بعد افتتاح الصرح الجديد في دار الأوبرا السلطانية

"فكتوريا وألبرت" أول معرض بدار الفنون الموسيقية يسرد تاريخ 400 عام من الإثراء الأوبرالي

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

< المعرض يجسد رحلة الأوبرا منذ بداياتها في إيطاليا حتى وصولها مسقط في 2011

< دار الأوبرا السلطانية تدشن مرحلة جديدة من مسيرة التطور الثقافي في السلطنة

< "فكتوريا وألبرت" أكبر متحف مختص بالفنون والتصميم والأداء في العالم 

< معروضات المتحف تعكس 5000 سنة من التاريخ العريق

< المتحف يستقطب 4 ملايين زائر سنويا بمقره في لندن

 

 

تَحتضنُ دار الفنون الموسيقية حاليًا المعرضَ الأوَّل الزائر للدار بعنوان "فكتوريا وألبرت.. 400 عام من الإثراء الأوبرالي"؛ في أوَّل وجهة له خارج العاصمة البريطانية لندن، الذي تُقِيمه الدار بالتعاون مع متحف "فكتوريا وألبرت".

ورعى انطلاق فعاليات المعرض معالي نصر بن حمود الكندي أمين عام شؤون البلاط السلطاني نائب رئيس مجلس إدارة دار الأوبرا السلطانية مسقط، بحضور مجموعة من المسؤولين والشخصيات من داخل السلطنة وعدد من دول العالم، كما شارك في الحفل أصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى السلطنة. ويجسِّد المعرض رحلة الأوبرا منذ بداياتها في أواخر عصر النهضة "Renaissance" في إيطاليا، إلى حين وصولها مسقط عام 2011، مع زيارة أهم المدن والمحطات التاريخية في الطريق. ويستمر المعرض حتى 14 مارس المُقبل، ويفتح أبوابه يوميًّا من 8:30 صباحاً وحتى 5:30 مساءً، باستثناء أيام الجمعة والمناسبات الوطنية.

 

الرؤية - مدرين المكتومية

 

 

 

وكانتْ بداية معرض "فكتوريا وألبرت.. 400 عام من الإثراء الأوبرالي" في شهر سبتمبر 2017م بمتحف "فكتوريا وألبرت"، بالعاصمة البريطانية لندن، والذي يُعدُّ أكبر متحف مختص بالفنون والتصميم والأداء في العالم؛ إذ يحتوي على قطع ومعروضات متميزة من حيث العدد والنوع. إن مجمل معروضات المتحف تعكس ما يزيد على 5000 سنة من التاريخ العريق للعديد من الثقافات العالمية الغنية، ويرتاده أكثر من 4,000,000 زائر في السنة. ويعود تأسيسه إلى العام 1852م، وسُمّي بهذا الاسم نسبة إلى الملكة فكتوريا وزوجها ألبرت، وقد اعتاد هذا المتحف استضافة العديد من المعارض المؤقتة سنويًّا في مقره، وأنشأ شراكات في أكثر من 40 بلداً حيث تجوب هذه المعارض في أنحاء العالم.

 

مدينة البندقية

تنطلقُ الرحلة في المعرض وبعد الستار الأحمر، نحو مدينة البندقية عام 1642م؛ حيث تُعرض بعض القطع الزجاجية الثمينة، والآلات الموسيقية الغربية، ومشط متقن منحوت يدويًّا من قطعة واحدة من خشب البقس، ويسرد ارتباط هذه المعروضات بنمط حياة رجال ونساء مدينة البندقية في القرن السابع عشر. وكتب كلاوديو مونتيفيردي أول أوبرا عامة بعنوان "تتويج بوبيا"، وتدور أحداثها بعد غياب طويل يعود أوتوني إلى صديقته بوبيا التي تطمح في الزواج منه لتصبح الإمبراطورة. وتضمنت تلك الأوبرا توزيعات الفرق الموسيقية في القرن السابع عشر باستخدام آلات مثل الهاربسيكورد والعود الأوروبي، وأحياناً آلات نفخ. ويلاحظ الزائر للمعرض الشبه القريب بين آلة الثيوربو والعود العربي، وهو أكبر دليل على تبادل الثقافات بين الشرق والغرب على مر التاريخ.

ويُوَاصِل الزائر خطواته وهو يستمع لشرح تفاصيل المعرض عبر السماعة وبمقطوعات موسيقية من عروض أوبرالية مختلفة، ليصل لندن، والتي بدأ خلالها الشاب المعروف هاندل مشواره الفني في تقديم "رينالدو"، وهي أول أوبرا غنائية باللغة الإيطالية في المدينة التي ظهرت كمركز تجاري عالمي، لقد اعتمدت الأوبرا على تقديم مؤثرات بصرية ساحرة مثل نيران ومياه وطيور حقيقية أبهرت الجماهير؛ حيث تكيفت لندن في القرن الثامن عشر مع أسلوب الموسيقى المستوحى من الطراز الأوروبي، ونجح الثنائي الرائع هاندل ومدير مسرح آرون هيل في تحويل الأوبرا إلى وسيلة الترفيه الرائجة في ذلك العصر، وقد صُمم المسرح التاريخي بتصاميم الفنان الإيطالي جياكومو، ويُمكن لأي شخص الاستمتاع بمشاهدة نموذج المسرح المستوحى من عرض رينالدو الأصلي.

 

موتسارت الفكاهية

ويمضِي الزائر جولته في ممرات المعرض المفعمة بالحياة رغم العمر الزمني الذي مرَّت عليه المقتنيات، ليصل الى فيينا والتي ظهرت فيها في تلك الحقبة من الزمن أوبرا موتسارت الفكاهية "زواج فيجارو" في عام 1786م؛ حيث كانت مدينة فيينا مدينة التنوير ومنصة انطلاق وازدهار الأفكار والإلهامات الجديدة، وتمَّ رسم شخصيات الأوبرا من الحياة اليومية؛ حيث اعتمد موتسارت على أفكار مأخودة من مسرحية بومارشيه الأصلية لتقديم الخدم كأشخاص طموحين مساوين للأرستقراطيين، ويمكن للزوار أن يشاهدوا ذلك عبر الشاشة المعلقة على جدار المعرض، والتي تعرض لباسًا عصريًّا ترتديه "الكونتيسة" و"الكونت ألمافيفا"، إلى جانب مثال على ملابس الرجال الرسمية في ثمانينيات القرن الثامن عشر، وعرض حياة الأرستقراطية والخدم في زمن موتسارت، موضحاً كيف أن موتسارت رفع نفسه اجتماعيًّا من خلال الموضة وتردده على صالونات الثقافة، وضم المعرض في اروقته نموذج لآلة البيانو التي تعود إلى عام 1788، وهي مشابهة لللآلة التي قام موتسارت بالعزف عليها.

 

جوزيبي فيردي

لم يخلُ المعرض من استعراض الشخصيات التي قدمت الفن الاوبرالي وأسهمت في صناعته وإيجاده؛ بحيث إنَّ الزائر يُمكنه أن يتعرف على  الشاب جوزيبي فيردي الذي بدأ مشواره الموسيقي الفني وسط أجواء إيطاليا الممزقة، وقد جذبته ميلانو لكونها العاصمة الثقافية لشمال إيطاليا ومركزاً للأوبرا، وهناك استمدَّ الإلهام، وتم تكليفه بكتابة أوبرا مأخوذة من قصة نابوكو، والتي تتناول موضوعات قوية عن الهوية والوطنية والحرب؛ لقد حققت أوبرا نابوكو نجاحاً غير مسبوق، ورسخت اسم فيردي على الساحة الدولية، ويمكن أيضا للزائر أن يتعرف على فيردي ونجاحاته ومشواره الفني، وكيف أصبح أسطورة وطنية، كما يُمكنه مشاهدة تجربة المسرح مع جوقة الأوبرا الملكية في لندن، ومؤلفات موسيقية يجتمع فيها الانسجام والتناغم، كأغنية "حلقي أيتها الأفكار" التي أصبحت النشيد الوطني الإيطالي غير الرسمي.

ومن ثمَّ تتجه خطوات الزائر نحو ستينيات القرن التاسع عشر، نحو فرنسا، وبالتحديد في  باريس العاصمة العالمية للثقافة أنذاك؛ حيث كانت تجذب تشكيلة متنوعة من الفنانين والموسيقيين والتجار؛ حيث حققت الأوبرا مكانة عالية في العاصمة الفرنسية. واعتادت العائلات الأرستقراطية استئجار مقصورة في الأوبرا كل عام بمبالغ باهظة للاختلاط بالمجتمع الراقي، وقد كانت فرقة الباليه جزءًا مهمًّا من الأوبرا الباريسية، كما أن بعض الرسومات الثمينة للرسام الانطباعي الشهير إدغار ديجاس تظهر راقصي الباليه على المسرح وكواليس المسرح، ومع اختلاف شكل مدينة باريس طرأ تغيير على المجتمع أيضاً؛ حيث قدم ريتشارد فاجنر العرض الأول لأوبرا "تانهويزر" بعد أن راجعها خصيصاً لتلائم العرض في المدينة -آنذاك- واستطاعت أن تستقطب الجماهير الفرنسية.

 

مسقط 2011

وتنتهي رحلة زيارة المعرض الثري، مع وصول الأوبرا إلى مسقط عام 2011، حيث افتتحت دار الأوبرا السلطانية مسقط بعرض أوبرا توراندوت. ومنذ انطلاق مسيرة النهضة العُمانية في العام 1970م، اهتمت السلطنة بالتطور الثقافي بوصفه ركيزة أساسية من ركائز تقدم البلاد، وتم إرساء معايير عالمية لتنمية الفنون، بما في ذلك الحفاظ على التقاليد الموسيقية والفنية للسلطنة، وفي يوم 12 أكتوبر 2011م، تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بافتتاح دار الأوبرا السلطانية مسقط إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في مسيرة التطور الثقافي في سلطنة عُمان. وقد اعتبر المايسترو بلاسيدو دومينجو قائد أوركسترا العرض الافتتاحي أن دار الأوبرا السلطانية مسقط "جوهرة ثقافية" حقيقية، وهو نفس رأي المختصين وخبراء الفنون الأدائية حول العالم. وبهذه المناسبة، قدمت مؤسسة "أرينا دي فيرونا" أوبرا "توراندوت" لجياكومو بوتشيني من إخراج فرانكو زفيريللي، ويمكن لزوار المعرض مشاهدة نماذج من التصاميم والأزياء والصور الفوتوغرافية لهذا المعلم الفني المهم، ودوره في التعاون الدولي مع مسارح الأوبرا العالمية.

 

مقتنيات نادرة

ويروي المعرض -عبر اللوحات، والمجسمَّات الرخامية، والأزياء، والمقاطع الصوتية، والقطع الفنية النادرة التي تُعرض للمرة الأولى في السلطنة- تاريخَ فن الأوبرا؛ حيث السرد من مدينة البندقية عندما ظهر فن الأوبرا منذ 400 عام وتحديداً في بدايات القرن السابع عشر، ومع نهاية القرن كانت الأوبرا قد عمَّت أهم المدن الإيطالية؛ حيث أصبحت في القرن الثامن عشر أكثر الفنون الموسيقية انتشاراً ورواجاً في غرب أوروبا.

وسيتمكَّن زائر المعرض من الاستماع إلى مقطوعات جميلة عبر سماعات الأذن لعروض من إنتاج الأوبرا عبر تاريخها الطويل، التي لقيت إشادة عالمية واسعة. وتمر الرحلة على 6 مدن؛ هي: البندقية، لندن، فيينا، ميلان، باريس ومسقط، والزمن الذي عُرضت فيه الأعمال الأوبرالية للمرة الأولى. إنها رحلة متعددة الحواس، تنقلنا إلى المدن الأوروبية الخمس في الحقبة التاريخية للأوبرا، وتصل إلى مسقط في القرن الحادي والعشرين، ويكشف المعرض كيف تجمع الأوبرا عدة أشكال فنية لخلق عمل فني جديد يحكي قصة الفن الراقي على مدى مئات السنين.

تعليق عبر الفيس بوك