"QNB": السياسات المصرفية المستقبلية "أقل تشددا" في أمريكا بعد رفع "الاحتياطي" لأسعار الفائدة

 

الرؤية - خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إن بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي) الأمريكي قام برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 18-19 ديسمبرـ ويأتي هذا القرار على الرغم من الضغوط السياسية، والضيق الشديد في الأوضاع المالية، وآفاق النمو التي تبدو أقل تفاؤلاً، وتراجع معدلات وتوقعات التضخم.

وتعد هذ الزيادة في أسعار الفائدة هي الرابعة منذ بداية العام والتاسعة منذ أن بدأت دورة تشديد السياسة النقدية في ديسمبر 2015. وفي حين تم رفع النطاق المستهدف لأسعار الفائدة الفيدرالية إلى 2.25-2.50%، إلا أنّ المسار المستقبلي لحركة أسعار الفائدة أو متوسط التوقعات لزيادات بمقدار 25 نقطة أساس خلال 2019-2021 قد تم تخفيضه إلى 3 من 4 في سبتمبر.

ويرصد التقرير السببين اللذين كانا وراء رفع سعر الفائدة والحفاظ على التشديد الكمي، وكذلك السببين وراء إصدار الاحتياطي الفيدرالي لرسالة أكثر اعتدالاً حول مسار السياسة النقدية المستقبلية.

وفيما يتعلق بالسببين وراء رفع أسعار الفائدة والحفاظ على التشديد الكمي فإنّ تطبيع السياسة النقدية يدعمه الأداء الجيد للاقتصاد الأمريكي ونموه القوي، وانخفاض معدلات البطالة، والضيق المتزايد لسوق العمل. ومع استمرار الاقتصاد في النمو بحوالي نسبة 2.5 إلى 3% على أساس سنوي أو 0.6 إلى 1% فوق معدل النمو الممكن للناتج المحلي الإجمالي البالغ نسبة 1.9%، تتلاشى الطاقة الاحتياطية بسرعة. كما أنّ مختلف قياسات معدل البطالة تقارب أدنى مستوياتها خلال عدة عقود، في حين يتسارع نمو الأجور ليصل إلى أعلى مستوياته في 10 سنوات. وساهمت أحدث التخفيضات الضريبية في رفع تفاؤل المستهلكين والشركات الأمريكية. وبلغت مقاييس ثقة المستهلك والشركات الصغيرة مستويات لم يسبق تسجيلها إلا في ذروة طفرة التكنولوجيا خلال التسعينيات أو الارتفاعات القياسية الأخرى التي تمّ تسجيلها قبل نحو 45 سنة.

وبالإمكان أن يحدث تراكم داخلي لاختلال التوازن المالي والاقتصادي الكلي مع اختلالات في السلع أو سوق العمل أو أسواق الأصول عقب فترة من الثقة الزائدة والإفراط في الإنفاق. ويرى التقرير أنّ السياسة النقدية الأمريكية لا تزال بعيدة عن منطقة الشدّة. وحتى بعد الرفع الأخير للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فإنّ النطاق المستهدف لأسعار الفائدة الفيدرالية أدنى بمقدار 75 نقطة أساس تقريباً من التقديرات الرسمية لوضع التوازن طويل الأجل الذي يبلغ حوالي 2.75 إلى 3.00%. وقد تؤدي التحسينات في جانب العرض إلى رفع إمكانات الناتج المحلي الإجمالي ودفع هذا المستوى طويل الأجل أو المحايد من أسعار الفائدة إلى مزيد من الارتفاع، مما سيؤدي إلى خلق فجوة أوسع.

ثانيا، فيما يتعلق بتطبيع الميزانية العمومية، فإنّ مخاوف السوق الأخيرة بشأن التأثير المحتمل للتشديد الكمي أو لإنهاء التيسير الكمي ليست في محلها. ولا يوجد هناك أي دليل يؤكد فكرة أنّ عمليات البيع الأخيرة في السوق كانت مدفوعة بتشدد أوضاع السيولة في السوق بسبب التشديد الكمي. فإذا كان الوضع كذلك، وبالنظر إلى تكوين الأصول في الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، فإنّ مخاطر المدة كانت ستطغى على السوق وسترتفع علاوة مخاطر المدة في عائدات سندات الخزانة بدلاً من انخفاضها. لقد تراجع منحنى سندات الخزانة الأمريكية مؤخراً. ورغم تراجع فوائض الاحتياطي في الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي وللبنوك بمقدار 440 مليار دولار و1.1 تريليون مليار دولار، على التوالي، من الذروة التي بلغتها، فإنّ هذه الفوائض لا تزال في مستوى مرتفع عند 1.6 تريليون دولار.

لقد عززت السلطات النقدية استراتيجية التواصل لديها منذ 2013 عندما تسبب عدم اليقين بشأن الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في اضطراب السوق. وبناء على تلك التجربة، صمم بنك الاحتياطي الفيدرالي السياسة السلبية الحالية التي يمكن التنبؤ بها، والتي تتآكل فيها الأصول بشكل طبيعي مع عدم استبدال الأوراق المالية التي تبلغ آجال استحقاقها. وفعلاً، إنّ السقف مرتفع جداً لوقف عملية التشديد الكمي، كما أنّ حدوث ذلك أمر غير محتمل ما لم تظهر أدلة واضحة على تأثير التشديد على الأوضاع المالية بشكل عام.

وهناك سببان وراء الرسالة المهادنة لبنك الاحتياطي الفيدرالي بخصوص مستقبل مسار أسعار الفائدة؛ أولاً: تراجع التضخم والتوقعات بشأنه في الأشهر الأخيرة. وانخفض تضخم مؤشر أسعار المستهلك والتضخم الأساسي إلى 2.2% وذلك من 2.5% و2.9% على التوالي في شهر يوليو. وعلى نحو مشابه، تراجعت التوقعات بشأن تضخم سوق العقود الآجلة لأجل 5 سنوات بمقدار 30 نقطة أساس.

ثانياً: علاوة على ذلك، فإنّ عملية تصحيح كبيرة في أسواق الأسهم تقود تشديداً خارجياً للظروف المالية.

باختصار، في ظل استمرار الاقتصاد في الأداء الجيد، ولكن مع زيادة مخاطر الاتجاه الهبوطي للاقتصاد بسبب تشدد الأوضاع المالية، من المتوقع أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي في تطبيع سعر الفائدة بطريقة أكثر حذراً واعتماداً على البيانات.

تعليق عبر الفيس بوك