الأمن الوظيفي

 

محمد السالمي

الأمن الوظيفي عادة ما يُشكل هاجساً لكثير من المواطنين، وكثيرا ما يُسلط الضوء على القوى العاملة الوافدة على أنها مشكلة يجب التعامل معها حيث يرون أنهم أولى بالتوظيف. ومن جديد أُعيد فتح هذا الملف على الواجهة، حيث تصدر هاشتاج يتعلق بالباحثين عن عمل في عمان. هل التوطين هو الحل؟ أم أنَّ الاقتصاد يجب أن يتسع للجميع؟، وماهي الأساليب الأنجع لمواجهة هذه المشكلة؟

عادة مع التوسع الاقتصادي ينتج توسع في دائرة التوظيف لكل من المواطنين والأجانب على حد سواء.

في هذا العام أقدمت اليابان على استحداث تسهيلات للقوى العاملة الأجنبية نتيجة نقص العمالة في بعض القطاعات مثل البناء والإسكان والزراعة، خاصة للعمالة غير الماهرة في سابقة من نوعها بعد أن كانت من أكثر الدول المحافظة في هذا الجانب. وفي نفس السياق، أقر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألمير خلال هذه الأيام القليلة تعديلات حول قانون الهجرة، والذي يلغي قيوداً في توظيف الأجانب بكثير من الوظائف، نتيجة التوسع الاقتصادي.

ولكن مع تزايد أعداد الباحثين عن عمل، واتساع الفجوة الزمنية بين بحث المتخرج عن الوظيفة وحصوله عليها.

وكيفية استجابة المؤسسات الحكومية لمُعالجة الأزمة تُظهر عمق المشكلة. فخلال السنوات الماضية تعاملت الحكومة مع الأزمة عن طريق اعتماد سياسة الاحتواء، وذلك عبر توظيفهم في القطاع العام، يمكن اعتمادها كحل مؤقت ولكنها ليست حلاً جذرياً للأزمة. فمع تذبب أسعار النفط، تشكل عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة وكفاءة المؤسسات، بالإضافة إلى تأخر الترقيات. أما الجانب الآخر وفي القطاع الخاص، منهم من يجحف في متطلب سنوات الخبرة. وفقاً لمركز الإحصاء الوطني، فالمجتمع العماني هو مجتمع فتي، حيث ما يُقارب ٤٠٪ من إجمالي المواطنين هم دون سن ٢٥، ونصف السكان هم دون الـ٣٠!!، فكيف لهم أن يحصلوا على الخبرات المطلوبة دون إتاحة الفرصة لاكتسابها. ويرجع بعضهم إلى المتطلب المعيشي للأجنبي كونه أقل من المواطن نسبياً.

هل التعمين يستطيع معالجة الأزمة ؟!، طُرحت خلال السنوات الماضية بعض التوصيات مثل التعمين النوعي، واعتماد برنامج لتمكين العمانين من العمل في المناصب القيادية، أو الوظائف التي تحتاج إلى العمالة الماهرة، وأيضاً توسيع دائرة توظيف المواطنين في القطاعات ذات نسب التعمين المنخفضة. ولكن لا تزال سياسة التعمين الحالية تفتقر إلى الرؤية الشاملة حول احتياجات القطاعات من العمالة الأجنبية. القضية مستقبلاً، قد تصبح أكبر من مجرد توظيف، أيضاً ما هي الفرص لتطورهم، ومورونتهم في مواكبة التغير الوظيفي.

ليست وزارة القوى العاملة هي وحدها المعنية بحل الأزمة، أيضا وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي معنيتان بالأمر، فمن الضرورة توجيه الطلاب وزيادة وعيهم، ويكونوا على دراية بالفرص الوظيفية وتوجهات السوق.

كما أن ظهور أكثر من ٣٠ مؤسسة تعليمية في السلطنة، وغياب إستراتيجية التميز والتفريق بين الشهادة المهنية والشهادة الجامعية لها أثر رئيس في الفشل. بالإضافة إلى أنه يجب أن يوجه الطلاب لأهداف تطلعية أكبر وليس السعي نحو الأسهل. على سبيل المثال، فتح المجال للاختيار بين الرياضيات البحتة والتطبيقية يحدد بشكل رئيس نوع ومدى اتساع تخصصات الفرد.

ما نريده اقتصادا يستوعب الجميع، مع إعطاء المواطنين الأولوية في ذلك، وألا يكون توظيفهم هو العبء.

تعليق عبر الفيس بوك