لم لا يخاف الموت؟!


د. أحمد جمعة | مصر

ككل صباح..
أقرأ في صفحات الماء اللا متناهية
في أوراق الخطر
في خواصر عاهرات المرافئ البعيد.

حين أرى طفلا
يدس يده في الطين
ويمسح ملامح وجه صديقته،
فتتعالى منه ضحكات رقراقة،
أحس انني أمام شيء يشبهني جدا
ويفعل ما كنت أطوق لفعله
من سنوات.

لا أقول: إني شاعر بارع
أو إنني أرجوحة بين الجمل الشاهقة،
قد أكون ساذجا
بسيطًا
لا شأن له في الحياة،
أو منتحلًا للصفة،
أتباهى بريشة من خيال
_ قد أكون _
لكني مخرب الروح والجسد معا،
أشرب حتى أثمل
ثم أتكلم بنهم ألف سكير
حتى يؤلمني لساني،
ثم أضحك وأضحك
حتى ينتابني البكاء، فأسعل
وأكتب قصيدة فلسفية
عن السعادة.

في مثل هذا الوقت
-الغروب-
شارد الذهن، رث الهيئة،
أمضي في فراغ دائري
بعيدا عن الحياة،
يثقل في قدمي المشي،
فأجلس في ظل شجرة
قريبا من المقابر،
أراقب الجنازات جنازة تلو جنازة
ولا يسعني إلا أن أخرج كأس شرابي
وأهذي،
أنصت لهذا العصفور القائم أعلى رأسي
يغني ويتأرجح مع النسيم راقصا،
ويغر فمي؛ عجبا،
لم لا يخاف الموت؟!
كم نحن متشابهين!

يرتدي الكون حلة المساء
فأختلي بالبحر،
فما البحر والشعر إلا شئ واحد،
وأظل أضاجع الأمواج،
مع كل موجة..
تولد سمكة ملونة
بفمها قصيدة غزلية جديدة
أفكر أن أهديها معشوقتي،
حين يحسني أُنهِكت
يلفظني البحر كصدفة فارغة.

مت من أعوام
ومررت بالشجرة تلك،
لا زال العصفور هنالك يغني
وأشار إليّ بجناحيه
وهو يسلح عنوة في كأس شرابي!

 

تعليق عبر الفيس بوك