لحظة قبل أن تترشَّح

حمود بن علي الحاتمي 

 

أعلنتْ وزارة الداخلية، مؤخرًا، عن فتح بدء القيد في السجل الانتخابي لانتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة 2019، داعية المواطنين الذين لم يسبق قيدهم في السجل الانتخابي أن يُقدموا طلبات القيد إلى مكاتب أصحاب السعادة الولاة في الولايات التابعة لهم، أو من خلال موقع الوزارة الإلكتروني، وهو ما أطلق العنان لبدء تحركات وجس نبض المترشحين الجدد، وظهور لافت للأعضاء الحاليين في مختلف الفعاليات، مستخدمين في ذلك منصات التواصل الاجتماعي، مع إظهار ما قاموا به من عمل وطني لعله يلقى القبول من البعض، ويستأنسون بجُملة من المحيطين من حولهم، ومن بعض الأعضاء في المجموعات الواتسابية مجاملة منهم: "ما قصرت سعادتك كفيت ووفيت.. الرجل المناسب في المكان المناسب"؛ وبالتالي يضمن أنه باقٍ في منصبه.

التحركات تبدأ من الآن؛ فالمترشحون سيقومون بدور تسجيل الناخبين الذين لم يسبق لهم القيد، ويجمعون البطاقات، وبعضهم سيعمل على سحب القائمة من السجل الانتخابي متى ما أتيح له ذلك، ويبدأ بالتواصل معهم فردًا فردًا. والعمل يبدأ من اليوم وليس عند فتح باب الترشح؛ وفرصة جمع أكبر قدر من البطاقات وضمان قدر كبير من الأصوات. كم كنت أسأل نفسي: هل يعي هؤلاء المترشحون الأدوار التي تنتظرهم؟ هل يعي هؤلاء الآمال التي يُعلقها المواطن العُماني عليهم؟

لن أدخل في تفاصيل الأدوار، لكنني سأتحدث بصوت الباحث عن عمل: أين وصل موضوع التوظيف؟ وماذا قدمت أنت سعادة العضو في هذا المجال؟ هناك أسر تنتظر توظيف ابنها الذي قضى سنوات في الدراسة الجامعية وسنوات أخرى بالأجر اليومي، ولا تلوح في الأفق بوادر حل للقضية؟ أين وعدك في هذا المجال؟

سأتحدَّث باسم التاجر الذي كسدتْ تجارته، وزاد فرض الرسوم عليه، ولا أُفُق يظهر!! سأتحدث باسم  أصحاب المكاتب العقارية التي قصمت ظهرها وزارة الإسكان برسوم عالية وانخفضت أسعارها ولم تعد ضمن قائمة الاستثمار الذي يلجأ إليه المواطن في استثماراته!! ساتحدث باسم أصحاب الورش الصناعية التي أُغلق بعضها والركود التام في الحركة الصناعية، ورش خاوية بسبب رسوم وزارة البيئة والشؤون المناخية  العالية!! أتحدث باسم المشاريع السياحية، هل تستطيع أن تفتح لهم مسارات في السياحة أم تعتذر لهم (وتقول: قابلت الوزير ورفض). نعم، سيرفض، لأنك لا تملك رؤية تقنع بها الوزير، سأتحدث باسم أهالي المخططات الجديدة التي لم تقدم لها الخدمات ومطالباتهم مستقرة!! سأتحدث باسم أهالي قرى المارات وكرب وبلد سيت هذه القرى الجبلية، ومثلها في مختلف محافظات السلطنة، والتي لا تحظى بأبسط الخدمات؛ ومنها: المياه، والاتصالات، وهم مع كل استحقاق وطني يتجشَّمون العناء من أجل انتخابك لعلك تشعر بهم وتتبنى مطالبهم!! سأتحدث باسم الأندية الرياضية التي تُعاني من أزمات، وجمدت أنشطتها تحت وطأة الديون!!

سأتحدث إليك سعادة العضو، الذي أصبحت تتصدَّر الأخبار في رعاية الاحتفالات لمؤسسات خاصة وحكومية، وجربت الامتيازات في الحصول على الأراضي بمختلف استعمالاتها، قبل أن تترشَّح مرة أخرى: ماذا قدَّمتم سعادتكم لكل من سبق ذكرهم وتحدثت باسمهم؟!

البعض يرى أن الدورة الحالية لأعضاء مجلس الشورى خذلت المواطن، وكانت أقل فاعلية، ولم تعالج قضايا يعاني منها المواطن وتمس معيشته من خلال فرض الرسوم والتراجع بمستوى تقديم الخدمات.

الرستاق لم تحظَ بخدمات خلال السنوات الأربع الماضية سوى ازدواجية طريق العراقي-حي السرح، والعراقي-المربا، وتوصيل المياه لقرية جما والمسفاة، وتوقفت خدمات رصف الطرق، وكذلك الصرف الصحي وتوصيل المياه لباقي القرى والمخططات الجديدة؛ ومنها: حي الأمجاد على وجه الخصوص.

أيُّها المُقدِم على الترشح، وأصحاب السعادة الأعضاء الذين ستحظون بمقعد جديد في المجلس، إنَّ الوطن سيُسائلكم على ما قدَّمتموه من وعود للناخبين؛ فتقولون: "هذا من اختصاص المجلس البلدي"، فأين ذهبت وعودكم؟ ألا تقدرون شيخًا أتى من أعالي الجبال لينتخبكم؟ ألا تقدرون مريضًا قام وتحمل المرض من أجل ترشيحكم؟ ألا تقدرون عاملا ترك مقر عمله في الصحراء من أجل ترشيحكم؟ المواطن البسيط لا يعنيه تصدُّركم في المناسبات ورعاية الاحتفالات، وظهوركم المتعمد في الفعاليات المجتمعية للتذكير بوجودكم، وإن كان دوركم تشريعيًّا ورقابيًّا -كما تقولون- إذن، فما هي إنجازات الكثير منكم؟

أُبارك لكم الامتيازات التي حصلتم عليها بفضل عضوية مجلس الشورى، وأطلب منكم مُخاطبة ذواتكم، هل تستطيعون مواكبة المرحلة القادمة، وتكون أدواركم فاعلة وواضحة، وتتركون رعاية الاحتفالات والاهتمام بقضايا المواطن التي يعايشها كل يوم؟ أم تُقدمون مصلحة الوطن على مصالحكم وتُفسحون المجال للمترشح القادم الذي يحمل رؤى واضحة للمستقبل؟!

وطني كبير وعظيم، نهض بحكمة قائده المفدى، وسياسته الحكيمة، وأتاح الفرصة للشباب، واليوم الوطن يحتاج إلى سواعد مُخلِصة تأخذ به نحو المستقبل.

-----------------------------

رسالة إلى المواطن:

"رشِّح من يستحق بوعي، فلا تُغريك فصاحة اللسان، ولا الوجاهة، ولا القبيلة، ولا التدين.

رشِّح المُلم بقضايا الناس، والذي يتبنى قضاياهم، والمؤمن بها، رشِّح من يمتلك كاريزما قوية، وله قدرة على الإقناع بما يمتلك من مهارة.

لا تعِد مترشحًا بصوتك، واجعل صوتك حرًّا حتى تصل إلى صندوق الانتخاب، وتمتلك خطَّ الرجعة حينما تتضح لك أمور حول مرشحك.. فصوتك أمانة".