أزمة وظائف أم إشكالية اقتصادية؟!

 

 

خلفان الطوقي

 

تتكرر بين فترة وأخرى مطالبات الباحثين عن العمل بفرص وظيفية، وستتكرر بشكل مستمر خاصة مع ازدياد عدد السكان وازدياد عدد الخريجين عامًا بعد عام، مما يلزم الحكومة بالاستعداد الدائم لمواجهة هذه الطلبات لاسيما من حديثي التخرّج الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 30 عاما، وإيمانا من الحكومة أنّ نسبة الباحثين عن العمل أن زادت سوف تشكل تحديا اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، مما يستدعي الاستعداد المستمر للمحافظة على هذه النسبة في الحدود الصحية.

كما هو معلوم لمعظم النّاس أن الخليج العربي ومن ضمنهم عمان مرت بظروف صعبة منذ  عام 2014 إلى نهاية عام 2018، وذلك بسبب تذبذب أسعار النفط ونزولها إلى نسب قياسية معظم السنوات التي أشرنا إليها، فأكثر الدول التي تأثرت بالأزمة هي الدول المصادرة للنفط والغاز أو بمعنى أصح الدول التي يشكل النفط والغاز النسبة الأعلى لدخلها في موازنة الدولة، وبسبب هذه الأزمة الخانقة تمّ القيام بعمليات احترازية منها اتباع سياسات تقشفية في معظم الجهات الحكومية ورفع رسوم بعض الخدمات الحكومية، واستحداث بعض الرسوم وتأجيل بعض مشاريع البنى التحتية إلى أجل غير مسمى والاقتراض داخليا وخارجيا لتغطية العجوزات المالية، كل ذلك ساهم في عجلة الاقتصاد. وعندما نقول اقتصاد فنعني شركاء الحكومة وهم القطاع الخاص، الذين بدورهم تأثروا بشكل طردي بما حصل للحكومة؛ ومن ضمن الأثر الذي حصل لهم هو قلة التوظيف خاصة إذا مع تراجع الإنفاق الحكومي على المشاريع، وهو ما أثر بدوره على دخل القطاع الخاص الذي يعتمد بصورة كبيرة على المشاريع الحكومية.

إذا نظرنا إلى الوضع الاقتصادي الحالي بشكل محايد وواقعي وبناء على التحديات التي تواجهه، فإنّ مشكلة الباحثين عن عمل سوف تتكرر وسيناريو مطالبة الناس بفرص وظيفية سوف يتكرر، وكما يقال إن لكل مشكلة حلا، وفي الأزمات تتولد الأفكار والحلول، فعلى الحكومة أن تفكر أو تتحرك خارج الصندوق التقليدي الذي اعتمدت عليه سابقا؛ وهو توظيف مواطنيها في المؤسسات الحكومية الخدمية أو العسكرية، بل عليها خلق قطاع خاص منوّع وإنتاجي قوي من خلال توسعة رقعته ومن خلال حزمة تشجيعية تحفيزية تساعده على التوسع ولا تهدده بالإغلاق، على أن تتضمن هذه الحزمة التحفيزية تأجيل قرار رفع رسوم البلديات وباقي الرسوم وتأجيل ضريبة القيمة المضافة وحتى الضريبة الانتقائية وإعادة جدولة مستحقاته إلى الجهات التمويلية ودفع مستحقاته المتأخرة إن وجدت والتعامل معها كأولوية أولى ورصد كل التحديات التي يواجهها القطاع الخاص والتعامل معها من مبدأ الشراكة والتكامل والاستدامة.

وتوسيع رقعة الاقتصاد ستضمن للقطاع الخاص الربحية والاستمرارية والتوسع مما سيضمن طلبه لموظفين جدد وهكذا، أما إن تم فرض قيود إدارية من ناحية ورسوم من ناحية أخرى خاصة في أوقات الأزمات فمصيره الإغلاق والاتجاه إلى الاستثمار الخارجي أو الاستثمار المريح من خلال شراء أسهم وسندات عالمية، أو وضع ودائع بنكية أو شراء عمارة وتأجيرها. فليس هناك من قوة تستطيع منع القطاع الخاص اختيار نشاطه التجاري أو من الإغلاق إن استمرت القيود بشكل من الأشكال التي ستُسبب زيادة مضطردة في عدد ونسب الباحثين عن العمل.

هنا يأتي دور المسؤولين عن الملف الاقتصادي في البلاد في كيفية التعاطي مع ملف الباحثين عن العمل، فإما حلول وقتية ومبنية على ردود أفعال، أو حلول مستدامة تضمن انتعاشا اقتصاديا يحافظ على ديمومة التنمية في كل مناحي الحياة، فحسب ما يقررون، تكون النتائج.