المنتخب والستيني.. أين الخلل؟!

أحمد السلماني

بادرني أحد أقربائي -وهو اليوم على مشارف العقد السادس- بسؤال بريء لطالما حاولت تجنبه عقب خروج منتخبنا من سباق كأس آسيا مرفوع الرأس، وذلك لصعوبة الإجابة عنه كونه سؤالاً مُتشعبًا، حين سأل: "شارفتُ على الستين، فمتى يفوز هذا المنتخب؟"، الشاهد أنَّني دخلت في حوار عميق أثار دهشتي من حيث الطرح المعمق، ومشكلة منتخبنا في تجاوز كبار منتخبات القارة، ومتى يتوَّج بالألقاب، الرجل كان مستغربا حين قال: "مجمعات رياضية، وملاعب، وأندية، وفرق تنتشر في كل عُمان، وإذا ذهبت للشواطئ فالكلُّ يركل الكرة ويجري منذ 48 عاما، وزارة واتحاد وأندية وبلاد مُستقرة آمنة، ومع ذلك نخرج ولا نستطيع إكمال المشوار".

تعمدتُ أنْ لا أرد عليه حتى أستمتع بطرحه الواعي من حيث المعاضل والحلول من وجهة نظره، هو يتحدث وأنا في داخلي أقول: "هل هذا الستيني من أولئك الذين نعتهم مدرب منتخبنا فيربيك بـ"الأغبياء"؟!".

على كل حال، فإنَّ توابع زلزال فيربيك قد أخذتْ نصيبها بعد أن تناولها الإعلام الرياضي والوسط الكروي بإسهاب، وفندها كل حسب رؤاه؛ وبالتالي لن أخوض فيها؛ إذ إن فيربيك الذي لم يوفق في الطرح، كون السؤال لم يكن في وقته، وليس له من داعٍ، وقلة قليلة من انتقدت أداء الأحمر، وهؤلاء لم يكونوا "أغبياء"، ولكن كان ينقصهم الإدراك بالخلل الكبير بالمنظومة الكروية العمانية، التي فيما يبدو لا يُراد لها أن تستفيق من دائرة العقم في التفكير، بعد أن تبلدت الأفكار وانعدمت "الإرادة والإدارة"؛ وبالتالي "ما كان بالإمكان أفضل مما كان" ولن يكون.

ولنكن مُنصفين، فإن فيربيك وإدارة المنتخب واتحاد الكرة والإعلام والجماهير الحمراء الوفية صنعُوا لنا باكورة عمل موحدة ومنظمة ومتقنة، قبل وخلال موقعة آسيا الكبرى، أنتجت لنا منتخبا أنيقا وجميلا، ولكن كانت تنقصه ثقافة وخبرة التعامل مع المتغيرات وشخصية العودة للمباريات، فضلا عن الظلم التحكيمي الذي عانى منه في أغلب مبارياته؛ لذا فإنني أرى مستقبلا جميلا للمنتخب، لكنه مرهون بتغيير نمط العمل والأداء بعد أن سقطتْ نظرية اتحاد الكرة في "الاهتمام بالمنتخب الأول"، على حساب باقي مفاصل المنظومة الكروية، وعوامل تفوقها، والتي تبدأ بالعمل في اتجاهين: المحافظة على هذا المنتخب وما يليه (الأولمبي والشباب والناشئين)؛ لرفد الأحمر خلال 7 سنوات مقبلة، بالتوازي مع تطوير ورفع مستوى المسابقات الكروية المحلية من كافة جوانبها التطويرية؛ بما فيها الإعلام ومشغليه. والاتجاه الثاني: إطلاق مشروع وطني طموح ومدعوم من ديوان البلاط السلطاني والاتحادات الكروية القاري والدولي لصناعة منتخب على أساس قوي، بقاعدة عريضة، تنطلق من الفئات العمرية الصغيرة، لبناء هرم دعائمه من مخرجات الأكاديميات والمدارس بالأندية والخاص منها تحديدا، انتهاء بالمنتخبات، مادام أنَّ "أكاديمية التفوق الرياضي" لن ترى النور على المدى القريب، وهكذا حتى نصل إلى قمة الهرم بالمنتخب الأول، عدا ذلك فأقصى ما نستطيع تحقيقه هو كأس الخليج.