الهاربون كانوا مدينة اسمها تدمر

مها دعاس | سوريا

 

ليس عبثا أن تأتيني المدينة على هيئة صور
تبدو الصورة مثالية
السماء زرقاء بلا كوارث
يباغتني السؤال تلو السؤال
يجيبني صمت مشروع
يتجاوز الإطار في حلق المسافات

أنا من هناك
قلبي من قلبها
ومن ترابها كامرأة تكونت وجبلت
بين الغيمات ودهشة
وما ترامى من صدى صوتي يصوب الحياد
رسائلي المكدسة كأشلاء زمن يحصي ساعات الغياب
في رحم أرض تحتضر بهاجس السقوط


إليك كل  يوم أكتب رسالة
أرسلها مع ضفائري وشرائط حريرية إلى سفوح الجبال
حروف اشتياقي مشكاة نور وصلاة
أعلم أني لا أجيد كتابة الرسائل
لا أتقن مخاطبة جلالة التلال
لكني أسمو بحضورك لطهر الرمال


بين يدي تتهاوى كل الدروب المؤدية إليك
إلى عنقي يتسلل هذا الموت نديا
يرد من كل الاتجاهات
يراكم العجز بين ضلوعي يباسا
ويغزوني كفرهم بلا استحياء

بينما كانوا يعبثون بأرضك
كان التراب يتكور في كبدي

ماتت آخر نخلة زرعتها بين أصابعي يوم سبيت "تدمورتا"
الآن علي أن أسمي الموت موتا
و ليس على الذاكرة أن تتمرد على المسميات الجديدة
أن تنصت للطوطوة الغريبة
تزرع الخراب في كل المعاني
تتناسل موتا بعد موت

الهاربون من الطوطوة مروا على جسدي
نسيوا ظلالهم ورائحة السواقي
شمس الظهيرة و نبوءة البسطاء
أزقة الشوارع القديمةو طعم القمح على خدودهم مناديل فجر
الهاربون ليسوا غبارا في جسد الصحراء
ليسوا طحالب توغلت في ثقوب الحجارة
وليسوا غيمات صيف تكدست في سماواتها
الهاربون كانوا مدينة
اسمها تدمر

تعليق عبر الفيس بوك