منها خارطة العالم الإسلامي للإدريسي

عرض مقتنيات جديدة في المتحف الوطني خلال الفترة المقبلة

 

مسقط - العمانية

أكد جمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني أن المتحف حظي خلال عام 2018، بالعديد من المقتنيات التي لم تتح للعرض المتحفي بعد لعموم الزوار وستكون متاحة خلال العام الحالي 2019 والفترات القادمة.

وأوضح في حديث أدلى به لإذاعة سلطنة عمان بثته في برنامجها اليومي (كنوز من المتحف الوطني) الذي تبثه القناة العامة أن المتحف وفق في المزايدة التي أجرتها دار سوثمبي العريقة في لندن بالمملكة المتحدة على خارطة العالم الإسلامي لأبي عبدالله محمد ابن الشريف الإدريسي وهي الخارطة التي رممت ونقحت من قبل العالم الألماني كونراد ميلر ويعود تاريخها الأصلي إلى عام 1154م، هذه الخارطة هي من الحجم الكبير فيبلغ ارتفاعها مترا ونصف المتر بينما طولها الإجمالي 3 أمتار ونصف المتر، ويعود أصل وضع هذه الخارطة للإدريسي إلى الملك روجر حاكم صقلية حيث عمل الإدريسي وانضوى تحت هذا الملك المستعرب وترك إرثًا مهما للإنسانية.

وأضاف الموسوي أن "أصل هذه الخارطة كان يتكون من 70 رسمة مستقلة لمختلف العالم القديم جمعت من ثم في هذه القطعة الباهرة وهذه الخارطة أعدت لكتاب سماه الملك روجر بنفسه (نزهة المشتاق) بينما الإدريسي عنون هذا الكتاب بعنوان (كتاب روجر)"، مضيفاً أنّ "أهمية هذه الخارطة تكمن في أنه لا توجد خرائط متوفرة للإدريسي في متناول اليد كون أن جملة خرائطه تعد ملكيتها أما لجامعات أو متاحف عريقة، وأيضًا توثق هذه الخارطة الكيانات والأقاليم الرئيسية في العالم القديم ويرد فيها اسم عمان صراحة وكذلك أسماء الحواضر العمانية ومن بينها صحار ومسقط والحواضر في ظفار، ومن الملاحظ أنَّ الأمصار العربية الواردة في هذه الخارطة هي اليمن والحجاز والعراق وسوريا ومصر والمغرب وعمان فقط، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الوضع الحضاري العريق الذي كانت تتمتع به عمان قبل حوالي 900 عام، ونؤكد بامتياز بما لا يدع مجالا للشك أهمية مسقط منذ تلك الفترة كونها ميناء رائجا للتجارة الإقليمية والدولية وكذا الحال بالنسبة لصحار.

 وقال الموسوي إنَّ العمل الآخر الذي تم إضافته إلى مقتنيات المتحف الوطني عبارة عن لوحة زيتية تجسد شخصية علي محمد بك وكان سائسًا لخيل السلطان السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي سلطان عمان وزنجبار الذي حكم خلال الفترة من 1806ـ إلى 1856 ميلادية وهو السلطان الذي أسس الإمبراطورية العمانية الثالثة، مبيناً أن "علي بك بعثه السلطان سعيد ضمن البعثة الدبلوماسية العمانية إلى جلالة الملك وليام الرابع في العام 1837م، ورسمت هذه اللوحة بالألوان الزيتية على الخشب وحجمها 45 سم في 35 سم رسمها أحد أشهر مستشرقي العصر وهو سلمون ألكسندر عضو الجمعية الملكية للفنون الجميلة".

 وأشار إلى أنَّ "الإطار لهذه اللوحة هو الأصلي وهو مذهب ويؤرخ للوحة بالعام 1837 ميلادية، هذه اللوحة الفريدة والنادرة تُعد ثاني عمل فني تاريخي يضاف إلى مقتنيات المتحف الوطني باعتبار أن الفنون التشكيلية لم تظهر حينها في عمان أو حتى في الأراضي العمانية في شرق إفريقيا بينما التصوير أيضًا لم يظهر في تلك الفترة، فقليل من الأعمال التي نجدها توثق أما مشاهد لعمان أو شخصيات عمانية بالرسم أو بالنحت من تلك الفترة، فجرت العادة قبل ظهور فن التصوير في أوروبا أن يتم توثيق المبعوثين والسفراء من قبل الملوك عن طريق الرسم فبتوجيه من وليم الرابع تم تجسيد صورة علي محمد بك، تكمن أهمية هذه اللوحة أيضاً فيما يمكن مشاهدته من ملامح هذا المبعوث لباسه العماني وطبيعة اللباس آنذاك أيضًا يمكن مشاهدة المراعي التي وضع فيها خيل السلطان التي أهديت لوليم الرابع وهذه اللوحة تقف رمزا للعلاقات العمانية البريطانية الوطيدة منذ ذلك الحين.

وقال جمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني إن العمل الآخر الذي اقتناه المتحف الوطني عبارة عن لوحة زيتية على قماش تجسد السير السيد علي بن سالم البوسعيدي الذي كان من الشخصيات البارزة في الصومال وكينيا المعاصرتين، أيضًا هذه اللوحة تعود إلى القرن 19 الميلادي.

وقال مدير عام المتحف الوطني إن العمل الآخر المميز جدا الذي تم اقتناؤه عن طريق دار "سوثمبي" للمزادات في مدينة "لندن" البريطانية عبارة عن ألبوم صور فوتوغرافية أهديت من قنصل الولايات المتحدة الأمريكية في مسقط وهو لويس ماجوير إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، هذه الصور التقطت ما بين عام 1871 و1885 ميلادية يتضمن الألبوم 92 صورة فوتوغرافية أصلية من تصوير القنصل الأمريكي وكذلك جوزيف صمودا ومايلز، وتكمن أهميتها في أنها ثاني أقدم صور في العالم توثق بفن التصوير مشاهد لمسقط، فنشاهد فيها ميناء مسقط الشهير، بيت العلم العامر على شاكلته الأصلية، الواجهة البحرية برمتها لمدينة مسقط التاريخية، قلعتي الجلالي والميراني، نشاهد مظاهر الحياة اليومية في المدينة وأيضا هناك وثائق مهمة تصويرية توثق شكل القنصلية الأمريكية من الداخل كالتصميم المعماري والتصميم الداخلي، هذه وثائق جدا مهمة بالنسبة لنا لأنها لم تعرض سابقًا ولم يتم نشرها ولم يتم تنقيحها في السابق.

وأضاف الموسوي أن هذا الألبوم يتضمن أيضًا أقدم صور معروفة في العالم لمدينة مطرح ويشمل ذلك الواجهة المائية للمدينة، قلعة إبرق، التي أصبحت تاريخًا الآن، قلعة مطرح التي مازالت قائمة، وهناك توثيق لبعض الممارسات والشعائر الدينية ذات الخصوصية لتلكما المدينة، وأقدم صور في العالم لقلعة جبرين وكذلك جبل مشط ومدافن بات، فهذه كلها تم إضافتها إلى مقتنيات المتحف الوطني وسيجري ترميمها وتأهيلها وتنقيحها تمهيدًا لنشرها وعرضها.

وأضاف "فيما يتعلق بالاقتناء عن طريق الإهداء والاستعارة تلقى المتحف الوطني حوالي 63 مقتنى محليا ودوليا خلال الثلث الأول من عام 2018 بحيث بلغ إجمالي ما تم إهداؤه أو استعارته ما يتجاوز 3600 مقتنى، وفي إطار برنامج الاقتناء من خلال الشراء خلال عام 2018 لابد أن نشير إلى التعاون الوثيق والمثمر مع الجمعية العمانية للفنون التشكيلية كونها الجهة الرسمية المعنية بالمحافظة والارتقاء بتجليات الفنون الحديثة والمعاصرة للفنانين العمانيين، وتقديرا من المتحف الوطني لأهمية حركة الفنون التشكيلية العمانية الحديثة والمعاصرة كونها تجسد نتاجا ثقافيا إنسانيا حضاريا جماليا بزغ بشكل متوازٍ مع فجر النهضة المباركة، وجه المتحف الوطني انظاره نحو الشروع في اقتناء أعمال الفنانين والنحاتين العمانيين الرواد من الرعيل أو الجيل الأول وتم خلال هذا العام اقتناء ما يزيد عن 30 عملا فنيا لأسماء حظيت باعتبارها تراثا إقليميا ودوليا نذكر على سبيل المثال الفنان التشكيلي علي بن فيصل المحضار، الفنانة التشكيلية رابحة بنت محمود، الفنان التشكيلي حسين بن محمد الحجري، الفنان التشكيلي منير السجواني، الفنان التشكيلي حسين البلوشي، النحات المرحوم أيوب بن ملنك البلوشي، الفنان التشكيلي علي المرشودي، الفنان التشكيلي غصن الريامي، الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية، الفنان التشكيلي لال بخش،  والفنان التشكيلي محمد الصائغ، والفنان التشكيلي رشيد بن عبدالرحمن البلوشي، والفنان التشكيلي أنور سونيا هذه بعض الأسماء التي سعينا إلى اقتناء أعمالها خلال هذا العام ليتم إضافتها ضمن سياق قصة السرد المتحفي تباعا اعتبارا من عام 2019.

وقال جمال بن حسن الموسوي في حديثه لإذاعة سلطنة عمان إن هناك تعاونا وثيقا بين المتحف الوطني والبنك المركزي العماني حيث يسعى المتحف في اقتناء العملات التذكارية وكذلك النقد المتداول أولاً بأول بغرض إثراء مقتنياته المعروضة في قاعة العملات والتي تجسد حوالي 2200 عام من تاريخ النقد في سلطنة عُمان، وخلال هذا العام تم اقتناء عدد من العملات الهامة منها مجموعة من أربع عملات تذكارية من الذهب صكت بمناسبة العيد الوطني الخامس والعشرين المجيد في عام 1995 ميلادية، إضافة إلى عملات تذكارية ذهبية صكت بمناسبة العيد الوطني التاسع والعشرين المجيد والعيد الوطني الواحد والثلاثين المجيد في عام 1999 وعام 2001 تباعا، كما تمَّ اقتناء عملة تذكارية ذهبية بمناسبة التعداد السكاني في عام 2003، إضافة إلى طقم تذكاري من الذهب والفضة بمناسبة إنشاء دار الأوبرا صدر في عام 2011 هذه العملات توثق لمظاهر من الإنجازات التي تحققت خلال عصر النهضة المباركة وتوثق الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية.

 

تعليق عبر الفيس بوك