لم يعد الفراق مؤلما


د. محمد الدفراوي | مصر

في واحدة من ليالي أرقها المفزعة، تتخلي عن صبرها والنوم، تسير في الشارع محنية الظهر، كأنها مخمورة، مغمورة بمشاعر أليمة، تترنح، برعونة تقع في سُكْرها، بائسة بجسد ذابل، يسيل من شدقيها رغاء غير مبالية، لم يمنعها الحياء من أن تتفوه بأفحش الألفاظ، وتقهقه أكثر مما ينبغي وسط لعنات أصحاب الدكاكين والمارة، أشعرتها روحها المثقلة العالم باردا تحت الصفر.
 فقدت ابنها  الوحيد في حادث سير أليم، وديعا، محبوبا، وفيا، خدوما، مبهرا  في كل شيء... ومن يومها اعتادتها لوثة أن تنزل من بيتها للبحث عنه، لا تبالي، لم تكن قادرة علي فعل شيء غير السُّكْر والوهم، علي شفا الجنون تحترق، فليس لديها ما يكفي من أفيون روحي لتتفوق به  على مصاب، لا شقيق له.
لم يظهر أحد التعاطف من عربدتها، ووقاحة نظراتها وألفاظها، لكنهم أشفقوا قدرها التعيس، وحيرتها التي تخبيء وجعا دفينا... فحزنها وبؤسها  يسليان أمامها كالظل.. من النبل في المصيبة أن لا نقول شيئا.
فوحدها من وجدت الحجيم..

 

تعليق عبر الفيس بوك