حدائق الكلمات (نص مثابر)


عبد الله الجيزاني | لندن

نبرح حدائق الكلمات ، بالرغم منا ، بعد أن أزهرت رحيقاً ألوانه تسر الناظر وتغنيه، نسيرُ على اقدامنا المتعثرة ، وتصتك بوجوهنا غمامة التردد ، نتباطأ قليلاً إمعاناً لذلك ، لا شيء يثني السفن قاهرة الريح الأقتراب من جنائن بابل المعلقة .  
هل كان الفرات بحرٌ غزير ؟
 وهل مرافئه واسعة ؟
في الحلمِ يرتدي الزعماء نياشينهم ويطلقوا ما تيسر لديهم من خزين ابداعاتهم في العسف ، القهر والضياع ، نغرق او نتوارى في عقودٍ من الغياب ،
منذ متى وانت متيقنٌ بما ستؤل اليه الأمور
الى كل هذا السوء ، حتى وأن هزكَ بعنف ذَلِكَ المقال ، تبقى محافظٌ على توازن المعرفة لديك ، وتبحث ملياً عن الأسباب ، هي رحلة مقدسة بأعماق التاريخ ، سوف يحضركَ كل الذين ارتكبوا اثاماٌ وما اقترفوه من تزوير ايضاً ، كل ذلك معلوم في بُطُون الكتب ، لا يحتاج سوى بصيرة حرة ، غير منحازة ، وتنظر للامر بعيون متيقظة ، عمق التحدي يكمن في كيفية الوصول الى الضحايا وتجريدهم من رداء الوهم الذي هم فيه ، والضباب الذي يلف مصائرهم ،
نحن وإن لم نلتقِ ، لكننا في حضور عميق ، ًهناك وردةٌ تذوي ، وهنا ضميرٌ يغلي ،
التوسلات التي يطلق عنانها الوقت بوجه الخيبة لا تجدي فقد وَلتَ  أزمانها ، وجفت عروقها من كثر الاستهلاك الخاطئ، كيف لي أن أقنط والملايين من الناس الذين يشبهوننا في كل شيء ، حفنة من الأعوام وهم تحت رحمة الانواء وقساوتها ، خيامهم بالية وطعامهم قليل ، اولادهم تغرقهم الأوحال والسيول ،
 ياالهي ، كيف لنا أن نطيق ذلك ؟
يا الهي كيف لنا ان نتحمّل ذلك؟
هرمنا وهزمنا ، أيها اليأس اطرح تفائلكَ علَ وعسى ، يمر بطريقنا المُخَلّصّ ويشعل طاقة النور في قلوب العشاق هناك وهنا ، ياحبيبي ، صرنا نعد تواريخ غربتنا بعقود من السنيين ،
هرمنا وهزمنا على كل الصعد ، أيها المُخلصّ لما لم تأتِ انتظرناك مُذ كنّا نحبو
، والأفكار تلهب مشاعرنا وغدت راياتكَ مسكن وغذاء للفقراء ،  وقديماً قيل ( من شبَ على شيء شاب عليه ) هرمنا وهزمنا أيها المُخلص تعال حتى وإن تجلس معنا في حدائق اليائسين ، جمهورية كبار السن المقعدين في منازلهم ، هرمنا وهزمنا ، لكننا متيقنين أن المجد لم يبارح خُطاً مشيناها وحملنا الأرواح فداها ،
ستبقى راياتكَ مرفوعة ،
ساعد بساعد والى أن يأتي فجر المقهورين
حتى وإن هرمنا وهزمنا ، مازال هناك جولات واجيال جديدة تتصارع ، بإقتدار ،
غيرنا سيبدع ويرفع الراية عالياً وبسواعد لا ترتعش الى اخر الطريق ، لم نبرح حدائق الكلمات حتى و إن هرمنا يتوارثنا اجيال ، هي الأفكار الخالدة معجونة من طين الفقراء ، تبقى الأفكار رافعتنا في الوجود ، حتماً ستعود وتعود
جنائن بابل المعلقة ، تزهو بالفراتين،  حصن مرابعنا الغناءةً والفرات العذب يروينا ، موانئه طافحة بالخير والعمران ، ولا تبرحُنا نسائم حدائق الكلمات ،
بل  تغدو قصوراً تتراقص في بنيان اللغة المباركة

 

تعليق عبر الفيس بوك