"حرب الناموس" وإخلاء أكشاك أتين!

< يتسأل الناس ما هو الهدف من هدم سوق الحافة فهو السوق الشعبي الوحيد في ظفار دون إيجاد بديل

علي بن سالم كفيتان

 

يُطْلِق الناسُ في ظفار على البعوض اسم الناموس، ولا أدري ما سبب التسمية، أو علاقتها بهذا المخلوق المزعج والفتَّاك؛ فخلال الأسبوعيْن الماضييْن اكتظَّت عناوين الصُّحف ومنصات التواصل الاجتماعي بحرب الناموس المنتشر منذ عُقود في ولاية مرباط؛ حيث كان رئيس البلدية على رأس الجُند المتوجهين لهذه المعركة الفاصلة مع هذا العدو الذي تجبَّر على كل المبيدات الحشرية قليلة التركيز التي تُنتجها الشركات المتخصصة بالمكافحة.

وفي الوقت نفسه، كانتْ هناك موقعة أخرى تدُور رحاها في ولاية السيب لتطهِير الولاية من فلول البعوضة الزاعجة المصرية، التي تنقلُ حُمَّى الضنك المميتة. السؤال الذي يفرضُ نفسه في كلتا المواجهتين: أين كانت بلدية ظفار وبلدية مسقط ووزارة الصحة من الأمر قبل حدوثه؟ لقد تهكَّم الكثيرون على عضو المجلس البلدي ممثل ولاية مرباط في بداية الدورة الحالية، عندما صرَّح لأحد البرامج الإذاعية بأن الولاية تتعرض للقصف من قبل البعوض يوميًّا، وأن الوضع مأساوي، إلا أننا أصبحنا اليوم أكثر فهمًا لهذا التحذير المبكِّر، سندعو الله لجنودنا المرابطين في درة الشرق ولاية مرباط بالنصر على البعوض، وسننتظر بشغف الاحتفال بالنصر المبين في السيب!

ولن نتساءل عمَّا يجري بولاية السيب -إحدى ضواحي العاصمة- من جراء انتشار البعوضة الأخطر على الإطلاق، ولا عن كيفية تكاثرها وانتشارها هناك؛ فلرُبما الأمر به بعض التهويل كما ذكر أحد المختصين على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وأضاف آخر أن هذا الإجراء يحدث سنويًّا ولا جديد في الأمر، إذن ما الذي خلف الأكمة؟ ورغم عدم ثِقتي بمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها أصبحت المورد الوحيد للأخبار؛ فلا متحدث رسمي من وزارة الصحة ولا بلدية ظفار أو بلدية مسقط، مُجرَّد بيانات مُقتضبة تعترف بوجود المشكلة وتحذِّر الناس، وتطلب تعاونهم، وبعدها "عينك ما تشوف إلا النور"، يُترك الحبل على الغارب للمغرِّدين على منصات الإعلام الجديد لتداول الحدث ونشر التكهنات!

قبل عدة أسابيع، وفي شأن آخر، تداول الناشطون الاجتماعيون حدثَ توزيع أراضٍ تجارية على ضفتيْ شارع أتين الحيوي لبعض المنتفعين، تحت مظلة ما بات يعرف بلائحة الإسكان الريفي، وساد هرج ومرج عن الذين تمَّ منحهم تلك الأراضي، وهل تنطبقُ عليهم شروط الاستحقاق وفق تلك اللائحة العتيدة التي تُغلق وتُفتح وفق مزاج المتحكمين بها، فحسب آراء عدد من المتداخلين عبر هذه المنصات، وجدوا أنَّ هذه اللائحة لا تعطِي الحقَّ بمنح أراضٍ للاستخدام التجاري، وهي مُفصَّلة لمنح الانتفاع بأراضٍ سكنية وزرائب للمواشي لسكان المناطق الريفية، لكنَّ الظاهر أنَّ الخياط هذه المرة وسَّعها شوي؛ فمثلما فتح هذا الاستثناء من الحظر الذي وضعه منذ عدة أعوام، فلن تعييه عملية تغيير استخدام الأراضي.

وبعيدا عن حرب الناموس في مرباط والسيب، انطلقتْ حملة أخرى لتصفية المنتفعين من المطاعم الشعبية بسهل أتين؛ ففي إجراء مفاجئ تم إخطار المواطنين المترزِّقين من مواقع الشواء وطبخ الأكلات الشعبية في سهل أتين بإخلاء المطاعم قبل بداية العام، وتسليمها لشركة أخرى. العجيب في الأمر أن المجلس البلدي الذي يرأسه رئيس البلدية التي أصدرتْ إخطارات الإخلاء للمواطنين انتفض، وحالياً يتأهب لعقد اجتماع طارئ في هذا الشأن حسب تصريحات رئيس اللجنة القانونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا ندري إن كان هذ الاجتماع سيُثمر عن شيء أم أنَّه مُجرَّد إجراء برتوكولي لامتصاص غضب المتضرِّرين ومنحهم بعض الوعود بالحصول على غَلَّة من الأراضي الجديدة على ساحل أتين، أو ربما التمديدات إلى ما بعد موسم الخريف!

يتساءل الناس: ما هو الهدف من هدم سوق الحافة، فهو السوق الشعبي الوحيد في ظفار، دون إيجاد بديل؟ والان، يأتي الدور على نقل المواطنين الذين استثمروا عَرَقهم وفِكرهم طوال الـ27 سنة لتطوير المطاعم الشعبية بسهل أتين، وباتت تشكل أحد المواقع المفضَّلة للسياح في كل المواسم. هل الهدف هو إفراغ المحافظة من محتواها السياحي الذي بات يُشكل الأيقونة الوحيدة المتاحة، بعد أن تم تجفيف منطقة صلالة الحرة، وترحيل معظم مشاريعها لمواقع أخرى؟ فهدمُ السوق الشعبي الوحيد بالمحافظة، وتوزيع أراضٍ تجارية تحت لائحة الإسكان الريفي، وإخلاء المطاعم الشعبية مِمَّن شغلوها لأكثر من ربع قرن علامات استفهام ستظل قائمة ما لم يتم إيجاد الإجابات الشافية لها.

-------------------------

نقطة نظام:

سَعِدنا كثيراً قبل يَوميْن بسماع خبر رفع جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة تقريرَه للعام 2017 للمقام السامي، فهل تقرير 2018 سيحتوي على توضيح عن آلية توزيع أراضي ضفتي شارع أتين؟ ثقتنا كبيرة بهذه المؤسسة التي تتبع لمقام مولانا -حفظه الله ورعاه.