه، لذا فالشركات توفر لموظفيها التدريب المتخصص، بينما في القطاع الحكومي من وجهة نظرها لا توجد تشريعات تهتم بالكوادر البشرية من ناحية ميزة التدريب المكثف، حيث إنّ معظم شركات القطاع الخاص تهتم بشكل مكثف بكوادرها البشرية وذلك كما جاء في ركائز رؤية عمان 2040. وعقبت أيضا أنّها لم تشاهد في جهة عملها أي تسريح للعمانيين بسبب ضعف إنتاجيتهم، حيث إنّها تعمل على متابعة المشاكل التي يعاني منها الموظف العماني في أداء عمله، ودراستها وفي حالة الوصول إلى أنّ التدريب المقدم له لا يجدي نفعا، نفتح له المجال للإبداع في مهمة أخرى في الشركة وليس شرطا أن يعمل حسب تخصصه، لأنّ كثيرا ما نشاهد مبدعين في غير مجالاتهم، وأكدت أنّ هذا هو سبب نجاح جهة عملها، وختمت بعبارة "القائد هو الذي يصنع الموظفين".

وأوضح البادي من خلال حديثه مدى فخره بالكفاءات العمانية، وعقّب أنّ المشكلة لم تكن من الموظفين العمانيين في الإنتاجية أو العمل بل إن المشكلة الجوهرية تكمن في القيادات نفسها فهي أساس المشكلة عندما يقعون في مأزق التكلفة التشغيلية العالية فلا يتمكنون لاحقاً من التوظيف لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، فيجب إدارة التكاليف التشغيلية والإنتاجية معاً، أمّا الحلول اليوم في الأعمال المستدامة فتقوم بتوظيف أشخاص معينين ذوي كفاءة عالية أمّا في الأعمال غير المستدامة التي من الممكن للشركات الثالثة التعامل معها بطريقة أفضل فيجب الاستفادة من هذه التجربة في تقليل التكاليف التشغيلية والتركيز على الجودة أكثر. هناك تحديان في الأعمال مع طرف ثالث الأول هو الالتزام مع الأخرين والسبب الآخر هو ادارة هذا الطرف وهذا صعب فلا خيار أمامهم الآن سوى التركيز على تقليل التكاليف التشغيلية والتركيز على الإنتاج وفتح أسواق جديدة وعدم الخوف من المخاطرة في التوسع بنسبة 30% فليس هناك مجال أمامهم إلا الانكماش أو التوسع فمن لا يختار التوسع سيختار الانكماش رغماً عنه.

أمّا العبري فتحدث عن الفرق بين مستوى الإنتاجية في القطاعين الخاص والحكومي؛ ففي القطاع الخاص المستوى الربحي أعلى من الحكومي، وبالتالي نحن في القطاع الخاص مجبرون على استدامة المستوى الإنتاجي العالي فمن يقل مستوى الإنتاجية عنده نسعى لتعديله وإن لم يتعدل يتم استبعاده. أمّا الوضع في القطاع العام وحتى في أغلب دول العالم فمستوى الأمان الوظيفي يكون أعلى لأنّ القطاع العام ليس ذا توجه ربحي وبالتالي مستوى المساءلة فيه يكون أقل، والعامل الذي يشكل الفارق الأساسي هنا هو العائد الاستثماري؛ فإن لم يكن هناك عائد استثماري لهذا الموظف فمن البديهي استنتاج أنّ هذا الشخص لن يكون فرداً منتجاً والعكس صحيح.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة