استهداف الاستدامة المالية لمواصلة تحقيق النمو وإنجاز "التنويع" وجذب الاستثمارات

"ميزانية 2019": 12.9 مليار ريال جملة الإنفاق العام و10.1 مليار إيرادات.. والعجز عند 2.8 مليار بنسبة 9% من الناتج المحلي

< السلطنة الأسرع نموًّا في الناتج المحلي بين دول الخليج خلال 2019

< 3% نموا متوقعا بالناتج المحلي الإجمالي في 2019

< مزيد من التحوط في ميزانية 2019 في ظل تذبذب أسعار النفط وعدم توازن الأسواق

< 400 مليون ريال زيادة في الإنفاق العام بنسبة 3% عن المُقدَّر في 2018

< 4.5 مليار ريال مصروفات جارية.. و3.5 مليار رواتب الموظفين بنسبة 76%

< 745 مليون ريال مصروفات دعم الكهرباء والمنتجات النفطية والقروض والشركات الحكومية

< ارتفاع كلفة خدمة الدين العام بـ150 مليون ريال

< 26% تراجعا بعجز الميزانية في 2019 مقارنة مع 2017

< 3.7 مليار ريال للمشاريع الاستثمارية.. منها 2.5 مليار لتنفيذ مشروعات صناعية وخدمية توفر الوظائف

< 5000 وظيفة شاغرة في الحكومة خلال العام الجاري

< تغطية العجز المالي عبر الاقتراض الخارجي والمحلي.. وسحب 400 مليون ريال من الاحتياطات

< مراعاة سير العمل في المشروعات الإنمائية واستكمال التنفيذ وسداد المستحقات

< مشروعات تنموية واعدة في قطاعات الصحة والطرق والخدمات

< الميزانية تهدف لتحقيق العوائد المنشودة والمحافظة على العجز في "مستويات آمنة"

< خفض الدين العام وتحسين هيكلة الإيرادات الحكومية ضمن الأهداف العامة

< استحواذ التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية على الحصة الأكبر من الإنفاق بـ39%

< الصندوق الوطني للتدريب ينمي مهارات 6170 مواطنا في 2019

< 90 مليون ريال للقروض الإسكانية والتنموية

< التريث في المشروعات "غير الملحَّة" لترشيد الإنفاق العام وكبح العجز

< استكمال خطة التحول لموازنة البرامج والأداء وتحديد مؤشرات الأداء لـ13 وحدة حكومية

< خطة تمويل متوسطة الأجل لتغطية العجز المقدر.. وميثاق لحوكمة الشركات الحكومية

< الاستدامة المالية عبر المحافظة على عجز آمن وخفض الدين وزيادة الإيرادات غير النفطية

 

بلغ إجمالي الإيردات العامة للدولة المقدَّرة في الميزانية العامة للدولة للعام 2019 (10.1) مليار ريال عماني، بزيادة 6% عن 2018، فيما قُدِّر إجمالي الإنفاق العام بنحو 12.9 مليار ريال عُماني، بارتفاع قدره 400 مليون ريال عُماني عن الإنفاق المقدَّر لعام 2018م، وبنسبة زيادة 3 في المئة؛ لتسجِّل الميزانية عجزًا مُقدرًا بنحو 2.8 مليار ريال عُماني وبنسبة 9 في المئة من الناتج المحلي، فيما تمَّ اعتماد 58 دولارا لبرميل النفط سعرًا تقديريًا لحساب الإيرادات، مع تقدير إنتاج 970 ألف برميل من الخام يوميا خلال 2019.

وأصدرتْ وزارة المالية -وبالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط- أمس، بيانًا تفصيليًّا بمناسبة صُدُور المرسوم السلطاني السامي رقم (1/2019) الخاص بالتصدِيق على الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2019م، مُستعرِضَة أبرز ملامح وتقديرات الميزانية العامة للسنة المالية 2019م، والنتائج الأولية لميزانية السنة المالية 2018م.

مسقط - الرؤية

 

 

وقال البيان إنَّ ميزانية العام الماضي 2018م شهدتْ تحسُّنا في الأداء، مقارنة بأداء الأعوام الثلاثة الماضية (2015-2017م)، مُستفيدة من الزيادة المسجَّلة في أسعار النفط، وانعكاس أثر بعض الإجراءات المتخذة لتنمية الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق. واستدركَ البيان بالقول إنَّ المؤشرات الحديثة لأسواق النفط تُشير إلى عدم التوازن واستمرار تذبذب الأسعار؛ الأمر الذي يتطلَّب مزيدًا من التحوُّط في ميزانية عام 2019م، والاستمرار في ضبط وترشيد الإنفاق الجاري، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، والدفع بمشروعات البنية الأساسية، والمشروعات الإستراتيجية؛ لتحفيز النمو وزيادة مستويات التنويع الاقتصادي.

وأكَّد البيان أنَّ الإطارَ الماليَّ لميزانية عام 2019م يستهدفُ تحقيق مجموعة من الغايات والأولويات، تأتي في مقدمتها: الاستدامة المالية لتمكين الاقتصاد الوطني من الاستمرار في تحقيق معدل النمو المستهدف، وإنجاز برامج التنويع الاقتصادي، ومستهدفات الاستثمار المحلي والأجنبي، وتمكين القطاع الخاص للقيام بدور أكبر في إدارة عجلة الاقتصاد، وتوفير فرص العمل.

 

الإيرادات العامة

وفصَّل البيانُ الإيرادات العامة للدولة والإنفاق والعجز المقدَّر في ميزانية العام 2019؛ حيث ذَكر أنَّه تمَّ تقدير جملة الإيرادات بمبلغ 10.1 مليار ريال عُماني، بارتفاع يبلغ 6 في المئة عن الإيرادات المقدَّرة للعام 2018م، والتي تتكوَّن من إيرادات النفط والغاز بمبلغ 7.4 مليار ريال عُماني تمثل ما نسبته 74 في المئة من إجمالي الإيرادات، فيما قدرت الإيرادات غير النفطية بنحو 2.7 مليار ريال عُماني وتمثل ما نسبته 26 في المئة من جملة الإيرادات. وأوضح البيان أنَّه تم الأخذ في الاعتبار عند تقدير الإيرادات عدة اعتبارات؛ منها: التزام السلطنة بالتخفيض المقرر على إنتاج النفط وفقًا لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وعوائد الغاز من حقل خزان مكارم، والأثر المالي لتطبيق الضريبة الانتقائية لبعض السلع الخاصة، وعوائد بيع بعض حصص الحكومة في الشركات "برنامج التخصيص"، ورفع كفاءة تحصيل الرسوم والضرائب والتوسع في توفير الخدمات التفضيلية، وتوحيد رسوم الخدمات التي تقدمها البلديات، ورسوم الخدمات التي تقدمها كلٌّ من وزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة الصحة.

فيما قُدر إجمالي الإنفاق العام بنحو 12.9 مليار ريال عُماني، بارتفاع قدره 400 مليون ريال عُماني عن الإنفاق المقدر للعام 2018م، بنسبة زيادة 3 في المئة. ويتضمَّن الإنفاق العام المصروفات الجارية للوزارات والوحدات الحكومية؛ حيث قُدرت مصروفات هذا البند بنحو 4.5 مليار ريال عُماني؛ منها: مخصصات رواتب ومستحقات الموظفين بمبلغ 3.5 مليار ريال عُماني، مُتضمنة العلاوة الدورية وفروقات ترقيات الموظفين العمانيين أقدمية عام 2010م، والمصروفات التشغيلية بمبلغ 600 مليون ريال عُماني، علما بأنَّ بند رواتب ومستحقات الموظفين يمثل نسبة 76 في المئة من إجمالي المصروفات الجارية للوزارات والوحدات الحكومية.

وقُدِّرت الاعتمادات المالية في العام 2019م للصرف على تنفيذ المشروعات الإنمائية بنحو 1.2 مليار ريال عماني، ويُمثل هذا المبلغ السيولة النقدية المقدَّر صرفها خلال العام وفقا لمعدلات التنفيذ الفعلية؛ حيث تم مُراعاة الإبقاء على مستوى الصرف دون تخفيض لضمان سير العمل وإكمال كافة المشاريع قيد التنفيذ دون أي توقف أو تأجيل، ولضمان سداد الدفعات المالية المستحقة عن التعاقدات الحكومية في مواعيدها بشكل منتظم.

وبالنسبة للمصروفات الاستثمارية، أوضح البيان أنَّ العمل جارٍ على تنفيذ واستكمال عدد من المشاريع الإستراتيجية؛ منها: إنشاء مستشفى السلطان قابوس في صلالة، ومستشفى خصب، ومستشفى السويق، إضافة إلى استكمال بناء عدد من المراكز الصحية في بعض ولايات السلطنة. وكذلك استكمال تنفيذ مشاريع شبكات المياه في عدد من الولايات، وإنشاء مبانٍ لصيانة الطائرات ومرافق الشحن والتموين بمطاري مسقط وصلالة، واستكمال تنفيذ مشروع طريق الشرقية السريع، واستكمال رصف الطرق الداخلية في عدد من ولايات السلطنة، واستكمال تنفيذ مشروع ازدواجية طريق أدم-ثمريت، واستكمال تنفيذ مشاريع البنية الأساسية للمنطقة السكنية الجديدة في ولاية لوى، واستكمال تنفيذ برنامج تعويض المنازل المتأثرة بالطريق الساحلي، واستكمال تنفيذ وحدات سكنية بديلة للمنازل المتأثرة بالطريق الساحلي، وبناء 400 وحدة سكنية في خور صولي بصلالة، وإنشاء مدارس جديدة وتنفيذ مرافق تربوية ببعض المدارس القائمة في مختلف الولايات.

 

مصروفات إنتاج النفط والغاز

وقُدِّرت مصروفات إنتاج النفط والغاز في ميزانية 2019م بنحو 2.2 مليار ريال عُماني، بزيادة تبلغ نسبتها 6 في المئة عن تقديرات ميزانية 2018م، والتي تشملُ: التكاليف التشغيلية والرأسمالية لإنتاج النفط والغاز، والمصروفات الاستثمارية اللازمة للمحافظة على معدل الإنتاج الحالي والمستقبلي، وزيادة الاحتياطيات (النفط والغاز). وتبلغ المخصصات المقدرة لبند مصروفات الدعم 745 مليون ريال عُماني، وهو يزيد على المعتمد في ميزانية عام 2018م بنحو 20 مليون ريال عُماني وبنسبة 3 في المئة؛ نتيجة زيادة مُخصَّصات دعم الكهرباء لمواجهة النمو في الاستهلاك، كما يتضمَّن هذا البند مُخصَّصات دعم المنتجات النفطية ودعم القروض الإسكانية والتنموية والدعم التشغيلي للشركات الحكومية. وفي بند المصروفات الأخرى، تشمل مصروفات: خدمة الدين العام، والمصروفات الإنمائية للشركات الحكومية، ومساهمة الحكومة في رؤوس أموال الشركات والمؤسسات المحلية والخارجية، وجميعها بلغت 785 مليون ريال عُماني بزيادة قدرها 100 مليون ريال عُماني عن تقديرات ميزانية 2018م؛ نتيجة ارتفاع كُلفة خدمة الدين العام بمبلغ 150 مليون ريال عُماني، مقابل انخفاض المصروفات الإنمائية للشركات الحكومية، ومساهمة الحكومة في رؤوس أمول الشركات والمؤسسات المحلية والخارجية بمبلغ 50 مليون ريال عُماني.

ووفقًا للحسابات الأوَّلية، فمن المتوقع أن يبلغ العجز المالي الفعلي للسنة المالية 2018م نحو 2.9 مليار ريال عُماني، فيما يقدر عجز الميزانية للسنة المالية 2019م بنحو 2.8 مليار ريال عُماني وبنسبة 9 في المئة من الناتج المحلي. وقال البيان إنه وبمقارنة العجز خلال السنوات الثلاث (2016م و2017م و2018م) يتضح أنه مستمر في الانخفاض، كما أنَّ العجز المقدَّر للعام 2019م يقلُّ عن العجز في العام 2017م بنحو 1 مليار ريال عُماني؛ أي بنسبة تراجع 26 في المئة.

 

تمويل العجز

وقال البيانُ إنَّه وعلى الرغم من ظروف أسواق الاقتراض العالمية، وارتباطها بالتطورات الاقتصادية العالمية غير المواتية، فقد تمَّ توفير التمويل اللازم لتغطية العجز المعتمد في ميزانية العام 2018م؛ من خلال الاعتماد بشكل أساسي على الاقتراض الخارجي بأسعار الفائدة السائدة في السوق؛ حيث شكَّل الاقتراضُ الخارجيُّ ما نسبته 69 في المئة من التمويل اللازم، والاقتراض المحلي 17 في المئة؛ وذلك تجنبا لمزاحمة القطاع الخاص في توفير احتياجاته التمويلية من السيولة المحلية من جهة، ولتعزيز التدفقات والاحتياطيات من العملة الأجنبية وخفض عجز الحساب الجاري من جهة أخرى، وبلغت نسبة تمويل رصيد العجز المتبقي 14 في المئة من خلال السحب من الاحتياطيات. أمَّا بالنسبة لعجز الميزانية للسنة المالية 2019م، فسيتمُّ تمويله من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي بنسبة 86 في المئة أي بمبلغ 2.4 مليار ريال عُماني، بينما سيتمُّ تمويل باقي العجز والمقدَّر بنحو 400 مليون ريال عُماني من خلال السحب من الاحتياطيات؛ وذلك تنفيذا للتوجهات العامة بالمحافظة على احتياطيات الصناديق السيادية، وتقليل السحب منها قدر الإمكان، والاعتماد على الاقتراض لاسيما الخارجي لتمويل العجز.

ورَصَد البيان التقديرات الفعلية المتوقعة للسنة المالية 2018م، وقال: إنَّ السبب الرئيسي في عدم تحقيق المستهدف من الإيرادات غير النفطية في ذلك العام يعود لتأخر تطبيق بعض الإجراءات المقرَّة لتنشيط هذه الإيرادات. وأوضح البيان أن إجمالي الإنفاق العام في العام 2018م بلغ وفق التقديرات الفعلية (الأولية) نحو 2ر13 مليار ريال عُماني مقارنة بمبلغ 5ر12 مليار ريال عُماني حسب تقديرات الميزانية، أي بزيادة تبلغ نسبتها 6 في المئة، نتيجة ارتفاع المصروفات الإنمائية للمشاريع ومصروفات عدد من وحدات الجهاز الإداري للدولة؛ لتغطية احتياجات ضرورية وملحة، وارتفاع مصروفات دعم قطاع الكهرباء وخدمة الدين العام.

 

الأهداف العامة في 2019

وانتقل البيان بعد ذلك إلى إبراز أهداف الميزانية العامة لعام 2019م؛ حيث تهدف الميزانية العامة إلى تحقيق مجموعة من أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية تأتي في مقدمتها تحقيق الاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق. وقال البيان إنّ ضمان تحقيق الاستدامة المالية والعمل على توازن الإيرادات والنفقات العامة من أهم أهداف الميزانية، فقد تم تقدير الإيرادات والنفقات العامة لعام 2019 أخذًا في الاعتبار إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة ويحقق العوائد الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، والمحافظة على مستوى العجز ضمن المستويات الآمنة، وتخفيض حجم الدين العام، وتحسين هيكلة الإيرادات الحكومية من خلال رفع مساهمة الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات العامة مما يؤدي إلى تقليل الاعتماد تدريجيا على النفط، والاستمرار في خفض نقطة تعادل سعر النفط للإنفاق الحكومي.

وتسعى الميزانية كذلك إلى الاستمرار في تحفيز الاقتصاد الوطني؛ إذ تعد الميزانية من أهم المرتكزات المحركة للاقتصاد الوطني لتنفيذ أهداف الخطط الخمسية وإنجاز التنمية الشاملة والمستدامة من خلال استكمال مشروعات البنية الأساسية الداعمة لتحفيز النمو الاقتصادي، ومواصلة سياسات دعم التنويع الاقتصادي من خلال توسيع مشاركة القطاع الخاص، والحفاظ على مستويات المصروفات الاستثمارية في القطاعات المنتجة التي تساهم في زيادة معدلات التشغيل وتدعيم التنمية الاجتماعية، وتحقيق نمو اقتصادي بنسبة تتراوح بالمتوسط ما بين (2 إلى 3) في المئة بالأسعار الثابتة خلال الخطة الخمسية التاسعة، والمحافظة على استقرار معدلات التضخم على النحو الذي يحافظ على مستوى دخل الفرد، وإحالة عدد من الخدمات الحكومية ليتم تنفيذها وإدارتها من قبل القطاع الخاص من خلال نماذج الإدارة أو الشراكة (PPP or outsourcing)، وتوفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على إسناد حصة من المشاريع والأعمال الحكومية إليها، والاستمرار في تقديم القروض التي يقدمها صندوق الرفد وبنك التنمية العماني، ومراجعة وتحديث القوانين والتشريعات ذات الصلة بتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، والاهتمام بمخصصات الصيانة للأصول والمرافق والبنى الأساسية للحفاظ على الإنجازات التنموية المحققة وضمان استدامتها.

أمّا ثالث أهداف الميزانية العامة للدولة فيتمثل في الحفاظ على مستوى الخدمات الأساسية. وقد أكد البيان أنّ الحكومة تولي اهتمامًا كبيرًا برفع مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنين، ومن هنا فإنّ الميزانية تستهدف المحافظة على ما تم تحقيقه من إنجازات في هذا الشأن ومنها الحفاظ على مستوى الخدمات الاجتماعية ذات الأولوية للمواطنين. وقد بلغت نسبة الإنفاق المقدر لعام 2019 على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان والضمان والرعاية الاجتماعية 39 في المئة من إجمالي الإنفاق العام وتمثل الحصة الأكبر من الميزانية. وتستهدف الحكومة تعزيز الصرف على الإنفاق الاستثماري لتحسين المناخ الاستثماري لتمكين القطاع الخاص من إقامة مشروعات استثمارية ذات العائد الاقتصادي لإيجاد فرص عمل للشباب العماني؛ حيث يقدر ما سيصرف على المشاريع الاستثمارية خلال عام 2019م نحو (7ر3) مليار ريال عماني منه مبلغ (2ر1) مليار ريال عماني لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية التي تشرف عليها الوزارات والوحدات الحكومية و(5ر2) مليار ريال عُماني سيصرف من قبل الشركات الحكومية لتنفيذ مشروعات صناعية وخدمية ستساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل، ومن جانب آخر فإنّ الحكومة مستمرة في تفعيل المبادرات التي تم التوصل إليها في مختبرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ".

أما بالنسبة للتوظيف في القطاع الحكومي فإن ميزانية عام 2019م تتضمن نحو 5000 وظيفة شاغرة؛ حيث إن التعيينات في الجهات الحكومية مستمرة وفقا للاحتياجات الفعلية، خاصة في قطاعي التعليم والصحة والقطاعات الأخرى، إلا أنه يعول في توفير فرص العمل على القطاع الخاص بشكل رئيس باعتباره القطاع الذي يتولى مهمة القيام بكافة الأنشطة الاقتصادية في الدولة. وفي إطار حرص الحكومة على صقل وتنمية مهارات وكفاءات الشباب العماني الباحث عن عمل، يقوم الصندوق الوطني للتدريب خلال عام 2019م باستكمال خطة التدريب لعدد 6170 متدربا، إضافة إلى تدريب دفعات جديدة بهدف مواصلة رفع كفاءة القدرات البشرية العمانية، وتجسير الفجوة بين المخرجات التعليمية واحتياجات سوق العمل من خلال السعي إلى تعزيز التعاون بين القطاعات ذات الاولوية لتحديد فرص العمل المتاحة والتعرف على المتطلبات الحالية والمستقبلية. كما تستمر الحكومة في تنفيذ برنامج بناء المساكن الاجتماعية وبرنامج المساعدات الإسكانية النقدية للفئات المستحقة من المواطنين، حيث تم تخصيص مبلغ وقدره 90 مليون ريال عُماني، منه مبلغ 60 مليون ريال عُماني للقروض الإسكانية لبنك الإسكان العُماني، ومبلغ 30 مليون ريال عُماني مخصصات القروض التنموية والإسكانية.

وفي بند دعم الوقود، قال البيان إنه في إطار ما توليه الحكومة من اهتمام بالمواطن نحو تخفيف آثار وتبعات تحرير أسعار الوقود، فقد تم توفير المخصصات المالية اللازمة لنظام الدعم الوطني وقد بلغ عدد المسجلين في هذا النظام حتى نهاية عام 2018م نحو 325 ألف مواطن.

 

جهود التنويع الاقتصادي

وفي إطار مساعي الحكومة لتحقيق التنويع الاقتصادي فقد تضمنت ميزانية عام 2019م المخصصات المُقرة للقطاعات الخمسة المستهدفة ضمن البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" والمتمثلة في قطاع الصناعات التحويلية، وقطاع الخدمات اللوجستية، وقطاع السياحة، وقطاع الثروة السمكية، وقطاع التعدين. ويعول في هذا البرنامج على القطاع الخاص بشكل أساسي لتوفير التمويل والاستثمارات المطلوبة للمشاريع المستهدفة في هذا البرنامج، وتأتي مساهمة الحكومة- إضافة إلى توفير التمويل لبعض المشاريع الأساسية- من خلال تسهيل الإجراءات والعمل على تحسين بيئة الأعمال وتقديم الدعم والمساندة لهذه القطاعات.

وعرج البيان على الإجراءات المالية المتخذة لمواجهة عجز الميزانية وضبط الأوضاع المالية، وقال إن الحكومة اتخذت خلال الفترة الماضية عددا من الإجراءات في جانبي الإيرادات والإنفاق بهدف تحقيق الاستدامة المالية، وسوف تستمر خلال عام 2019م في الاهتمام بهذه الجوانب ومراقبة أدائها مع مراعاة سياسة التدرج في تطبيق هذه الإجراءات لتفادي أية تبعات حادة سواءً كانت اقتصادية أم اجتماعية. وستعمل الحكومة على تنشيط الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في الجهود المبذولة لرفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة، وتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع الخاصة، وتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية، وتعديل ضوابط تخصيص الأراضي (التجارية والسياحية والصناعية والزراعية)، وتطبيق الرسوم المعدلة للخدمات البلدية.

ومن بين إجراءات مواجهة العجز، العمل على ترشيد الإنفاق العام، من خلال إعطاء الأولوية في التنفيذ للمشروعات الضرورية التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتريث في تنفيذ المشروعات غير الملحة، واستمرار ضبط الصرف على المشتريات الرأسمالية، وعدم التوسع في الهياكل التنظيمية في الوزارات الحكومية، والتحول الإلكتروني في الجهات الحكومية بما يؤدي إلى التسهيل والتسريع في الإجراءات، ورفع كفاءة أداء الشركات الحكومية بهدف تعزيز مساهمتها في الاقتصاد والتأكيد على ضرورة تطبيق الحوكمة الجيدة، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي بهدف ترشيد استخدامه وتوجيهه للفئات المستحقة، والعمل على تخفيض كلفة إنتاج النفط والغاز من خلال استخدام أحدث الأساليب والتقنيات المستخدمة في الإنتاج، واتخاذ الإجراءات اللازمة لترشيد استهلاك الطاقة في المباني الحكومية وإنارة الطرق، وإشراك القطاع الخاص(Outsourcing)  في تنفيذ وإدارة بعض المشاريع والمرافق والأعمال من أجل تخفيف العبء المالي عن الميزانية والإبقاء على مستويات ومعدلات الاستثمار، والالتزام بالمخصصات المعتمدة في الميزانية للوزارات والوحدات الحكومية وعدم اعتماد أية مبالغ إضافية خلال السنة.

 

الانضباط المالي

وفي جانب التخطيط والانضباط المالي (الدعم المؤسسي)، قال البيان إنه نظرًا للتوسع الكبير الذي شهده الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة وسعيا لتحقيق الانضباط المالي وتصحيح مسار الإنفاق واحتوائه عند معدلات تكون قابلة للاستدامة وإعادة ترتيب الأولويات، فقد قامت وزارة المالية بإعداد إطار مالي للميزانية العامة للدولة متعدد السنوات (2019م - 2022م)، يشمل توقعات الإيرادات والنفقات والعجز أو الفائض، والتمويل على المدى المتوسط يرتبط بالسياسات الاقتصادية، وبناء القدرات الفنية والإدارية للنظم الضريبية والجمركية، واستكمال تفعيل الحساب المصرفي الموحد للخزينة العامة لتعزيز الإدارة الفاعلة للسيولة والتدفقات النقدية في الخزينة، واستكمال خطة التحول إلى موازنة البرامج والأداء في العام المالي 2019م وتحديد مؤشرات الأداء لعدد (13) وحدة حكومية. كما سيتم إعداد خطة تمويل متوسطة الأجل لتغطية العجز المقدر في الميزانية، وإعداد ميثاق لحوكمة الشركات الحكومية.

 

آفاق عالمية

وسلط البيان الضوء على توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد العالمي؛ حيث يتوقع الصندوق نموه بوتيرة مرتفعة نسبيا ليبلغ نحو 3.7 في المئة في كل من عامي 2018 و2019م، إلا أن النمو العالمي تحيطه مجموعة من التحديات؛ منها ارتفاع التوترات التجارية بين الاقتصادات الرئيسية وزيادة مستويات عدم اليقين بشأن اتجاهات السياسة النقدية في الدول المتقدمة وارتفاع مستويات المديونية العالمية إضافة إلى زيادة المخاطر الجيوسياسية. وفي شأن أسعار النفط العالمية، فقد شهدت تقلبات عديدة في عام 2018م؛ حيث وصلت لمستويات مرتفعة وبلغت نحو 89 دولارا أمريكيا للبرميل خلال شهر سبتمبر 2018م، إلا أنها ما لبثت أن انخفضت خلال فترة قصيرة إلى حوالي 50 دولارا أمريكيا للبرميل خلال شهر ديسمبر 2018م، نتيجة لعدة عوامل متعلقة بأساسيات السوق (العرض والطلب) ومنها مرتبطة ببعض المخاطر الجيوسياسية. وبالنسبة لتوقعات الأسعار لعام 2019م فإن تقديرات المؤسسات الدولية تشير إلى أن متوسط أسعار النفط سوف يتراوح ما بين 60 إلى 65 دولارا أمريكيا للبرميل، وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية لأسعار النفط، إلا أنه عند تقدير الإيرادات النفطية للميزانية ينبغي اتخاذ سياسات تحوطية تجنبا لأي تذبذبات قد تحدث في أسعار النفط.

وقال البيان إنه رغم التحديات التي شهدها الاقتصاد الوطني خلال الأعوام الثلاثة الأولى للخطة الخمسية التاسعة، إلا أنه تمكن من تحقيق معدل نمو إيجابي يتوقع أن يبلغ بالمتوسط ما بين 2 إلى 3 في المئة مع نهاية الخطة، وقد أشارت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجارية؛ حيث بلغت نسبة النمو خلال النصف الأول من عام 2018م (1ر15) في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2017م. ويأتي هذا النمو مدفوعا بارتفاع إجمالي الأنشطة النفطية لا سيما أنشطة الغاز الطبيعي بنحو (2ر23) في المئة إضافة إلى ارتفاع الأنشطة غير النفطية خلال ذات الفترة بنسبة (1ر5) في المئة نتيجة ارتفاع الأنشطة الصناعية وأنشطة قطاع التعدين واستغلال المحاجر. وقد بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية خلال النصف الأول من عام 2018م نحو (63) في المئة من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية، وتشير التوقعات الى استمرار التحسن في وتيرة نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال عام 2019م وتحقيق نمو لا يقل عن (3) في المئة بالأسعار الثابتة مدفوعاً بنمو الأنشطة النفطية وغير النفطية.

وتوقع صندوق النقد الدولي معاودة ارتفاع نمو الاقتصاد الوطني خلال عام 2018م ليصل إلى (3) في المئة بالأسعار الثابتة، كما يتوقع أن تسجل السلطنة أسرع معدل نمو بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال عام 2019م. وتوقع البنك الدولي استمرار تحسن الاقتصاد الوطني خلال عامي 2018م و2019م نتيجة لعدة عوامل أبرزها انتعاش قطاع الهيدروكربونات (النفطي) وزيادة إنتاج حقل (خزان) للغاز، وتوقع استمرار تحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة. أما بشأن معدل التضخم محليا فإن التوقعات تشير إلى أن معدله سيبلغ خلال عامي 2018م و2019م ما بين 2 إلى 3 في المئة. وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي فإن البيانات المالية تشير إلى ملاءة عالية في ظل نسب النمو الجيدة للناتج المحلي الإجمالي وسياسة ترشيد الإنفاق العام، بالتزامن مع استمرار البنك المركزي العُماني في انتهاج سياسته الإشرافية والرقابية المحكمة واتخاذ سياسة نقدية محفزة منسجمة مع السياسة المالية تستجيب للتطورات في أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي (عملة المثبت للريال العُماني) بكل كفاءة، وفي ظل هذه البيئة الاقتصادية المواتية تم الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي للسلطنة مما يدعم آفاق النمو والتنويع الاقتصادي وتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

 

تحقيق الاستدامة

واختتم البيان بالقول إنه رغم التحسن الذي شهدته أسواق النفط خلال عام 2018م، إلا أن التقلبات التي تشهدها هذه الأسواق تمثل تحديا للميزانية العامة للدولة؛ حيث لا تزال إيرادات النفط تمثل المورد الرئيسي للإيرادات الحكومية وبالتالي فإن أي انخفاض في أسعار النفط سيكون له تأثير على أداء ميزانية عام 2019م والاقتصاد الوطني. وأكد البيان أن ميزانية العام الجاري 2019م تستهدف تحقيق الاستدامة المالية من خلال المحافظة على مستوى العجز ضمن المستويات الآمنة وتخفيض حجم الدين العام ورفع مساهمة الإيرادات غير النفطية من إجمالي الايرادات العامة. وتستهدف الميزانية الاستمرار في تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال الحفاظ على مستويات المصروفات الاستثمارية ومواصلة سياسات دعم التنويع الاقتصادي من خلال توسيع مشاركة القطاع الخاص. ورغم التحديات المالية التي تشهدها ميزانية عام 2019م، إلا أنه تم الأخذ في الاعتبار الحفاظ على مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنين. وفي ختام البيان، تتشرف وزارة المالية أن تتقدم إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- بالتهنئة بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد 2019م سائلين المولى عز وجل أن يمن على جلالته بالصحة والعافية وأن يمد في عمره، كما نتقدم بالتهنئة للشعب العُماني الكريم ونسأل الله العلي القدير أن يكون عام خير وبركة ورخاء.

تعليق عبر الفيس بوك