رقبة تيريزا ماي على مذبح المؤيدين والرافضين لـ"بريكست"

"طلاق" بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "غير بائن".. الاحتمالات تفتح أبوابها

 

الرؤية - هيثم الغيتاوي

 

كما الفرق بين الطلاق البائن والرجعي في العلوم الشرعية، بات مصير بريطانيا مفتوحًا على عدة احتمالات من بينها أن يكون "طلاقها" من الاتحاد الأوروبي غير بائن أو رجعي؛ ما يعني احتمال الدعوة إلى استفتاء جديد على "بريكست" يضغط من أجله قطاع واسع من النواب البريطانيين الغاضبين من استنزاف طاقة لندن في "ورطة مفاوضات" مستمرة منذ أكثر من عامين؛ ويبدو أنها بلا نهاية؛ وإن انتهت ظاهريا إلى وقوع هزيمة برلمانية تعد الأكبر في تاريخ حكومات بريطانيا، بتصويت 432 نائبا برفض الاتفاق، مقابل موافقة 202 فقط، قبيل 10 أسابيع فحسب من موعد الخروج نهاية مارس. وعلى سبيل "المرونة غير المجانية"؛ قال الاتحاد الأوروبي إن بإمكانه قبول اتفاق خروج مختلف بعد رفض البرلمان البريطاني بأغلبية ساحقة للاتفاق الذي تفاوضت عليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مشترطا في الوقت نفسه أن يجري ذلك مقابل "تغيير مطالب لندن الرئيسية"؛ بل وتنازل بريطانيا عن خطوطها الحمراء في التفاوض؛ على الرغم من أن ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي دافع في كلمته أمام البرلمان الأوروبي أمس عن الاتفاق المبرم مع ماي؛ محذرا من أن مخاطر الخروج غير المنظم من التكتل باتت أكبر منها في أي وقت مضى؛ بما  قد يؤدي لاختلالات في أوروبا بأسرها.

وضمن قائمة "التنازلات التفاوضية" التي يسعى الاتحاد الأوروبي لاقتناصها في ظل الأزمة البريطانية، يأتي قبول بريطانيا بالتزام أكبر بقواعد الاتحاد الأوروبي لضمان الحصول على علاقات تجارية وثيقة في المستقبل؛ ما يعني تخلي لندن عن تصميمها على مغادرة الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة المنظمة مركزيا.

وفي رسالة دالة على ضجر أوروبا من "الصداع البريطاني" الممتد؛ وجه مانفرد فيبر زعيم يمين الوسط في البرلمان الأوروبي وحليف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نداء إلى الأطراف البريطانية أمس: (أرجوكم، أرجوكم، أرجوكم أخبرونا أخيرا بما تريدون تحقيقه.. لم يعد هناك مجال للمناورة).

ولم تأت الدعوة إلى استفتاء جديد على الخروج من داخل بريطانيا فحسب؛ فقد دعا إلى ذلك عدد من النواب الأوروبيين أيضا؛ حتى أن دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي قال إن الانقسامات في بريطانيا قد تقود إلى إلغاء خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وبموجب قانون 2011 للبرلمانات المحددة المدة، تجرى الانتخابات العامة البريطانية كل 5 سنوات، والانتخابات المقبلة مقررة في 2022، لكن التصويت بسحب الثقة بعد استجواب رئيسة الوزراء يمنح نواب البرلمان السلطة ليقرروا ما إذا كانوا يريدون استمرار حكومة ماي أم لا؛ على أن يكتبون صيغة محددة: "هذا المجلس لا يثق في حكومة صاحبة الجلالة".

وإذا ما سحب أغلبية النواب الثقة تكون هناك مهلة 14 يوما لاتخاذ قرار الانتخابات؛ وخلال هذه المدة إذا فشلت الحكومة الحالية أو أي حكومة بديلة أخرى في الفوز بثقة البرلمان مجددا، يتم الدعوة فعلا لإجراء انتخابات عامة مبكرة؛ ما يعني أن تيريزا ماي ربما ستدفع بذلك ثمن تحالف المؤيدين والمعارضين لاتفاق الخروج علي حكومتها؛ ويتحول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى خروج تيريزا ماي - وربما حزبها كله - من دائرة الحكم البريطاني.

تعليق عبر الفيس بوك